عربيات ودوليات >أخبار دولية
كوب ماء وبيتزا.. سقوط صلاح عبد السلام من الألف إلى الياء
الأحد 20 03 2016 19:07على مدى أربعة أشهر كاملة، نجح المطلوب الأول في أوروبا صلاح عبد السلام، في الاختفاء عن أنظار رجال الشرطة البلجيكية، بعد مشاركته في هجمات باريس في تشرين الثاني الماضي، وعلى الرغم من مئات الكاميرات وضباط الشرطة وفرق مكافحة الإرهاب، التي تضع عيونها مفتوحة على اتساعها في كل ركن وزاوية من حي مولنبيك، إلا أن صلاح عبد السلام ظل مختبئاً في الحي الشهير، قبل أن يوقع به هاتفه، وكميات كبيرة من البيتزا.
لم يكن عبد السلام مختبئاً إذن في سوريا أو تركيا أو في هولندا، كما زعمت بعض الصحف مؤخراً، لكنه كان "ببساطة" في مولنبيك، على بعد بضعة مئات من الأمتار من منزل أسرته، هناك في شارع فيرويندن حيث تمكنت القوات الخاصة أن تعتقله مساء الجمعة، حيث كان بصحبة صديقه ومساعده أمين شكري في ضيافة أحد معارفهما، ووفقاً لما صرح به عدد من سكان الشارع، كان صلاح عبد السلام مختبئاً في هذا البيت منذ عدة أشهر، بل أن بعضهم شاهده يعبر الشارع أكثر من مرة.
السقوط بالمصادفة
بدأت قصة سقوط صلاح عبد السلام بالمصادفة البحتة، حين قامت الشرطة البلجيكية مساء الثلاثاء الماضي 15 آذار بإرسال ستة من ضباط الشرطة، هم أربعة بلجيكيين، وضابطان من فرنسا، لمداهمة شقة في الطابق الرابع بإحدى بنايات حي فورست ببروكسل، وكانت المعلومات التي لدى الشرطة عن هذه الشقة تؤكد أنها خالية من السكان، وليس بها ماء أو كهرباء، لكن لأن التحقيقات في هجمات باريس تأكدت من أن شقة فورست تم استئجارها من قبل خالد البكراوي، وهو الشخص ذاته الذي قام باستئجار بيت شارلروا الآمن، والذي استخدمه إرهابيو باريس عبد الحميد أباعود وبلال حدفي وصلاح وإبراهيم عبد السلام، كنقطة تجمعوا فيها قبل توجههم إلى العاصمة الفرنسية، فكان لزاماً أن تقوم الشرطة بتفتيش الشقة، وما إن ضغط أحد الضباط على الجرس، حتى فتح الباب، وفوجئوا بطلقات كلاشينكوف تنهمر عليهم.
نعرف الآن كيف انتهت حادثة إطلاق النار في فورست: كان هناك ثلاثة من المشتبه بهم داخل الشقة، أولهما محمد بلقايد، الجزائري الذي قتل على يد أحد قناصة الشرطة، والذي أثبتت وثائق مسربة أنه التحق بداعش في 19 نيسان 2014، وأنه قاتل في سوريا تحت اسم أبو عبد العزيز الجزائري، وكان يستعد للقيام بهجوم انتحاري في أوروبا، واثنان آخران استطاعا الفرار من الشقة، وحينها زعمت وسائل إعلام أن الهاربين هما الشقيقان خالد وإبراهيم البكرواي.
بصمات عبد السلام وكوب الماء
مساء الخميس الماضي، وأثناء قيام رجال الشرطة برفع البصمات من شقة فورست، فوجئ المحققون بوجود بصمات صلاح عبد السلام على كوب زجاجي مملوء إلى نصفه بالماء، وهنا بدأت أولى خيوط سقوط عبد السلام الحقيقية في الظهور، حيث أعادت هذه البصمات الأمل من جديد في نفوس المحققين للقبض على المطلوب الأول في أوروبا، والهارب منذ أربعة أشهر كاملة، لم يكن هناك إلا معنى واحداً للعثور على بصماته على كوب من الماء، ألا وهو أنه كان في الشقة منذ ساعات، وهو ما يعني أن صلاح عبد السلام كان أحد المشتبه بهما اللذين نجحا في الفرار من الشقة بعد مقتل محمد بلقايد.
بيتزا
بدأ المحققون صباح الجمعة، في جمع المعلومات في شوارع فورست بعد هروب المشتبه بهما، وتوصلوا إلى المخبأ الجديد في شارع فيرويندن بمولنبيك، من خلال تتبع إشارات الهواتف، فبدأت الشرطة تراقب المنزل الذي اشتبهت في أن يكون الهاربين من شقة فورست يختبئان فيه، حتى حدث المشهد التالي: وصول سيارة تابعة لأحد محال البيتزا، ووقوفها أمام المنزل المراقب، يخرج عامل توصيل الطلبات من السيارة، يفتح باب السيارة الخلفي ويخرج كمية كبيرة من علب البيتزا، ويتجه إلى باب المنزل ضاغطاً على جرس الباب، تفتح الباب امرأة تتناول منه علب البيتزا الكثيرة، تعطيه الثمن وتغلق الباب من جديد.
بعد دقائق، كانت قوات الشرطة وفرق مكافحة الإرهاب تحاصر البيت، وباقتحامه، وجدوا بداخله أسرة كبيرة تتحلق حول قطع البيتزا وأكواب الشاي المغربي، وكان صلاح عبد السلام جالساً وسطهم، كواحد منهم، وبحسب صحيفة ده مورخن، فإنه فوجئ تماماً بوجود رجال الشرطة داخل البيت، وتمكنت الشرطة من السيطرة عليه بالداخل، إلا أنه قاوم، حتى هرب خارجاً من البيت، وفي الشارع أصابه رجال الشرطة في ساقه اليمنى، وتمكنوا من القبض عليه.
المخبأ بيت تابع للمدينة
صحيفة "ده مورخن" كشفت السبت، عن أصحاب البيت الذي كانوا يخبئون صلاح عبد السلام، وهم عائلة مغربية مكونة من: عابد وسهام أبركان وجميلة م.، وتم اعتقالهم جميعاً، وللمفاجأة، فإنهم كانوا يسكنون بيتاً تابعاً لمدينة بروكسل، كما كشفت مصادر مقربة من الشرطة، أن اعتقال صلاح عبد السلام كان سيتم مساء أول من الخميس، إلا أنه تم تأجيل اقتحام البيت إلى الجمعة.
أبريني وكيال لا يزالا هاربين
من ناحية أخرى، لا يزال هناك شخصان هاربين، يشتبه في صلتهما القوية بهجمات باريس في تشرين الثاني الماضي، وهما محمد أبريني الذي ينحدر من مولنبيك، وسفيان كيال الذي لا تزال هويته الحقيقية مجهولة حتى الآن.