عام >عام
هنيّة لقيادة "حماس".. التزام بالنهج والإستراتيجية
انفتاح مع "فتح" ومصر وتقارب إقليمي
الاثنين 8 05 2017 09:37هيثم زعيتر
سارت الأمور كما هو مرسوم لها بإعلان اختيار الدكتور إسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسي لحركة "حماس" خلفاً لرئيس المكتب الحالي خالد مشعل، الذي أعلن ذلك أمس الأوّل (السبت) من العاصمة القطرية، الدوحة.
وجاء إعلان الفوز بعد التنافس مع القيادي الحمساوي الدكتور موسى أبو مرزوق، حيث جرت الانتخابات بين الدوحة ومختلف مناطق أعضاء مجلس الشورى المركزي، الذي يضم 45 عضواً عبر نظام "الفيديو كونفرس".
لكن، ماذا يعني انتخاب هنية لرئاسة المكتب السياسي، في التوقيت والدلالات:
* في التوقيت:
- جاء اختيار "أبو العبد" بعد إنجاز الحركة لانتخاباتها الداخلية وفي أقاليمها: الضفة الغربية، قطاع غزّة، والشتات وللأسرى داخل سجون الإحتلال الإسرائيلي، بإشراف لجنتين قضائية ورقابية داخل الحركة.
- تحقيق مبدأ المداورة، بعد عدم إمكانية مشعل الترشّح لولاية جديدة، والتي استمرّت منذ العام 1996، ثم قائداً للحركة إثر اغتيال الشيخ أحمد ياسين، بعدما كان يشغل هذا المنصب أبو مرزوق الذي انتخب أوّل رئيس للمكتب السياسي للحركة في العام 1992، قبل اعتقاله من قِبل السلطات الأميركية في العام 1995.
- بعد إعلان مشعل وثيقة "حماس" الجديدة (الإثنين الماضي)، التي تعبّر عن رؤية الحركة للمرحلة المقبلة بعد 30 عاماً على تأسيسها.
* في الدلالات:
- لا يُتوقّع أنْ يتغيّر الكثير في سياسة الحركة وعلاقاتها، لأنّ النهج والاستراتيجية يضعهما مجلس شورى في "حماس".
- أما تغيير قائد جديد، فإنّ أسلوبه وأداءه، هو الذي سيكون مختلفاً، لأنّه أكثر انفتاحاً وتعاوناً على الصعيد الفلسطيني، وارتياحاً وقبولاً مع مصر، ولديه علاقات مع إيران، وهذا يعني أنّ هنيّة الذي تولّى مهام ومسؤوليات متعدّدة، اكتسب خلالها خبرات وتجارب، يمكن أنْ يستفيد منها في حلحلة الكثير من العقد وتحقيق اتفاقات.
- القيادي الحمساوي، المولود في العام 1963 في مخيّم الشاطئ في قطاع غزّة من أبوين لجآ من مدينة عسقلان، إثر نكبة العام 1948، كان متفوّقاً في الدراسة، وحقّق تحصيلاً علمياً، وكان ناشطاً في مجال "الجامعة الإسلامية" في غزّة، قبل أنْ يعتقله الإحتلال الإسرائيلي ويزج به في السجون ويبعده إلى مرج الزهور في لبنان (17 كانون الأوّل 1992)، ضمن 415 مبعداً، حيث عاد في الدفعة الأخيرة (15 كانون الأوّل 1993)، وعين عميداً في "الجامعة الإسلامية"، وتسلم مهام مدير مكتب الشيخ أحمد ياسين، قبل أنْ يفوز على رأس "لائحة التغيير والإصلاح" بالانتخابات التشريعية في العام 2006، حيث كلّفه الرئيس محمود عباس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي تولّى نيابة الرئاسة فيها رئيس "كتلة فتح البرلمانية" عزام الأحمد، ولكن بعد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزّة في حزيران 2007، كلّف الرئيس عباس الدكتور سلام فياض رئاسة الحكومة، واستمر هنيّة برئاسة الحكومة في قطاع غزّة، وكان يخطب في المسجد ويؤم المصلين إلى أنْ تمّ التوصّل إلى "إعلان الشاطئ" (23 نيسان 2014)، فقدّم استقالته من رئاسة الحكومة إفساحاً بالمجال أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن حصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وعاد خلط الأوراق.
- انطلاقاً من علاقاته الجيدة مع الرئيس عباس وحركة "فتح"، يُتوقّع أنْ تكون لذلك بوادر إيجابية، يؤمل أنْ تساهم في إعادة تفعيل الاتصالات لتنفيذ بنود المصالحة الفلسطينية وما تلاها، وإنهاء حالة الإنقسام الحالية، خاصة بعد إعلان "حماس" في قطاع غزّة عن تشكيل إدارة لتتولّى شؤون القطاع، وعدم تمكين الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور رامي الحمدالله الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة في القطاع كما الضفة الغربية.
- كذلك فإنّ علاقات هنيّة مع مصر جيدة، ويعوّل عليها بإعادة الوئام ودفء العلاقات.
- وتبقى العلاقات المميّزة التي تربط هنيّة بإيران، والتي عليه أنْ يوازي بشأنها مع الإقليم العربي، في ظل القطيعة القائمة لتدخّل إيران بشؤون أكثر من بلد عربي.
- انتخاب هنيّة الذي يأتي في ظروف غاية في الأهمية، ينطلق من تنفيذ وثيقة "حماس" ببنودها الـ42 التي توزّعت على 12 عنواناً أجابت عن التساؤلات المطروحة، والتي يجب أنْ تبقى تحت سقف إطار الدخول إلى "منظّمة التحرير الفلسطينية" والعمل على تفعيلها، وليس أنْ تطرح هذه الوثيقة بديلاً جديداً عن المنظمة.
تغيّر في لحظة هامة لقيادي مثقّف وسجين ومبعد وخطيب وسياسي ورئيس حكومة، أكسبته الأيام والتجارب خبرة، لكن ليس بالضرورة أنْ يلاقي هذا التغيير ترحيباً وتجاوباً سريعاً من قبل الأطراف الأخرى.
المهمة ليست بسهلة داخل حركة "حماس" لاستكمال اختيار أعضاء المكتب السياسي الـ19، ونائب الرئيس، الذي يفضّل ألا يكون أيضاً من قطاع غزّة، ما يصعّب مهمّة تبوؤ أبو مرزوق له، إلا إذا كان التركيز على القطاع، الذي انتخب الأسير المحرّر يحيى السنوار رئيساً للحركة فيه.
وأيضاً في تحديد مكان الإقامة، داخل قطاع غزّة أو خارجها، وفي العلاقات الفلسطينية الداخلية، ومع الدول العربية والإسلامية ودول العالم.
وقد تلقّى هنيّة التهاني بانتخابه من داخل "حماس" وحركة "فتح" والفصائل الفلسطينية وشخصيات وقيادات عديدة.