عام >عام
رسالة الى تيار المستقبل من الرياض: نعم الرجل محتجز
السبت 11 11 2017 11:13محمود زيات
الجميع بات امام المؤشرات الاولى للسيناريو التهديدي «المتدحرج «للسعودية، والذي بات يهدد الساحة الداخلية بصورة مباشرة، لكن سياسة التريُّث في التعامل مع واقع يزحف بسرعة نحو الانفجار بدأت بالنفاذ، بعد الموقف الرسمي اللبناني الذي سمعه السلك الدبلوماسي الدولي والعربي والاقليمي من رئيس الجمهورية، من رفض للطريقة التي تعاملت بها السعودية مع رئيس حكومة لبنان، وما استُشِف من موقف «تيار المستقبل» السائر في الاتجاه نفسه.
واللافت، «الحماسة» المفتعلة من بعض افرقاء ما كان يعرف باسم قوى الرابع عشر من آذار من غير الطائفة السنية، في ازمة اقالة الحريري وما تلاها من تصعيد سعودي، في حين يتجه «تيار المستقبل» الاكثر تضررا من الازمة، لرفع وتيرة اتهام مباشر للسعودية بحجز حرية الحريري في الرياض، سيما وان ثمة من اوصل الرسالة «الرجل محتجز في السعودية»، الامر الذي تنتظره الجهات العليا في الدولة، لـ «يُبنى على الشيء مقتضاه» ومدخله قد يكون بطرق الابواب العربية والاقليمية والدولية وصولا الى طاولة الامم المتحدة، بعد فشل الدخول الفرنسي على خط معالجة ازمة الحريري مع الامراء السعوديين قبل ايام.
لا يجد المتابعون للمستجدات، «الحماسة» لدى «تيار المستقبل» للمضمون الذي ورد في كتاب اقالة الحريري، من اعلان حرب على «حزب الله»، بل ان اولويته تكمن في تحقيق عودة آمنة له، فيما تجدها وبمنسوب مرتفع، لدى حلفاء الحريري من الطوائف غير السنية، وفي السياق برزت مواقف القوات اللبنانية التي تلقفت ما جاء من مواقف تصعيدية للحريري ضد «حزب الله» وردت في بيان الاقالة، في ظل تجاهل «فاقع» لهذه القوى، للاستنفار الرسمي اللبناني والاقليمي والدولي لجلاء الملابسات التي تحيط بـ «مأثرة» احتجاز رئيس حكومة لبنان في عاصمة عربية، بل ذهب بعضهم للقول «ان الحريري ليس محتجزا، وهو غير مقيد الحركة، بل تلقى «نصائح» بعدم العودة الى لبنان، خوفا من عملية اغتيال تطاله، وهو من يقرر متى يعود الى بيروت»، فيما لامس «تيار المستقبل» وكتلته النيابية الخيط الرفيع الذي يفصل بين اتهام السعودية بحجز الحريري والمهادنة، لكنها طالبت بعودة الحريري الى بيروت.
على وهج التصعيد السعودي، ترى اوساط متابعة، ان بعض حلفاء «تيار المستقبل» يضغطون عليه لتصويب موقفه ووجهته، من خلال موقفه التخفيف من وطأة ازمة احتجاز محتمل للحريري والتركيز على مضمون الاستقالة الموجهة ضد «حزب الله»، وتسأل: ماذا لو انقلبت الصورة، وقرر «حزب الله» سحب الالاف من مقاتليه من سوريا... ليعودوا سريعا الى لبنان لمواكبة التهديدات التي تطلق ضده من كل حدب وصوب، ماذا سيكون موقف القوى السياسية التي تعبت وهي تنادي بهذا «السحب»؟، هل ستكون مرحِّبة لهذه الخطوة؟، ام انها ستعتبر ان «حزب الله» يتدخل في الشؤون الداخلية للبنان!، وهل تُسمع تصريحات تطلب من «حزب الله» تعزيز قواته العسكرية في سوريا، من خلال سحب افواج جديدة من المقاتلين من لبنان!.
هي صورة كاريكاتيرية، تبدو للوهلة الاولى على انها نوع من الخيال الواسع الذي ينسج خيطا رفيعا بين المستحيل والحقيقة، لكن فيها الكثير من بواطن الحقيقة التي تعتري اعداء «حزب الله» واخصامه، فالحقيقة المرة، ان فريقا من اللبنانيين يتحيَّن الفرصة التي يرى فيها «حزب الله» يتعرض لهجوم عسكري واسع، من اي جهة كانت؟، فلم يعد لهؤلاء من مصلحة في عدم التعامل مع «الشيطان» بذريعة «حماية لبنان من البعبع الايراني في المنطقة، وذراعه العسكري الذي يمثله حزب الله»، وفق وزير التغريدات السعودية، ولعل امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، المح الى ان اخطر ما يجري، هو استجداء سعودي للاسرائيليين لشن عدوان على لبنان.
في الحسابات السعودية التي سبقت «اقالة الرياض»، ان الحلف الذي يجمع طهران مع دمشق وبغداد وصنعاء .. وبيروت حتما، نجح في امتداداته في المنطقة، فيما «الوكيل المعتمد» لديهم في بيروت، وفق ما ترى الحسابات، يبلغ ارقى مستويات التعايش مع «الحالة الايرانية» التي يمثلها «حزب الله» في لبنان، فهل كان يتوقع الممسكون بالقرار السعودي ان يشاهدوا على شاشات التلفزة علي اكبر ولايتي، احد ابرز مستشاري «السيد القائد» بحسب ما ينادي انصار «حزب الله» المرشد الاعلى الايراني السيد علي الخامنئي؟ وهو يجالس الحريري في عز الازمة التي تعصف بين بلادهم وايران؟ تجيب الاوساط، هناك جملة من المعطيات والظروف والمناخات تجمعت كلها، بحسب التوقيت السعودي، لتطيح بالاستقرار السياسي في لبنان، كخطوة اولى من مسلسل من الاستهدافات السياسية وغير السياسية، يرتفع منسوب توقعها شيئا فشيئا.
مع دخول ازمة اقالة الحريري اسبوعها الثاني، ومع تصاعد وتيرة التهديدات السعودية، ينتظر اللبنانيون ضغوطا جديدة قد تُتَرجم بمحاولة فرض زعامة جديدة للطائفة السنية بديلة عن الحريري... وتركيب حكومة جديدة وفق مواصفات وشروط ودور ووظيفة تحدد في البلاط الملكي..او في القاعة التي اعلن فيها الحريري اقالته من الحكومة.