عام >عام
قمة تاريخية فلسطينية - أميركية بحفاوة بالغة في البيت الأبيض
الرئيسان عباس وترامب يلتزمان العمل للتوصّل إلى صفقة سلام تاريخية
الخميس 4 05 2017 09:24هيثم زعيتر
خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرتاحاً من القمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي عُقِدَت أمس (الأربعاء) في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، والتي من المتوقّع أنْ تؤسّس لـ "صفقة سلام تاريخية" بشأن القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي.
لقاء القمة الذي جاء تلبية لدعوة شخصية كان قد وجّهها الرئيس ترامب إلى الرئيس عباس من خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه (10 آذار 2017)، يُتوقّع أنْ تساهم بالوصول إلى حل تاريخي لأطول نكبة ما زال أهلها يعانون الاحتلال واللجوء منذ العام 1948.
وقد ظهرت الحفاوة في استقبال أكبر رئيس دولة في العالم لرئيس آخر دولة تنتظر تحقيق الاستقلال الناجز، لحظة نزوله من السيّارة، في أوّل زيارة له إلى البيت الأبيض منذ 3 سنوات.
وجاءت زيارة الرئيس الفلسطيني خامس زعيم عربي وبعد شهرين ونيّف على استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتفتح الطريق بالوصول إلى اتفاق سلام.
ارتياح الرئيس الفلسطيني، وعرض المراحل التي مرّت بها القضية الفلسطينية، وغياب الشريك الإسرائيلي لتحقيق السلام، وضرورة إلزام المحتل الإسرائيلي بالمواثيق والقرارات الدولية، سمعها الرئيس الأميركي الذي أكّد على "عمق الشراكة مع الفلسطينيين والتزامه العمل من أجل التوصل على صفقة سلام"، واصفاً الرئيس عباس بأنّه "يعمل بشجاعة من أجل السلام، وسنعمل بكل جدية من أجل تحقيق السلام"، مثمّناً "دور السلطة الوطنية الفلسطينية ومحاربة الإرهاب".
فيما الرئيس المؤمن بعدالة قضيته، أكّد على "الخيار الاستراتيجي لفلسطين، وهو حل الدولتين وفق مبادرة السلام العربية، وأنه آن الأوان لأن تنهي إسرائيل احتلالها ليحصل الفلسطينيون على حريتهم وحقهم بتقرير مصيرهم".
وكان ترامب واضحاً بتأكيده إلتزام "العمل مع الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) للتوصل إلى سلام عادل، ولن نفرض على أحد من الطرفين ذلك بالقوة وسنعمل على إنجاز ذلك".
وأبدى الرئيس الفلسطيني تطلّعه إلى العمل على"تحقيق صفقة السلام التاريخية مع الرئيس ترامب".
وكان الرئيس ترامب قد استقبل الرئيس عباس في البيت الأبيض، وعقدا اجتماعاً ثنائياً، تلاه آخر موسّع بحضور الفريقين الأميركي والفلسطيني، بحثا خلاله سبل تحريك العملية السياسية.
بعد ذلك عقدا مؤتمراً صحفياً مشتركاً أكدا خلاله التزامهما بالعمل من أجل التوصل إلى صفقة سلام تاريخية.
ترامب
وقال الرئيس ترامب: "إن الرئيس عباس يعمل منذ 24 عاماً بشكل حقيقي وشجاع لتحقيق السلام، وقد وقع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (إسحق) رابين اتفاقاً لتحقيق الاستقرار والسلام للشعبين وللإقليم".
وشدّد إلتزامه بالعمل مع الجانبين من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، مؤكداً في الوقت ذاته أن "الولايات المتحدة أو أي جهة أخرى، لا تستطيع أن تفرض اتفاقاً على أي طرف، فعلى الفلسطينيين والإسرائيليين العمل مع بعضهم للتوصل إلى اتفاق كي يعيش الشعبان ويحققا السلام والاستقرار، وسأفعل كل ما هو ممكن وضروري لتسهيل الوصول إلى اتفاق سلام بين الجانبين، فالسلام مهم لوضع حد للمجموعات التي تهدد حياة الناس، وتحدثت مع الرئيس عباس حول كيفية محاربة تنظيم "داعش" والمجموعات الإرهابية الأخرى، وقد أكدنا ضرورة أن يكون هناك شراكة مع قوات الأمن الفلسطينية لمحاربة الإرهاب".
وأشار الرئيس ترامب إلى أنّه ناقش مع الرئيس عباس "جهود إدارته من أجل أن يتحقق ذلك، ومن أجل إيجاد فرص اقتصادية للشعب الفلسطيني من خلال الشراكة بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، عبر دعم القطاع الخاص ومحاربة الإرهاب، وضمان الأمن الإقليمي للتقدم نحو السلام".
وكرّر الرئيس الأميركي ترحيبه بالرئيس عباس، وقال: "إن هذه الزيارة تظهر عمق العلاقة والشراكة الخاصة التي تجمعنا معاً من أجل العمل لتحقيق التقدم، وتوقيع اتفاق مع الإسرائيليين من شأنه أن يؤدي لتحقيق السلام بين الشعبين".
وشدّد الرئيس الأميركي على أن اللقاء مع الرئيس عباس فرصة عظيمة لتحقيق السلام، وقال: "نريد أن نبدأ عملية تؤدي إلى سلام حقيقي، وسأبرهن أن لدينا القدرة على ذلك".
عباس
فيما قال الرئيس عباس: "إن خيارنا الاستراتيجي الوحيد، هو تحقيق مبدأ حل الدولتين، فلسطين على حدود 67 بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام واستقرار، مع دولة إسرائيل، وتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، يعطي دفعة قوية لتحقيق مبادرة السلام العربية، ويعزز التحالف الإقليمي والدولي لمحاربة وهزيمة التطرف والارهاب، خاصة "داعش" الإجرامية التي لا تمت إلى ديننا الحنيف بأية صلة، ويتيح الفرصة لأن تقوم الدول العربية والإسلامية بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، وهذا بالضبط ما حددته القمم العربية، التي كان آخرها قمة الأردن قبل أسابيع".
ورأى أنّ "جميع قضايا الوضع النهائي قابلة للحل بما يشمل اللاجئين والأسرى، وذلك استناداً للقانون الدولي والشرعية الدولية والمرجعيات المحددة، وقد نصت الاتفاقات السابقة على عدم اتخاذ أية خطوات أحادية من شأنها استباق نتائج مفاوضات الوضع الدائم".
ولفت الرئيس عباس إلى أنه "آن الأوان أن تنهي إسرائيل احتلالها لأرضنا وشعبنا بعد 50 عاماً من الاحتلال، نحن الشعب الوحيد الذي بقي في هذا العالم تحت الاحتلال، لذلك نريد أن نحصل على حريتنا وكرامتنا وعلى حقنا في تقرير المصير، وأن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين كما نعترف نحن بدولة إسرائيل".
وأوضح "إنّنا نربّي أطفالنا وأحفادنا وأولادنا على ثقافة السلام، ونسعى ليعيشوا بأمن وحرية وسلام مثل باقي أطفال العالم، بمن فيهم الأطفال الإسرائيليون".
وتابع: "أحمل معي معاناة وأمل الشعب الفلسطيني لنجعل من الأرض المقدسة للديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام ملاذاً يوفر الأمن والأمان والسلام والاستقرار والعدل للجميع".
وتوجّه الرئيس الفلسطيني بالشكر إلى نظيره الأميركي على دعوته الكريمة وحفاوة الاستقبال، مبدياً "الأمل بالعمل معه للتوصل لهدفنا المشترك بتحقيق صفقة السلام التاريخية".
وختم الرئيس عباس: "إننا نؤمن بقدرة الرئيس ترامب وإدارته على النجاح، ولديكم الإرادة والرغبة في هذا النجاح، ولذلك نحن إن شاء الله، قادمون على فرصة جديدة ومناسبة جديدة لتحقيق السلام برعايتكم، وسنكون شركاء حقيقيون لكم لتحقيق معاهدة سلام تاريخية".
وأقام الرئيس ترامب مأدبة غداء على شرف الرئيس عباس، بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والفلسطينيين.
ثم غادر الرئيس عباس البيت الأبيض، متوجّهاً إلى مقر إقامته في العاصمة، واشنطن، والتقى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وعدداً من كبار الشخصيات الأميركية.
من جهته، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل أن "ترامب قد يعطي فرصة جيدة، ولديه هامش أكبر من الجرأة، ويستطيع أن يحدث تغييراً في التعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي".