عام >عام
الرئيس عباس يواجه إعلان ترامب برزمة إجراءات.. ويلتقي خادم الحرمين اليوم
واشنطن تستخدم "الفيتو" في "مجلس الأمن" بوجه الإجماع العالمي
الثلاثاء 19 12 2017 09:14هيثم زعيتر
احتدمت المواجهة بين الولايات المتحدة الأميركية وفلسطين، في ضوء إمعان إدارة الرئيس دونالد ترامب، استمرار الإنحياز لصالح الكيان الإسرائيلي.
وأمعنت الولايات المتحدة باستخدم حق النقض "الفيتو" لصالح الكيان الإسرائيلي، على حساب الحقوق الفلسطينية ليحمل الرقم 43.
وواجهت أمس (الإثنين) إجماعاً دولياً تمثّل بموافقة 14 دولة في "مجلس الأمن الدولي" على اعتبار إعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي غير شرعي وغير قانوني، ومنافياً للقانون الدولي والشرعية الدولية ويعرقل السلام والاستقرار في المنطقة، وهو المشروع الذي تقدّمت به مصر إلى المجلس، حيث رفعت مندوبة الولايات المتحدة لدى "مجلس الأمن" نيكي هايلي يدها مستخدمة حق النقض "الفيتو".
وفيما كانت الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي يحتفلان بإحباط مشروع القرار، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوقّع على 22 اتفاقية ومعاهدة دولية للإنضمام إلى منظّمات دولية جديدة تعزّز من الشخصية الإعتبارية لدولة فلسطين على المستوى العالمي، ويترأس اجتماعاً هاماً بالقيادة الفلسطينية بمقر الرئاسة في رام الله.
وستتيح هذه الإتفاقيات الهامة جداً لدولة فلسطين أنْ تكون شريكاً رئيسياً في مناقشة ومعالجة القضايا الأساسية التي تواجه العالم أجمع، حيث تمَّ انتقاء الإتفاقيات والمعاهدات الدولية لتعطي العديد من المجالات ذات العلاقة المباشرة لدولة فلسطين مع العالم، وفي تحمّلها المسؤوليات المرتبطة بدورها العالمي.
وأكد الرئيس عباس اتخاذ رزمة من الإجراءات ضد إعلان ترامب بشأن القدس.
وقال: "إنّنا مصمّمون على الحصول على العضوية الكاملة في "الأمم المتحدة"، فنحن لدينا دولة يعترف بها الكثير من الدول، ولا ينقصها شيء، فسنظل نحاول حتى نحصل على العضوية الكاملة، وسنشكّل لجنة لدراسة قرارات "الأمم المتحدة" ليعتمدها المجلس المركزي الفلسطيني بعد ذلك".
وشدّد على أنّه "يجب أنْ نواجه قرار الرئيس ترامب، بكثير من الإجراءات التي بدأنا نتّخذها مؤخراً، حيث بدأت تلك الإجراءات، بعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب، إضافة لعقد جلسة "مجلس التعاون الإسلامي"، الذي أصدر قراراً باعتبار القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، و"مجلس الأمن" كان له موقف شديد ضد قرار ترامب، كما أن كل شعوب الأرض وقفت معنا ضد قراره".
وأشار الرئيس عباس إلى أنّ "الولايات المتحدة الأميركية، اختارت ألا تكون وسيطاً في عملية السلام، فهي جلست على الكرسي الإسرائيلي، وتبنّت العمل الصهيوني في أراضينا، ونحن كنا مخدوعين عندما رضينا بأن تكون الولايات المتحدة منتدبة على أرضنا مكان بريطانيا".
وفي ضوء استخدام الولايات المتحدة "الفيتو"، ستتوجّه فلسطين إلى الجمعية العامة لـ"الأمم المتحدة" من أجل دعوتها لعقد جلسة طارئة تحت عنوان: "متّحدون من أجل السلام" للتصويت على المشروع ذاته، الذي قُدّم إلى "مجلس الأمن"، وحاربته أميركا عبر "الفيتو"، وحينها لا يمكن لأميركا استعمال هذا الإمتياز، بل سيعتبر تصويت الجمعية العامة تحت مسمّى "متحدون من أجل السلام" بالقيمة ذاتها وأهمية قرارات مجلس الأمن الدولي، ما يشكّل صفعة قوية لجميع الصهاينة ومَنْ يدفع الإدارة الأميركية باتجاه العزلة الدولية ومعاداة الشعب الفلسطيني.
وفي إطار تنسيق المواقف الفلسطينية مع الدول العربية والإسلامية والصديقة لمواجهة قرار ترامب الأخير، يتوجّه الرئيس عباس، اليوم (الثلاثاء) إلى المملكة العربية السعودية في زيارة رسمية يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمّد بن سلمان.
وعلى جدول أعمال هذه الزيارة القدس والإعلان الأميركي الأخير.
وأكد سفير فلسطين لدى السعودية بسّام الآغا "متانة العلاقات الفلسطينية - السعودية، وموقف الرياض الرافض بشدة للإعلان الأميركي بشأن القدس، وأنّه لا سلام ولا استقرار دون دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية".
ونفى السفير الآغا "ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من ضغوطات تعرض لها الرئيس "أبو مازن" خلال زيارته السابقة للمملكة، وأنّه لا أساس لها من الصحة، والهدف منها ضرب العلاقات السعودية - الفلسطينية في إطار جيش إلكتروني شكل لهذه الغاية".
وكشف قيادي فلسطيني بارز عن أنّه في ضوء إصرار الرئيس "أبو مازن" على تطبيق المصالحة الفلسطينية، فهمت الإدارة الأميركية أنّ تحصين البيت الفلسطيني أولوية لديه، فحاولت الضغط عليه من خلال إعلان ترامب القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وقبله قرار الكونغرس الأميركي بوقف الدعم المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وعدم تجديد وزارة الخارجية الأميركية لبناء ممثلية "منظّمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن.
وكانت إدارة ترامب تعتقد بانّه من خلال هذه الخطوات، يمكن تضييق الخناق على الرئيس "أبو مازن" ودفعه للقبول بأي تسوية مع الإسرائيليين.
لكن صُدِمَ البيت الأبيض بإصرار الرئيس الفلسطيني على التصعيد، والتأكيد أكثر من مرّة على عدم أهلية الإدارة الأميركية لتكون راعية للعملية السلمية.
هذا الموقف تزامن مع اتخاذ الرئيس الفلسطيني قراراً برفض استقبال نائب الرئيس الأميركي بايك بينس خلال زيارته إلى المنطقة، وأيضاً ارتفاع وتيرة تصعيد المواجهات ضد الإحتلال الإسرائيلي، والتي شملت القدس، الضفة الغربية، قطاع غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، ما أكد وحدة الموقف الفلسطيني.
ويقوم بينس بزيارة مصر والكيان الإسرائيلي، في أوّل زيارة لمسؤول أميركي رفيع المستوى بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقد أنجز المسؤولون الإسرائيليون ترتيبات زيارته التي ستشمل زيارة الجدار الغربي للقدس ليكون أوّل مسؤول أميركي بارز يزور هذا الجدار بصفة رسمية.
وتقرّر أنْ يرافقه في الزيارة ممثّل رسمي للكيان الإسرائيلي برتبة وزير في ضوء اعتراف ترامب الأخير.
إلى ذلك، ظهر التباين واضحاً بين إدارة الرئيس ترامب والموقف الرسمي للحكومة الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "CIA"، الذي ما زال يعتبر القدس الشرقية مدينة فلسطينية محتلة أسوة بباقي الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967.
وهذا يظهر أنّ التعامل الرسمي يعكس التعقيد الدائم في وضع مدينة القدس التي لا تعترف الولايات المتحدة وباقي دول العالم بضم الجزء الشرقي منها إلى "إسرائيل"، كما لا تعترف بضم الجولان السوري المحتل، لذلك لم يغيّر وعد ترامب الوضع القائم.
ونشرت وكالة الاستخبارات الأميركية على موقعها "كتاب حقائق العالم"، وصفت فيه أنّ "تصريح ترامب، الذي أعلن فيه القدس عاصمة لـ"إسرائيل" ينطبق فقط على القدس الغربية، بينما القدس الشرقية هي أرض فلسطينية محتلة بسكانها 210 آلاف مستوطن إسرائيلي".
وأوضحت أنّ الولايات المتحدة اعترفت في (6 كانون الأوّل 2017) بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، دون أنْ تتّخذ موقفاً حول مسألة الحدود والسيادة الإسرائيلية على المدينة.
كما تمَّ حذف المقطع الذي يتحدّث عن موقع السفارة الأميركية خارج القدس، دون ذكر أي شيء عن وعد ترامب بنقلها إلى المدينة، مشيراً إلى إقامة المزيد من البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
..ومندوبة الولايات المتحدة في "مجلس الأمن" نيكي هايلي ترفع يدها مستخدمة حق النقض "الفيتو"