لبنانيات >صيداويات
الجيش اللبناني ورحلة تفكيك الالغام الامنية في عين الحلوة
الاثنين 15 01 2018 08:03
قبل الانفجار الذي شهدته مدينة صيدا بالامس، كانت الانظار شاخصة الى حالة الانفراج التي ترجمتها وحدات الجيش اللبناني المتمركز عند مداخل مخيم عين الحلوة وفي محيطه، من خلال اعتماد اجراءات امنية تراعي حركة العبور، بما يسهل على سكان المخيم امورهم الحياتية، لكن الاستهدافات الامنية التي تغيب..لتعود وتطل بتفجيرات داخل مدينة صيدا، تجعل الملف الامني واحدا لا يتجزأ، طالما انه يستهدف الامن الوطني اللبناني.
كل الاجراءات والخطوات العسكرية والامنية التي قامت بها وحدات الجيش اللبناني عند مداخل مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة ..المتاخم لمديـنة صيدا، يمكن ان يُقال عنها انها تستفز سكان المخيم وقياداته السياسية، وتلحق الضرر بالمصالح الحياتية للالاف من الفلسطينيين الذين يتنقلون يوميا، من المخيم واليه، لولا وجود مربعات امنية في عدد من احياء المخيم، ينتشر فيها العشرات من الارهابيين اللبنانيين والفلسطينيين المطلوبين للقضاء اللبناني، على خلفية قيامهم بعمليات ارهابية قتلت عشرات المدنيين، واستهدفت مراكز واليات وحواجز الجيش اللبناني على امتداد المناطق اللبنانية، انسجاما مع اجندة التنظيمات الارهابية التي تقاتل في سوريا، ومنهم رموز ارتبط اسمها بمعليات ارهابية موصوفة، لجأوا الى المخيم ويحظون بحماية امنية، فيما لم «تُثمر» كل الخطط الامنية واعداد التشكيلات العسكرية التي قامت بها القياـدات السـياسية والامنية الفلسطينية عن معالجة امنية جدية، ولولا استهداف الوضع الامني داخل صيدا.
الحلحلة الامنية التي ازلت الاحتقان القائم على خط القيادات الفلسطينية والجيش اللبناني، حملتها رسالة طمأنة الى اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مخيم عين الحلوة، واصحبتها قيادة الجيش بخطوات ازالت الحدة في الاجراءات الامنية المتخذة عند حواجز الجيش المؤدية الى المخيم، ووضعت حدا للمعاناة التي يتكبدها السكان خلال انتقالهم من المخيم واليه، جراء الاجراءات الامنية التي عززها الجيش اللبناني قبل ثلاثة اسابيع، على اثر الاستنفار الذي نفذته الجماعات الاسلامية المتطرفة الموالية للارهابي المطلوب بلال بدر، على خلفية توقيف زوجته لبضع ساعات.
خطوة الجيش اللبناني باعتماد خطة امنية مرنة، لاقت ترحيبا وارتياحا في الاوساط الفلسطينية، سيما وانها ازالت الاحتقان الذي ساد العلاقة بين الجيش اللبناني من جهة والقيادة الفلسطينية من جهة اخرى، ما لبث ان طوته تسهيلات الجيش للسكان، في مقابل اجراءات امـنية غير معقدة تكفل حفظ الامن ومنع دخول اي مطلوب الى المخيم ..بعيدا عن استفزازا احد، فالخطوة الحكيمة للجيش اللبناني، وفق ما وصفته مصـادر قيـادية فلسطينية، جاءت بعد ان ارتفعت الاصوات الفلسطينية التي طالبت قيادة الجيش بتسهيل حركة سكان المخيم، فيما لوحت بعض الفصائل الفلسطينية باعلان الاضراب العام ضد اجراءات الجيش، الامر الذي كان سيؤدي الى خلق حال من التشنج والتوتر، لن يكون لمصلحة احد، لكونه خطوة تؤذي العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية.
ورأت المصادر الفلسطينية، ان كافة القوى والفصائل تتعامل مع الاجراءات الامنية للجيش بمسؤولية، انطلاقا من الحاجة الى هذه الاجراءات في ظل الاوضاع الراهنة التي تجعل من لبنان ساحة مستهدفة، لكن الاعتراض كان على حركة الازدحام التي كانت تشهدها المداخل، ما يعيق حركة وصول الطلاب الى مدارسهم والعمال الى مراكز عملهم، ولا احد يعتقد ان قيادة الجيش تقبل باستمرار الوضع الذي كان قائما، وقد تبلغت القيادة الفلسطينية حرص الجيش على مصالح سكان المخيم، وعملت على اضافة تعديلات على اجراءاتها الامنية التي وضعت حدا لمعاناة العابرين من سكان المخيم .
العجز الفلسطيني في معالجة المطلوبين واستنفار الجماعات
فالحركة العسكرية الاستفزازية الواسعة التي نفذها انصار الارهابي بلال بدر، الذي تحدثت معلومات غير مؤكدة عن مغادرته المخيم باتجاه ادلب، وفق ما ردد رمـوز في الجماعات الاسلامية في المخيم، عمـلت الفصـائل الفلسطينية ومن ضمنها عصبة الانصار الاسلامية على ازالتها، لمنع اي تفاهم للوضع، دفعت بالجيش اللبناني الى التعامل معها بكثير من المسؤولية والعناية المشددة، فوتت الفرصة على من يسعى الى ادخال المخيم مجددا في دائرة التوتير الامني، بالرغم من ان الاستنفار دلَّ على قدرة المجموعات الارهابية على التحرك داخل المخيم قبالة مواقع ومراكز وحواجز الجيش اللبناني، الامر الذي يفرض على الفصائل الفلسطينية مسؤوليات مضاعفة، للتخلص من ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين على خلفية تورطهم بعمليات امنية ذات طابع ارهابي، نفذت خلال الاعوام الماضية، ومنها العمليات التي تبنتها التنظيمات الارهابية التي كانت تقاتل في سوريا والعراق، والتي استهدفت حواجز واليات الجيش اللبناني ومناطق سكنية ومقرات دبلوماسية، فضلا عن متورطين في عمليات استهدفت قوات الامم المحدة المرقتة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، والمخاطر الامنية التي يشكلها هؤلاء نا تزال قائمة.
وتلفت الاوساط المتابعة، الى ان الجيش اللبناني اضطر الى تعزيز اجراءاته الامنية، بعد الفشل الذي اصيبت به القيادة الفلسطينية في ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين داخل مربعات امنية في مخيم عين الحلوة، وان بث المعلومات عن مغادرتهم المخيم لا ينهي الملف، بل ان معطيات من داخل المخيم تؤكد وجود اخطر المطلوبين الى القضاء اللبناني، وعلى القيادة الفلسطينية اخذ دورها في حماية المخيم من كل ما من شأنه ان يوتر الاوضاع الامنية بصورة دورية، مشيرا الى ان عشرات الخطط الامنية التي اعدتها القيادة الفلسطينية التي شكلت قوة عسكرية مهمتها ملاحقة المطلوبين،وشكلت لجنة تحت اسم «لجنة متابعة ملف المطلوبين»، بتزكية ومباركة من كافة الفصائل لمتابعة الملف والاتصال والتنسيق مع الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية، ومنها قيادة مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، ووصل العمل المتواصل الى تحديد لائحة اسمية بالمطلوبين، وجميعهم ليس مطلوبين عاديين يمكن المماطلة او التأجيل في ملفاتهم، بل هم متورطون في عمليات ارهابية موصوفة، فكان من الطرف الفلسطيني، وعبر لجنة متابعة ملف المطلوبين، ان طلب مهلة زمنية لاعداد المدة اللازمة لمعالجة حاسمة للملف، وقد ترك التنسيق القائم بين مخابرات الجيش اللبناني والقيادات الفلسطينية انطباعا ايجابيا انعكس على الواقع الامني داخل المخيم، لكن الامر لم يُثمر سوى عن عمليات تسليم لمطلوبين عاديين في قضايا عادية وغير مستعجَلة.
وتقول الاوساط نفسها.. ان اتصالات ماراثونية بين الجانبين اللبناني والفلسطيني، تكثفت على خطوط السفارة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية من جهة والاجهزة الامنية اللبنانية من اجل معالجة جدية لملف المطلوبين، وان «لجنة متابعة ملف المطلوبين» تلقت تسهيلات كبيرة من الجيش اللبناني للانطلاق في عملها، ومنها البدء بمعالجة ملف المطلوبين اللبنانيين، وابرزهم الارهابي شادي المولوي وانصار الشيخ احمد الاسير ومنهم فضل شاكر، على خلفية تورطهم في المعركة التي استهدفت فيها المجموعات العسكرية للاسير، مراكز واليات الجيش اللبناني في مدينة صيدا وبلدة عبرا، والتي حصدت 23 ضابطا وجنديا من الجيش اللبناني واكثر من 100 جريح، الا ان احدا من هؤلاء لم يتم تسليمه، بل ان معظم المطلوبين تردد انهم غادروا المخيم، من دون اي تأكيد، الامر الذي فسرته الجهات المعنية اللبنانية على انه محاولات للخروج مما اتفق عليه ولما تعهد به الجانب الفلسطيني للجيش اللبناني.
مسؤولية القيادات الفلسطينية في معالجة جادة
بالمقابل، توضح المصادر بان ملف المطلوبين بات من اصعب الملفات الامنية، بل يكاد يكون مستعصيا، اذا استمر التراخي الذي يظهره بعض القيادات الفلسطينية التي ابعدت من كل حساباتها الدخول في معركة عسكرية حاسمة ضد الجماعات التي تأوي المطلوبين وتؤمن الحماية الامنية لهم، انطلاقا من ما تعتبره انها غير مضمونة النتائج وحساباته قد تدخل المخيم في اشتباكات مدمرة..تحول المخيم الى كتلة من نار، ضحيته الاولى والاخيرة سكان المخيم، وبرأي متابعين، فان مسؤولية كيرى تُلقى على القيادات الفلسطينية، وقبل الوصول الى هذا الوضع الذي سيكون مُثقلا بتداعياته الامنية الخطيرة، معالجة الازمة الامنية التي لم تخطُ بعد خطوة واحدة باتجاه نهاية تٌخرج المخيم من تأثيرات الجماعات الارهابية المرتبطة باجندات لا تعني جمهور اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيم، بل انها تُثقل المخيم وسكانه بتداعيات مُدمرة، فالخطوة الاولى في مسار المعالجة الجادة للوضع الامني في المخيم، وتحمل الكثير من الاستهدافات، واحدة منها قضية، فاستعادة الهوية الحقيقية للمخيم، برأي الاوساط، هي الخطوة الاولى في مسيرة استعادة المخيم كـ «عاصمة» للشتات الفلسطيني في لبنان.