فلسطينيات >داخل فلسطين
التوائم السيامية.. تشوهات ما بعد الحرب على غزة
الجمعة 17 11 2017 18:43لم تعد غزة كما كانت بعد الحروب الثلاثة التي عصفت بها وبمناحيها سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية أو الصحية، تداعيات الحرب لا تزال حاضرة في تفاصيل الحياة اليومية الغزية، ومن هذه التفاصيل التشوهات التي طرأت مؤخراً على أجنة وأطفال حديثي الولادة نتيجة المواد المستخدمة في الحرب ضد المدنيين.
فمنذ ما يقارب الشهر، شهدت غزة ولادة توأم سيامي ملتصق، يتواجد حالياً في قسم الحضانة بمستشفى الشفاء بغزة، وهي من الحالات النادرة والمعقدة.
يقول استشاري طب الأطفال حديثي الولادة ورئيس قسم الحضانة في مستشفى الشفاء بغزة الدكتور علام أبو حامدة : "نعم لدينا توأم سيامي نادر جداً (طفلتان) ملتصقين في البطن والحوض أي من الأطراف السفلى ويبلغ عمرهم اليوم 24 يوماً ووضعهم مستقر وهي سابقة على مستوى قطاع غزة إن لم تكن على مستوى فلسطين في أن نعتني بتوأم سيامي وهي بذلك من الحالات النادرة إذ أن معظمها يموت بعد الولادة فالحالة معقدة حتى الآن". وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"
"تواصلنا مع كل المنظمات الدولية والعالمية وتلقينا ردا مشكورا من المملكة السعودية التي تكفلت بعلاج هذا التوأم وجرى التنسيق لإرسالهم إلى هناك ونحن الآن في إطار عملية إجراء نقل الحالات تمهيداً لعملية فصلهم"، على حد قوله.
ويطالب أبو حامدة بتسريع عملية إتمام الإجراءات خوفاً من حدوث طارئ في أي لحظة خشية المضاعفات التي إذا ما أدت إلى وفاة أحد التوأمين فإن التوأم الآخر يموت بعده إذ تعاني احدى التوأمين (الطفلة الأولى) من خلل في الدماغ وضمور شديد في الرئتين الأمر الذي يجعلها تعتمد على الطفلة الثانية.
إحصائياً
ويؤكد أبو حامدة بأن غزة تشهد سنوياً 60 ألف حالة ولادة وبالتالي من الطبيعي أن تشهد كل أربع سنوات حالة من التوائم السيامي لكن للأسف فإن غزة قد شهدت ثلاث حالات في السنوات الثلاث الأخيرة الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، ففي عام 2014 شهدت غزة ولادة توأم سيامي ملتصق من الصدر والبطن وكان وضعه صعب للغاية لأنه بقلب واحد فقط فبقي على قيد الحياة مدة ثلاثة أيام ثم توفى".
ويضيف: "بعدها بعام تقريباً في 2016، شهدت غزة ولادة طفل سيامي من أندر الحالات على مستوى العالم عبارة عن راسين وعنقين لطفل واحد حيث بقي على قيد الحياة مدة 10 أشهر ثم توفى".
ويضيف حول الأطفال السيامية بشكل عام: "الأطفال السيامية من الحالات النادرة على مستوى العالم ويتراوح أعدادها ما بين ولادة لكل 150-200 ألف ولادة وهناك أنواع من الأطفال السيامية، فمنهم ملتصقي الرأس أو ملتصقي الصدر والبطن وهي تمثل النسبة العظمى من الأطفال السيامية، بالإضافة إلى أن نسبة الإناث فيها أكثر من نسبة الذكور بواقع 3-1 كما أن معظمهم يموتون داخل الرحم أي قبل الولادة والنسبة الأكبر تموت في غضون 24 ساعة بعد الولادة وتمثل 30%".
علاقة الأمر بالحرب
وفي معرض إجابته حول علاقة الأمر بالحرب، أكد أبو حامدة "أن دراسات وأبحاث طبية قد تمت في السنوات الأخيرة على مستوى قطاع غزة أثبتت أنه لربما المواد المستخدمة في الحروب الأخيرة على قطاع غزة لها دور كبير في انتشار هذا النوع من التشوهات خاصةً في المناطق التي تعرضت لقصف خاصة تلك التي قصفت بالفوسفور".
"العالمة والباحثة الإيطالية باولا مندوكا وجدت كثير من المواد المستخدمة بعد أخد عينات من النساء الحوامل وعينات من الأطفال ما بعد الولادة الأمر الذي نجم عنه وجود نسبة كبيرة من الأطفال لديهم تشوهات نتيجة وجود نسبة من المعادن الثقيلة في أجساد الأمهات الحوامل الأمر الذي يدين إسرائيل دولياً كمجرمي حرب"، على حد قوله.
إن أسباب هذه التشوهات هي عوامل بيئية تحدث طفرة أثناء الانقسام في الرحم للبويضة فحين لا يكتمل الانقسام ينتج توأم سيامي ملتصق وغالباً ما يتم تشخيص هذا التشوه في فترة الحمل داخل الرحم لكن الأمر يعتمد على الطبيب الذي يجري التصوير بــ"الألتراساوند".
وحول هذه الجزئية يقول الدكتور: "لدينا في مستشفى الشفاء بغزة الطب الجنيني وفيه وصلنا إلى مرحلة متقدمة من تشخيص التشوهات الخلقية للأجنة من ضمنها التوأم السيامي".
جاهزية التعامل مع هذه الحالات
فيما يتعلق بالتعامل مع هذه الحالات أي عمليات الفصل، يؤكد أبو حامدة بأن الفصل على مستوى قطاع غزة لايزال محدود جداً حتى على مستوى العالم إذ أن الأمر يحتاج إلى مركز لديه قدرات عالية في التخصصات الجراحية والعصبية والأوعية الدموية والعظام والتجميل، على مستوى الدول العربية هناك يتم التعامل مع هذه الحالات فقط في السعودية وعلى مستوى العالم في أمريكا وكندا".
"وتتبع عملية الفصل فترة نقاهة تستمر ما بين أشهر وقد تمتد إلى سنوات إذ تتضمن عملية الفصل عمليات لإعادة بناء البطن والعضلات والجلد والاوعية الدموية والأعصاب فالأمر ليس بالهين إطلاقاً"، حسبما أورد.
هل يكتب للتوأم الحياة في حال عدم الفصل؟، يجيب الدكتور بقوله: "لو كان التوأم عبارة عن طفلين مكتملين كل بأعضائه لكن ملتصقين يمكن أن يبقوا على قيد الحياة وهناك أمثلة عديدة حول العالم كما في تركيا وأمريكا، لكن إذا كانا التوأمين ملتصقين وبأعضاء مشتركة فإنه من الصعب أن يبقوا على قيد الحياة أو قد يعيش أحدهما ويموت الآخر".
وهكذا فإن الحرب الأخيرة على قطاع غزة لم تترك حتى الأطفال من شرها وأنيابها، فما ذنب هذه المواليد أن يولدوا مشوهين بشكل معقد يصعب علاجه أو التنبؤ بوجوده أصلاً في ظل نقص الإمكانيات التي تفتح الباب واسعاُ أمام فصول أخرى من المعاناة يسببها الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة.