عام >عام
"أمر عمليات" من عون: "لا تتركوهم طلقاء"
الجمعة 5 05 2017 10:21لنّ نولِّي علينا الطلقاء من كافّة مشارب الإرهاب ومغاربه، فمن قتل جنديّاً أو تلطخت أيديهم بدمائه أو من كان له دورٌ قريبٌ أو بعيد في سفك دم أصحاب البزة المرقّطة، لن يُتْرَك طليقاً، بل سَيُجَرُّ إلى قوس العدالة لنيل العِقاب الذي يستحقّه. هو وعدٌ من قائد الجيش العماد جوزيف عون، لا بل سيناريو تنفيذيٌّ مُتَّبَعٌ قِوَامه عدم ترك أيّ متورطٍ بقتل عسكريٍّ طليقاً.
إنتقل الجيش في الفترة المُمتدّة من بداية عام 2016 حتى الآن، نحو إعتماد عمليات ذات طابعٍ أمنيّ تولّتها إمّا مديريّة المخابرات، أو أفواج النخبة، الغاية منها تنفيذ حرب إستباقية دائمة تكون فيها المبادرة لصالح الجيش. جرى خلال هذه الفترة الاقتصاص من عشراتِ أفرادِ وقياديي الإرهابيين المسؤولين عن الاعتداء على عسكريين. بات في جعبة الجيش عددٌ لا بأس به من الجناة أبرزهم، أحمد يوسف آمون، طارق الفليطي، سامح البريدي (قتل)، حسن المليص وليس آخراً يوم أمس الأوّل عمر حميّد الملقّب بـ"عمر التوملي"، شقيق الإرهابية جومانة حميّد وقاتل الرائد بيار بشعلاني، فكلُّ واحدٍ من آنفي الذكر لديه سجلٌّ إجرامي، اقتص منه الجيش.
الموقوف الأخير ليس إسلاميّاً عاديّاً، ولم يجنّد اعتباطيّاً طمعاً في حفنة مال، بل متطرّف مدرك لأبعاد ما انخرط به. شقيقه يدعى أحمد حميّد، إرهابي ذائع السيط في عرسال مبايع لجبهة النصرة، لكنّه على غرار شقيقه، منضمّ انطلاقاً من أبعادٍ فكريّة. كان الرجلان يعملان سويّاً قبل الحرب السّوريّة في مجال التهريب، مثلهم مثلُ عددٍ كبيرٍ من أبناء عرسال، لكن المفارقة كانت في تحويل تجارتهما لصالح الإرهاببين وأميرهم أبو مالك التلّي متولّين تأمين ما يحتاجه هؤلاء.
في شباط عام 2013، كانت دورية من فوج المجوقل تلاحق إرهابي مطلوب يدعى علي حميّد، على صلة قرابة بالشقيقين حميّد، فتعرّضت لكمينٍ مسلّح في جرود عرسال تخلّله إطلاق نار نتج عنه استشهاد الرائد بيار بشعلاني والرقيب أول إبراهيم زهرمان وإصابة عدد من العسكريين بجروح. اختطفت أجساد العسكريين الشهداء والجرحى واقتيدت إلى مبنى بلدية عرسال، حيث جرى هناك التنكيل بالجثث بصورةٍ بشعة. يومها، لم يخفِ "عمر" علاقته بالكمين وحادثة التنكيل، وذلك في اتّصالٍ جرى بينه وبين شقيقه "أحمد" الذي كان موجوداً في الجرود، تعقّبته مديرية المخابرات وتمتلك عيّنة منه. وعلم "ليبانون ديبايت" أنَّ "عمر حميّد" اعترف لشقيقه عبر الهاتف متفاخراً بأنّه شارك في الكمين والاعتداء جسدياً على الضابط والرتيب الشهيد والتنكيل بجثثهما، وهي حادثة أكّدها شقيقه "أحمد" الذي أُوقِف لاحقاً، وحشد آخر من الموقوفين الذين تقاطعت إعترافاتهم حول انّ "عمر" هو قاتل الرّائد.
كيف تم الايقاع بالتوملي؟
أمّا عن كيفية حصول عملية الاقتصاص من قاتل الرائد الشهيد، فقد أكّدت مصادر معنيّة لـ"ليبانون ديبايت"، أنّها أتت "نتيجة معلومات دقيقة مبنيّة على مُعطيات الرصد والمتابعة التي وفّرت معرفة عن مكان تواجد المطلوب الملاحق منذ مدّة، فتوجّهت قوّة من فوج المجوقل مطعّمة بعناصر من مديريّة المخابرات وانقضّت عليه مستغلةً عنصر المفاجئة، وهو ما دفعه لإطلاق الرصاص صوب القوّة المُدَاهِمَة التي ردَّت بالمثل على قدميه بهدف اخراجه حياً فسقط ارضاً واعتقل واقيتد إلى خارج البلدة براً".
وتكشف الوقائع التي حصل عليها "ليبانون ديبايت"، ان العملية نفذت ليل الاربعاء 3 أيار 2017، بعيد مغيب الشمس بقليل، واختير هذا التوقيت لعلاقته بتأمين راحة أكثر في العمل وتوفير عوامل انجاحه. ولم يظهر في المعلومات ما له علاقة بحٔصول العمليّة قبل هذا التاريخ أبداً، وهذا أكّدته الوقائِع الميدانيّة في عرسال التي وفّرها مدنيّون سمِعوا إطلاقَ نارٍ واضحاً في البلدة تلك اللّيلة، مودّعين ما سمِعوه لدى الجهات المختصّة، وهذا مسجّل أيضاً في محفوظات قوى الأمن الداخلي والمقاومة الاسلامية على حدٍ سواء، وفقاً لما أكّده مصدر في الإعلام الحربي ل"ليبانون ديبايت".
لن تكون الأخيرة
عملية القبض على المطلوب "التوملي" لن تكون الأخيرة، إذ تؤكّد مصادر معنية لـ"ليبانون ديبايت" أنَّ "الجيش يتّبِع أسلوب تنفيذ العمليات الأمنية السريعة والمباغته المٔخطّط لها بعِناية مسبقاً انطلاقاً من بنك أهداف يضمّ أسماء عددٍ من المطلوبين الأساسيين باعتداءاتٍ على العسكريين أو بالانضمام لتنظيماتٍ إرهابيّة وشغولهم مناصِبَ قيادية فيها" مؤكدةً أنَّ "قائد الجيش أعطى أوامره بعدمِ ترك أيّ متورط خارج إطار المحاسبة".
وتلفت، إلى أنَّ "بنك الأهداف نُفّذ منه الكثير، وهو ما أعاق بشكلٍ واضحٍ قدرات المسلحين على التحرك وأصابها بمقتل".
وفي الحديث عن احتمال قيام الجيش بعمليّةٍ عسكريّة واسعة وخاطفة في الجرود، أكّدت المصادر أنَّ "هذا الأمر يحتاج إلى ترتيبٍ خاصٍّ، وحتماً النيّة من خلفه هي تحقيق ضربة عسكرية والتأثير على هيكلية التنظيمات الإرهابيّة" وإذا ما أخذنا عمليّات الجيش الأمنية الحاليّة في إطارٍ تحليليٍّ، نستخلص أنَّ الهدف العام لأيّ عملٍ عسكري واسع، هو تحقيق هدف عسكري وحصاد المكتسبات، وكونها تتوفّر في هذا النوع من العمليّات المباغته، يصبح لا داعٍ إطلاقاً لعمليةٍ مباشرة وواسعة طالما أنَّ الأهداف يجري تحقيقها من خلال النموذج أعلاه. لكن حُكماً، هذا السيناريو سيؤسس في الدرجة الأخيرة بعد أنْ يحقق العمل الأمني مبتغاه، لعملٍ عسكريٍّ حاسم وشامل يبني تحركه على تعرّض الجسد الإرهابيّ للترهّل والانهيار الذيْ سيُستتبع بالضربة القاضية التي تأتي في ظرفٍ حسّاسٍ لتُجهز عليه، تاركةً في الوقت نفسه هامش "تقرير توقيت عملية واسعة فور توافر كافّة العوامل والظروف".