فلسطينيات >داخل فلسطين
نتنياهو يسعى لتطويع القانون الدولي: ترحيل أهالي منفذي العمليات إلى غزة
نتنياهو يسعى لتطويع القانون الدولي: ترحيل أهالي منفذي العمليات إلى غزة ‎الخميس 3 03 2016 12:58
نتنياهو يسعى لتطويع القانون الدولي: ترحيل أهالي منفذي العمليات إلى غزة


مع استمرار الهبَّة الشعبيَّة الفلسطينيّة وعجز التدابير الإسرائيليّة عن كبحها ومنع توسّعها، عاد رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو ليجرّب المجرّب مرّة أخرى. ورغم علمه بموقف المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، إلّا أنَّه وجّه إليه رسالة رسميّة تطالبه بدراسة الخطوات القضائيّة التي تسمح بإبعاد عائلات منفّذي العمليات من الضفة الغربيّة إلى غزَّة. وكان هذا المطلب مُدرجاً ضمن قائمة التهديدات الإسرائيليّة منذ بدء الهبَّة، غير أنَّ الأوساط القضائيّة الإسرائيليّة كانت تعتبر ذلك انتهاكاً للقانون الدولي الذي يجرّم العقوبات الجماعيّة.
وجاء في طلب نتنياهو، الذي أرسل على ورقة رسميّة ونشر بهذه الصورة، «عمليات إرهابيّة كثيرة في الشهور الأخيرة ينفّذها إرهابيّون من نمط (المنفذ المفرد). وهؤلاء المنفّذون يأتون أحياناً من عائلات تشجّع وتساعد عمليّاتهم. أطلب منك رأيك القانوني بشأن إمكانيّة اتّخاذ تدابير إبعاد لأفراد العائلات المساعِدة في الإرهاب إلى قطاع غزّة. وأنا أعتقد أنَّ استخدام هذا الإجراء سيقود إلى تقليص جوهري في العمليّات الإرهابية ضدّ دولة إسرائيل، مواطنيها وسكّانها».
وأثار طلب نتنياهو هذا، استغراباً في الأوساط الإعلاميّة لأكثر من سبب. فمثل هذا الإجراء سبق أن عُرض ونوقش في الحكومة الإسرائيليّة وفي الأوساط القضائيّة الإسرائيليّة، ليتبيّن أنَّ الأمر غير ممكن لاعتبارات كثيرة، أهمها تناقضه مع القانون الدولي.
ورغم أنَّ إسرائيل تزخر بالكثير من رجال القانون القادرين على ليّ ذراع القانون الدولي وتطويعه لتبرير الجرائم الإسرائيليّة، إلّا أنَّ أحداً لم يتحمّس لهذه المهمة مؤخراً بسبب تنامي الوعي الدولي بالسلوكيات الاحتلاليّة. وبسبب تعاظم مظاهر المقاطعة الأكاديميّة والقانونيّة، تجنّب كثير من رجال القانون في إسرائيل الوقوف إلى جانب انتهاك فظّ للقانون الدولي كهذا. فإذا كان أيّ من أفراد عائلة المنفّذ قد شارك في العملية، يمكن محاكمته وإيقاع العقاب عليه وفق القانون ولا حاجة لإبعاده من دون محاكمة. أمّا إبعاده فيعتبر باختصار عقاباً جماعياً.
لكن نتنياهو الذي يعرف كلّ هذه التفاصيل، أراد ربّما إشباع غرائز جمهوره اليميني الطامح لإجراءات حازمة ضدّ الفلسطينيين. وقد يكون يرمي من وراء هذا الطلب الإقناع بأنَّ الانتقادات الموجّهة إليه ليست مبرّرة، وأنَّ الموانع أمام قمع الهبَّة تتمثّل في قيود قانونيّة. ونتنياهو يعرف أن المستشار القضائي للحكومة، مندلبليت، سبق أن نشر مؤخراً رأياً قانونياً يناقض إبعاد أفراد عائلات منفّذي العمليات. وقال مندلبليت إنَّ القانون الدولي يحظر ذلك، مؤكداً أنَّ المكانة القانونية لسكان الضفّة ـ المعتبرة أرضاً محتلة ـ لا تسمح بذلك. وفضلاً عن ذلك، تظهر عوائق قانونيّة أخرى لإبعاد عائلات المنفّذين من القدس الشرقيّة. وهؤلاء في نظر القانون الإسرائيلي، ينالون حقوقاً أكثر من تلك الممنوحة لسكّان الضفة الغربية.
وأشار موقع «والا» إلى أنَّ رسالة نتنياهو لم تأتِ من فراغ، خصوصاً أنَّ المسألة سبق أن بحثت في تشرين الثاني الماضي في المؤسسة الأمنيّة، وقدّمت توصيات تضمّنت إبعاد عائلات المنفذين إلى القطاع.
وتدّعي إسرائيل أنَّ أحداً من أفراد عائلة المنفذ، أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً، يعلمون، أحياناً، بنيّة ابنهم / ابنتهم تنفيذ العمليّة، وهم لا يقومون بإبلاغ السلطات. وهناك اعتقاد بأنَّ إقرار خطوات كهذه، سيسهّل الضغط على الأهالي لمنع أبنائهم من تنفيذ عمليّات. ولكن الموقع الإخباري الإسرائيلي، أشار كذلك إلى أنَّ هذا مطلب لعائلات «ضحايا» العمليّات كما ورد في عريضة لـ18 عائلة وجّهت لنتنياهو. وجاء في العريضة «يستحيل استيعاب مجتمع يعلّم أطفاله على أن الهدف الأسمى الذي يمكن أن يتطلعوا إليه هو الشهادة. يستحيل استيعاب عائلات تشجّع أبناءها على القتل. ولأسفنا نرى أنَّ التدابير التي تتخذها دولة إسرائيل معهم لا توقف التحريض وحملات القتل».
وكان وزير المواصلات، إسرائيل كاتس، قد طالب في اجتماع للمجلس الوزاري المصغّر بإبعاد عائلات منفّذي العمليّات إلى غزّة أو سوريا، ورد عليه مندلبليت بالقول إنَّ هذا يناقض القانون الدولي. ولكن هذا لم يمنع نتنياهو، في اجتماع عقده مع وزراء «ليكوديين» في الكنيست من التأكيد أنَّه يؤيّد إبعاد عائلات المنفذين، لكن الجهات القانونية تمنع ذلك. وأضاف أنه معني بمواصلة دراسة الموضوع مع الجهات القانونيّة لأنّه يؤمن بأنَّ إبعادهم إلى غزّة، سيزيد الردع في مواجهة من أسماهم بـ «المخربين المحتملين».
وفي كل الأحوال، كان وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، قد قال مطلع الشهر الماضي، إنّه «للأسف، رغم أنّي حاولت حثّ ذلك، فإنّه لن يكون هناك إبعاد لعائلات المخرّبين من يهودا والسامرة إلى غزّة». ولكن يبدو أنَّ نتنياهو يجرّب حظه من جديد في محاولة لدفع المستشار القضائي للحكومة، لتكييف قانون يتناسب مع رغباته وغرائزه.
وكما سلف، كانت المؤسسة الأمنيّة قد ناقشت الموضوع في بداية الهبّة الشعبيّة، لكن المستشارين القضائيّين داخل المؤسسة الأمنيّة أظهروا عدم القدرة على انتهاجه. ورغم أنَّ هدم البيوت يعتبر عقاباً جماعياً، إلّا أنَّ إسرائيل تواصل اللجوء إليه، بل إنّها في الآونة الأخيرة صارت تفرض حصاراً على قرى وبلدات لأيّام طويلة ضمن إجراءاتها العقابيّة والردعيّة. وهناك أيضاً سياسة احتجاز جثامين الشهداء لأطول فترة ممكنة، وأحياناً منع دفنها.

الهبَّة تتواصل: شهيدان جديدان
انضم شهيدان فلسطينيان، أمس، إلى قافلة من سبقوهما في إطار الهبَّة الفلسطينية المتواصلة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، أن «مهاجميْن تسللا إلى مستوطنة إيلي جنوب نابلس، وهاجما رجلاً كان في منزله». وأضافت أن «الجنود وصلوا، وأطلقوا النار على المهاجميْن وتمكنوا من قتلهما».
وقالت متحدثة باسم الاحتلال إن مستوطناً، كان يحاول اعتراضهما قبل وصول الجنود، جُرح أيضاً.
وذكر موقع «عرب 48» أن الشهيدين هما لبيب أنور عازم (17 عاماً) ومحمد هاشم علي زغلوان (17 عاماً) من قرية قريوت جنوب نابلس، وهما طالبان في الثانوية العامة.
ونقل موقع «معاً» عن مصادر إسرائيلية قولها إن قوات الاحتلال اعتقلت فلسطينييْن أصابا جنديين بجروح، واستوليا على سلاح أحدهما قرب مستوطنة «هار براخاه» التي تطل على قرية بورين والمقامة على أراضي نابلس.
وتشهد الأراضي المحتلة هبَّة فلسطينية منذ الأول من تشرين الأول الماضي، أسفرت عن استشهاد 180 فلسطينياً في مواجهات وإطلاق نار وعمليات طعن.

المصدر : حلمي موسى | السفير