عام >عام
العمالة مع اسرائيل في الـ2017... بين الاغراءات و"التسلية"
الأربعاء 27 12 2017 10:15إذا كانت اسرائيل لم تلطخ يدها بالدماء داخل الاراضي اللبنانية في العام 2017، فلبنان لم يسلم من شيطنتها في الحرب الباردة التي لا تتنحى عن خوضها في موطننا الحبيب. تسعى اسرائيل عبر حربها المخابراتية الى إضعاف لبنان عبر جمع المعلومات عن الجيش وحزب الله وساسته، بالإضافة الى ضرب التماسك الداخلي والوحدة الوطنية اللبنانية، وهذا يعتبر من اهدافها الرئيسية.
كثُرت تقارير القوى الامنية، من مختلف الاجهزة، الامن العام، وامن الدولة، قوى الامن ومخابرات الجيش، لتوقيفات طاولت متهمين بالتخابر والتواصل مع اسرائيل، منها ما هزّ البلد والاعلام اللبنانيين ومنها ما مر مرور الكرام. واللافت ان الاعلانات عن اعتقال عملاء اسرائيليين توالت بمعظمها لمن تُشغلهم الاستخبارات الاسرائيلية من خلال الانترنت.
أما القضية التي نالت اوسع شهرة وضجت وسائل الاعلام بها، هي التي صدمت كل من سمع بها، قضية الممثل والمسرحي زياد عيتاني، فهو الذي عمل على التركيز في فنه على تقاليد المجتمع المحلي البيروتي وعاداته، وتقديمها مع ضحكة وبسمة، ولقيت اعماله أصداء إيجابية على مختلف المستويات الى جانت علاقاته الوطيدة بشخصيات بارزة. وتبين خلال التحقيق ان ما طُلب منه كان التودد والتقرب من تلك الشخصيات، فالفتاة السويدية التي عرفها عيتاني باسم "كوليت فيانفي"، اتضح انها ضابط استخبارات إسرائيلية قامت بتجنيد عيتاني للعمل لمصلحتها. وارسلت له لائحة بأسماء وزراء وسألته عمّن يعرف بينهم، وفقاً لتسريبات التحقيق معه.
كما سألت عن الوضع الأمني في الجنوب وداخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وعن الحالة العامة بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وعمّا إذا كان يعتقد أنها مناورة أم حقيقية. واستفسرت منه عن "التغيير الديمغرافي في لبنان". وبدا لافتاً ما ورد في إفادة عيتاني عن أنّه كان يطلع فيانفي في كل مرة يلتقي بها أحد السياسيين أو مستشاريهم أو أحد الصحافيين، على كل ما دار بينهما من حديث. وحتى الساعة لم يتوضح ما إذا كان ما اوقع بعيتاني كان الاغراء المادي والمال، ام الجنسي، ام الاستدراج التسلسلي الذي اغرقه للوقوع في الفخ.
في المقابل، اثار الغموض الذي لفّ قضية توقيف الناشطة اللبنانية جنى بو دياب التي ترأس جمعية "معا" للدفاع عن القضية الفلسطينية بتهمة التواصل مع عميل للجيش الاسرائيلي يدعى سليم الصفدي وتزويده بمعلومات، تساؤلات عدة لم تُكشف حقيقتها الكاملة بشكل واضح بعد.
هذا الى جانب العديد من الذين تم توقيفهم بتهمة العمالة امثال م. ض. الذي ادعى عليه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس بتهمة التواصل مع إسرائيل وجمع معلومات عن شخصية سياسية لبنانية في صيدا، وغيره من لبنانيين وجنسيات مختلفة. فالعراقي مارفين ياقو، يقطن لبنان منذ عام 2014، وقد تم تجنيده من قبل أحد ضباط جهاز TASA ELITE التابع لوزارة حرب اسرائيل، الذي ينشط في مجال العمليات الخارجية في الدول العربية، وتنفيذ الاغتيالات، وتدريب المقاتلين. وطلب منه تزويده بمعلومات أمنية عن الجيش اللبناني، وشخصيات في لبنان، إلى جانب محاولة تجنيد اشخاص اخرين لتأليف شبكة تخريبية في الداخل اللبناني.
وتم ضبط وتوقيف شبكات تعمل لصالح الموساد، وآخر فصولها هذا العام خلية مؤلفة من ثلاثة أشخاص يشتبه في ارتباطها بإسرائيل، تنشط بين برج البراجنة ودير قوبل، فيما اعترف عباس سلامة، وهو أحد افراد الخلية، انه يتواصل مع إسرائيل "بقصد التسلية!"
الاخطر من ذلك، تداعيات الازمة التي طاولت مدرسة الليسيه فردان، بعدما كشف والد إحدى الطالبات عن توزيع معلّمة الصف الرابع الابتدائي (فرنسية الجنسية) على التلاميذ خريطة للبنان ظهرت فيها كلمة "إسرائيل" بدلاً من فلسطين، وأجبرت التلاميذ على كتابة ذلك على دفاترهم، فقامت احدى الاسرائيليات بالتواصل عبر فيسبوك مع والد التلميذة، محاولة تصوير إسرائيل على أنها دولة مسالمة للبنان. الأمر الذي يشير إلى متابعة الكيان الصهيوني لأدق تفاصيل الشؤون الداخلية اللبنانية ومراقبة الأمور الجدلية حولها، ومحاولة تنفيذ مخططها التطبيعي عبر السيطرة تربوياً، على عقول هذه العقول الطريّة.
هدف اسرائيل واضح، فلا فرق لديها في هوية العميل وقدراته، هي مستعدة لتجنيد اي مواطن لصالحها وتحويله الى "خائن" للاستفادة من أية معلومة بسيطة يقدمها. فالعمالة لإسرائيل لم تكن وليدة الأمس، بل فاق عمرها الـ70 عاما. والعمالة لصالح عدو للبنان كإسرائيل هو أكثر من جرم بالنسبة للقانون، ويُعتبر مجرّد التواصل مع اسرائيل عمالة، وهي لا تُبرر ولا تُغتفر مهما كانت الاسباب والدوافع.
تحاول إسرائيل دائماً اضعاف الساحة الداخلية في لبنان وضرب التماسك، وزرع الخلافات الداخلية، والمس بالاستقرار الأمني والسياسي، والاجتماعي، مهما كُشف من شبكات لعملائها في لبنان سيبقى الكثير منهم خارج المجهر، فالحرب الاسرائيلية على لبنان لا تهدأ ولا تستكن، ان لم تكن عسكرية تكون مخابراتية، وإعلامية، وتحريضية تتوغل في الداخل اللبناني للتأثير عن كثب!