عام >عام
«أبو محمد» خيّاط شقَّ طريقه من حيفا إلى صور
الخميس 7 09 2017 09:37صور - جمال خليل:
رغم قساوة النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني في العام 1948، إلا أنها في الكثير من المحطات جعلت من أبناء هذا الشعب يتخطّون كل مصاعب الحياة والنزوح من بلد الى آخر، وصنعت منهم رجالاً برعوا في شتى المجالات.
فمن بلدة الكساير – قضاء حيفا (شمال فلسطين المحتلة)، إلى برج حمود في بيروت، فمدينة صور جنوباً، شقَّ فؤاد محمد الصباح (أبو محمد) طريقه ليمارس مهنة الخياطة «الناخرة للعظم والمفاصل» كما يقول.
وعلى الرغم من تدهور وتأخّر هذه المهنة في يومنا هذا، إلا أنّ «أبو محمد الصباح» امضى أكثر من أربعين عاماً في مهنة الخياطة، التي لم يبدّلها تبديلاً ليصبح بعد هذه السنوات الطويلة صاحب الباع الطويل والوحيد في منطقة صور، والمقصود من أنحاء لبنان وليس الجنوب فقط من عسكريين ورجال دين وصبايا وسيدات ليصنع لهم ما أرادوا من الملابس التي قد لا يجدون مثيلاً لها في أي مكان آخر.
يُعيد أبو محمد الفضل في ذلك إلى الظروف الاقتصادية التي عاشها كفلسطيني مهجّر من بلده، ولمعلّمه في برج حمود جان سركسيان، الذي تتلمذ على يديه لعشر سنوات، قبل أنْ يغرّد بعد ذلك منفرداً في منطقة جنوب الليطاني وتحديداً في مدينة صور المدينة التي أحب .
ويشير الصباح إلى أنّه بات مقصداً لكل العسكريين لتفصيل البدلات، حيث إنّ البدلة الرسمية الواحدة تبلغ تكلفتها 250 دولاراً أميركياً تفصيلا وخياطة، فيما تبلغ تكلفة جبّة الشيخ 200 دولار.
ويقول: «هذا السعر يُعد متدنياً مقارنة بالأسعار الرائجة، وهذه التسعيرة تأتي انسجاماً مع الأوضاع الاقتصادية في لبنان، بالرغم من التذمّر لدى البعض والذي أتفهمه وهم أيضاً يتفهّمون أن الظروف اليوم مختلفة عما كانت عليه بالأمس».
ويختم الصباح معترفاً بأنّ المهنة قد أخذت منه كل مأخذ على المستوى الصحي ليس أقله الديسك في عموده الفقري من الطرفين، إلا أنّه يشكر الله على كل حال وعلى الثقة التي منحه الناس إياها والصداقة التي يكنونها له.