عام >عام
خطّة الإطاحة بالسنيورة!
الأربعاء 31 05 2017 11:05تماماً وعند كل استحقاق، ينقسم تيّار المستقبل عمودياً في الخيارات المتّخذة من القيادة العليا، وبدل أن تأتيه الفيتويات من الخارج، تصدر من داخل التيّار الأزرق لتضيّع بوصلة القوى التي تتعاطى أو تراقب مجرى سير التيّار، وتجعل رئيسه سعد الحريري بموقعٍ لا يُحسد عليه أمام الأصدقاء والخصوم، ما يكشف عيوباً كثيرة تصل حد الظن انه غير قادر على حشد تأييدٍ على خيارٍ واحد!
"ما يجمع أركان تيّار المستقبل هو أكثر من الذي يفرّقهم. اختلاف الآراء يُعطي التيّار قيمةً مضافة وتبعد الشموليّة عنه"، هكذا تحلّل مصادر تيّار المستقبل الوقائع الحاليّة السائدة، لكن دون أدنى شكّ، يتخفّى بين أضلع هذا التحليل حرجٌ مردود إلى عدم وجود نيّة لكشف الغسيل الوسخ أمام الرأي العام. الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس سعد الحريري من طرابلس "موافقته على أيّ قانونٍ انتخابيٍّ، نسبيّ أم غير نسبيّ"، كان الحريري قد استبق هذا الاعلان بسلسلة تقلّباتٍ وتغيّراتٍ في الموقف من قانون الانتخاب وصلت حدّ التضارب داخل البيت الواحد في تأييد الاقتراحات المختلطة والتأهيليّة ثمّ النسبيّة، حلّلت على أنّها أدوات المصلحة الحاليّة التي يسعى الحريري للتماهي مع رياحها، كيفما هبّت، حفاظاً على الحدِّ الأدنى من الاستفادة.
انطلق الحريري من موقفه المعلن من طرابلس، في الموافقة على اقتراح القانون النسبيّ على أساس الـ15 دائرة، والمقدّم من نائب رئيس حزب القوّات اللّبنانيّة جورج عدوان، ما خلق اعتراضاً وامتعاضاً داخليين وواسعين لدى حشدٍ من القيادات والقوى الزرقاء، التي فسّرت موقف رئيسهم على أنّه تنازل جديد يُرَاكَم على سلسلة التنازلات التي قدّمها منذ عودته إلى السلطة. الامتعاض قاد لاستياءٍ، وفّر جواً حاضناً لتشكيل حالة اعتراضيّة داخليّة لخياراتٍ منافية لما يريده الحريري، يقودها، بحسب المعلومات المتداولة من داخل تيّار المستقبل، رئيس الكتلة فؤاد السنيورة.
الحالة الاعتراضية الآخذة بالنمو منذ فترة الانتخابات الرئاسيّة وسير الحريري بعون، والتي أرخت مفاعيلها لاحقاً على حراك عددٍ من القادة بينهم السنيورة، عادت للحراك والتكوّن مجدّداً من بوّابة رفض "النسبيّة"، أما أبرز الأسباب التي تعد مشغلةً لها، هو تقسيم الدوائر الانتخابيّة على الشكل الذي سرّب في الإعلام. ولا تُخفي أوساط قريبة من تيّار المستقبل لـ"ليبانون ديبايت"، استياء السنيورة من قبول الحريري بجمع صيدا بجزين وجعلهما دائرة واحدة، ما رفع عدد المقاعد السُنيّة إلى 3، وزاد من نسبة المقترعين الذين يصنف السواد الأعظم منهم على أنّهم يعطون فريق الثامن من آذار.
وانطلاقاً من هنا، بات يستشعر السنيورة خطراً على مقعده النيابيّ كون دمج القضاءين يزيد من الأصوات الشيعية التي تعطي أساساً خصم السنيورة ونقيضه، رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، الذي وبحسب مؤشّرات فريق السنيورة، رفعت حظوظه إلى مستويات قياسيّة قد تشكّل خطراً على مقعد رئيس الحكومة السابق - ربما - مستندةً على الرفد الهائل بعددِ الأصوات، ما قرأته أوساط سياسيّة صيدوايّة على أنّه "محاولة لإخراج الرئيس فؤاد السنيورة من المشهد ومعاقبته على مواقفه الماضية".
حقيقةً، إنَّ انتقام الحريري من رئيس كتلته، - إن وجد - ليس بالكلام الجديد، بل هو مسار اتّبع منذ معارضة السنيورة لخيارات الحريري وقيادته لكتلة معارضة داخل الكتلة الزرقاء، وقفت بوجه رئيس التيّار بقوّة وعارضت خيارته وصرّحت ضدّها في العلن وعبر الإعلام.
ويبدو اليوم، أن هذه الكتلة، عادت لتفعيل محرّكاتها مجدّداً، إذ يقود السنيورة حالة اعتراضية داخل تيّار المستقبل مطوّرة عن حالة الاعتراض السابقة على خيار عون، إذ إنّ طروحاته الاعتراضية تتجاوز حتى موافقة الحريري على دمج بعض الدوائر وصولاً لقبوله السير بخيارٍ نسبيٍّ لا أكثري، وهي امور تجد أذناً صاغية لدى عددٍ من نوّاب التّيّار الذين يؤلمهم تراكم الخسارات السياسيّة والسير بخياراتِ حزب الله؛ بل حقيقةً خسارة المكتسبات التي راكموها طيلة أعوام.
أمّا السؤال الذي يُطرح على مستوى واسع في التّيّار، هل حقاً اتّخذ الرئيس الحريري قرار معاقبة الرئيس فؤاد السنيورة على خيارته السابقة والحالية من بوّابة سحب المقعد النيابيّ من تحت أقدامه؟