عام >عام
المدارس الخاصة شريكٌ مضارب... هكذا تُمتصّ دماؤنا!!!
المدارس الخاصة شريكٌ مضارب... هكذا تُمتصّ دماؤنا!!! ‎الثلاثاء 5 09 2017 11:35
المدارس الخاصة شريكٌ مضارب... هكذا تُمتصّ دماؤنا!!!

جنوبيات

بعيدًا عن العناوين الرئيسية المتعلقة بالتطورات الأخيرة وما رافق عمليتي "فجر الجرود" و"إن عدتم عدنا" مما أعتبره البعض صفقة بين "حزب الله" وتنظيم "داعش"، والتي أفضت إلى ترحيل "الدواعش" إلى الحدود السورية – العراقية، يعود اللبناني إلى همومه الذاتية والمتعلقة مباشرة بنمط حياته اليومية، على رغم متابعته اليومية لتفاصيل الوضع العام ومدى إرتباطه بالتطورات الإقليمية.

لكنّ الهمّ المعيشي يبقى الشغل الشاغل لجميع اللبنانيين، وهو يُعتبر القاسم المشترك بينهم، على رغم تباعدهم في السياسة وفي القراءة الموحدّة لمسار الأحداث والتطورات، التي لها علاقة بما يجري على ساحتهم ومدى إرتباطها بالمستقبل، خصوصًا في ضوء تسارع الأخبار الآتية من بعيد ومن قريب.

ما يهمّ اللبناني هذه الأيام، وهي الأصعب عليه، وهو على باب إستحقاقات داهمة، وأهمّها تأمين القسط الأول من تكلفة دخول أولاده إلى المدارس الخاصة، التي بدأت تلوّح بزيادة الأقساط.

فاللبناني الذي لديه كحدّ وسطي ثلاثة أولاد عليه أن يدفع خلال هذا الشهر ما معدّله خمسة الآف دولار، فضلًا عما يُفرض عليه من تكاليف باهظة ثمن كتب جديدة وقرطاسية، بإعتبار أن الكتب المستعملة أصبحت "موضة" قديمة، لأن معظم المدارس، إن لم يكن كلها، ترتبط مسبقًا مع عدد من دور النشر، التي تدخل بالإتفاق مع إدارات المدارس على مناهجها التعليمية سنويًا تغييرات تجبر الأهل على شراء كتب جديدة، مع ما في هذا التدبير من عمولات تعود إلى إدارات المدارس.

هذه السياسة التي تعتمدها المدارس الخاصة، بعيدًا عن رقابة مفترضة لوزارة التربية، تقّض مضاجع الأهل وتجعلهم في قلق مستمر، خصوصًا أن البدائل غير متوافرة، وأن المدرسة الرسمية لم تصل بعد إلى مستوى التحدّي الأكبر، بحيث يصبح اللجوء إليها ملاذًا للأهل الخائفين على مستقبل أولادهم، وهم المستعّدون للتضحية بكل شيء في سبيل تأمين مستوى مقبول من التعليم لهم، بالأخص في المراحل التمهيدية والإبتدائية.

وفي رأي المتابعين أن الإجتماع الذي عقد بالأمس في وزارة التربية، وضمّ بعضًا من لجان الإهل وأهل إختصاص، جاء متأخرًا وخطوة ناقصة، في الشكل والمضمون، بإعتبار أن الأزمة التربوية معقدّة إلى درجة تفرض إعلان حالة طوارىء تربوية، لأن مجرد عقد إجتماع قد يكون يتيمًا لن يقدّم ولن يؤخّر، وهو لا يعدو سوى محاولة "يائسة" من قبل وزير التربية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تمتصّ الزيادة على الأقساط المدرسية ما تبقّى من دم في شرايين المواطن، وقبل أن "تشفط" آخر ليرة باقية في جيبه.

هذا الهمّ وغيره الكثير من الهموم، التي لها بداية وليس لها نهاية، تجعل اللبناني الساعي إلى لقمة عيشه بشق النفس وبعرق الجبين، مجرد ناقل لراتبه من ربّ عمله إلى إدارات المدارس وإلى تسديد فواتير الكهرباء مرتين، واحدة لشركة لا تؤّمن ساعات تغذية كافية، وأخرى لـ"مسلخ" أصحاب الموتورات الخاصة، فضلًا عن فواتير الهاتف، الثابت والخلوي، وفواتير تقسيط شقة متواضعة، فضلًا عما يلوح في الأفق من فرض ضرائب جُمّدت إلى حين، في إنتظار القرار الحاسم للمجلس الدستوري، الذي استعاد دوره الطبيعي، والذي سبقته "مافيات" السلع الغذائية، التي "تربلت" أسعارها.

المصدر : لبنان 24 - اندريه قصاص