لبنانيات >صيداويات
الشيخ ماهر حمود: نعم مجازر في بورما!
الجمعة 8 09 2017 18:02جنوبيات
إنه من المؤكد أن حملة تهجير وقتل واجتثاث عرقي وديني تحصل في غربي بورما تستهدف مسلمين من قومية الروهينجا في إقليم أراكان، هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينفيها، ولكن هنالك تساؤلات نتمنى الإجابة الشافية عنها:
أولا: هنالك صمت إسلامي وعالمي مريب، وإن المواقف التي أعلنت من هنا وهنالك تأخرت كثيرا، كما أنها كانت دون مستوى الحدث، فلماذا، وهل فعلا لأن المستهدفين مسلمون ام أن هنالك أمرا آخر؟
ثانيا: لقد كان التحرك الوحيد الذي يستحق أن ينوه به وأن يعتبر نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه ردود الفعل، هو التحرك الشعبي العارم في عاصمة الشيشان (غروزني) وبحضور رئيس الجمهورية الذي قال: كنت أتمنى أن أمتلك النووي حتى أنتقم للمظلومين هنالك. فهل هناك علاقة بين موقف هذا الرئيس الذي رعى مؤتمرا وحيدا في العالم الإسلامي يحاول أن يصحح مفهوم الانتماء لأهل السنة والجماعة وأن يكسر الاحتكار الظالم لهذا المفهوم الذي تستعمله جماعات متطرفة تنتمي للمذهب الوهابي... هل هنالك ارتباط بين هذا الاتجاه المميز وبين التحرك الشعبي الوحيد في موضوع بورما؟ وهل يفسر هذا الصمت السعودي المريب بل هو أكثر من صمت، هو تبرير، لقد ذكرت الصحف السعودية أن هؤلاء انفصاليون ولا ينبغي دعمهم، فهل نفهم مثلا أن السكوت عن هذه المجازر بسبب عدم انتماء هؤلاء للمذهب الوهابي أو لأنهم ينتمون لمذهب صوفي معين مثلا؟ هل يمكن أن يكون هذا صحيحا وهل يمكن أن يكون هنالك من يفكر بهذه الطريقة المتخلفة؟
ثالثا: لقد ثبت بالدليل القطعي أن هنالك صورا وزعت في وسائل الاعلام المتنوعة فيها الكثير من المبالغات والكذب، فهي تدعي مثلا أن جثثا ملقاة بطريقة استفزازية هي للمجازر في بورما، ثم يتبين أنها من زلزال هايتي، أو من سجون البرازيل، أو أن جثثا تحرق لبوذيين قضوا في حوادث متعددة يتم حرقها على الطريقة البوذية، الخ... السؤال الذي يطرح نفسه، من الذي قام بهذه العملية البشعة؟ وهل هنالك من يريد أن يؤجج المشاعر الطائفية بطريقة تشبه ما حصل في سوريا أو العراق أو غيرهما لأهداف مشبوهة؟ أم أن هؤلاء مجرد شباب متحمسين يريدون أن يستثيروا المسلمين ليقوموا بواجبهم؟ سؤال هام يمكن أن يفسر بعض ما يحصل في بورما؟ ولكن من يستطيع إعطاءنا الجواب الشافي؟ وطبعا ان هذه الصور المفبركة لا تلغي حقيقة وجود المجازر، وهنالك بالمقابل صور حقيقية ثابتة.
رابعا: قد يقود هذا الاحتمال إلى احتمال آخر : هل هنالك مخطط غربي يشبه مؤامرة (الربيع العربي) المزعوم يهدف إلى تدمير جنوب شرق آسيا حيث يوجد مسلمون أكثر تطورا من المسلمين العرب في ماليزيا وسنغافورة وأندونيسيا وغيرها، يريد أن يستثير المشاعر الطائفية لتكون بداية الحرب بين المسلمين والبوذيين وسائر الطوائف تنتهي إلى تدمير تلك البلاد الهادئة المتطورة كما تم تدمير سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها؟ أيضا من يستطيع أن يعطينا الجواب الشافي؟
خامسا: لقد تم الحديث عن وجود متطرفين على طريقة القاعدة أو داعش أو غيرهما، كانت أعمالهم العدوانية سببا في هذه المجازر، من يستطيع أيضا أن يعطينا جوابا شافيا؟ وهل بالفعل يوجد متطرفون تكفيريون يعطون الذرائع لهذه المجازر البشعة، ومن يستطيع ضبطهم، ومن يستطيع ضبط ردود الفعل المتوحشة عن بقية المسلمين هنالك؟ وهل أصبحت أمة المليار ونصف عاجزة عن أن تقرأ الأمر قراءة صحيحة مقدمة لإيجاد حلول سليمة بعيدة عن الافراط والتفريط، ودون التخلي عن واجب الدفاع عن المظلومين إلى أي مذهب انتموا.
سادسا: لقد أكدت هذه المأساة مرة بعد مرة أن غياب المرجعية الإسلامية العالمية فضلا عن الخلافات الإسلامية والعربية تجعل أعداء الأمة الإسلامية من داخلها أو من خارجها أقدر على اتخاذ القرار الذي يجر الجميع إلى النهاية المأساوية.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.