بعد 24 ساعة على زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بدأت تتكشف اكثر فأكثر أهداف جولته في المنطقة وشمولها لبنان. وعلى عكس العناوين التي حاول «الموفد السبّاق» السفير ساترفيلد فان ما سعت وتسعي اليه ادارة الرئيس ترامب هو طرح مقترحات لحماية اسرائيل التي شعرت باهتزاز وخطر كبيرين بعد اسقاط طائرة الفانتوم من قبل الجيش العربي السوري فوق الجولان.
ووفق ما تسرب من معلومات فان الجانب الاميركي لم يسع منذ بداية تحركه الى المساعدة في معالجة ازمة الحدود البحرية وقضية الجدار الاسرائيلي او تخفيض التوتر بقدر ما ركز على أمرين اساسيين: اولا التركيز على الخطر الايراني ودور حزب الله في لبنان والمنطقة، وثانيا تسويق الافكار الاميركية في معركة النفط في المنطقة وحماية الحدود الاسرائيلية تحت عنوان نزع فتيل التفجير في المنطقة.
واذا كان وزير الخارجية الاميركي او مساعده لم يطرحا مباشرة مع المسؤولين اللبنانيين تفاصيل الخطة الاميركية لحماية اسرائيل، فان مصادر ديبلوماسية غربية تحدثت عن خطة أميركية - اسرائيلية مشتركة ترتكز على محاولة الضغط لانشاء منطقة حماية او عازلة للحدود الاسرائيلية تمتد على طول الحدود اللبنانية والسورية بعرض يتراوح بين عشرة وثلاثين او اربعين كيلومترا تحت عنوان ابعاد ايران وحزب الله والتنظيمات المسلحة التي تدور في فلكهما عن هذه الحدود.
وحسب المصادر نفسها فان رئيس الديبلوماسية الاميركية لم يطرح مع المسؤولين اللبنانيين هذه الافكار بصورة مباشرة، لكنه ركز في الوقت نفسه على الخطر الايراني وحزب الله تاركا لفريق عمله متابعة موضوع الحدود البحرية والجدار الاسرائيلي من باب تحويل هذا الموضوع كمدخل او وسيلة للوصول للاهداف الأميركية والاسرائيلية.
وما يعزز هذه المعلومات هو ان الجانب الاميركي لم يقدم طروحات جديدة او جدية تلامس او تقارب الموقف اللبناني، بل ذهب الى اقتراحات تعود بالمفاوضات الى ما قبل طروحات الموفد الاميركي السابق فريدريك هوف حول المنطقة الخاصة للبنان.
وبعد ساعات قليلة من مغادرة تيلرسون لبنان سارع فريقه برئاسة السفير ساترفيلد الى طلب مواعيد جديدة واجتمع مع الرئيسين بري والحريري ووزير الخارجية جبران باسيل.
وذكرت المعلومات ان الاجواء لم تكن ايجابية، ما حدا بالرئيس بري الى تظهير الموقف الذي اكده لساترفيلد، وهو الاصرار على ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة عن تفاهم نيسان 1996 على غرار ما حصل بالنسبة للخط الازرق، معتبراً ان ما طرحه الوفد الاميركي غير مقبول.
وتضيف المعلومات ان الجانب اللبناني حرص على توحيد الموقف تجاه طروحات ومقترحات الادارة الاميركية في هذا الصدد، وعدم الوقوع في أية مناورة تحاول الديبلوماسية الأميركية تمريرها من خلال جولة تيلرسون في المنطقة.
وتقول المعلومات ايضاً فان الجانب اللبناني بقي حذرا منذ البداية مع التحرك الاميركي الذي لم يظهر اشارة جدية على انه وسيط في شأن ترسيم الحدود البحرية، بل تبنّى الموقف الاسرائيلي مستخدما لغة التهويل على لبنان كرديف للتهديدات الاسرائيلية الأخيرة.
وتضيف هذه المعلومات انه على الرغم من الاجواء السلبية التي سادت حتى الآن مع الجانب الاميركي الا ان المفاوضات مرشحة للاستمرار. ويقول مصدر سياسي لبناني مطلع في هذا المجال ان واشنطن ستستمر في لعب هذا الدور و«الجرجرة» في التفاوض لوقت طويل، وانها تراهن بشكل او بآخر على محاولة زعزعة الموقف اللبناني وممارسة المزيد من الضغوط لكي تحقق نقاطا ومكاسب معينة على حساب لبنان.

 مؤتمر انتخابي للرئيس بري

وفي الاطار الانتخابي يعقد الرئيس نبيه بري مؤتمرا صحفيا ظهر بعد غد الاثنين يعلن خلاله برنامج لائحة التنمية والتحرير، مشعلا بذلك الضوء الاخطر لبدء الحملة الانتخابية لحركة أمل ومرشحيها.
ويتوقع ان يعلن ايضا اسماء مرشحي اللائحة مع العلم ان مصادر في الثنائي الشيعي ابلغت «الديار» امس ان اسماء مرشحي الحركة والحزب ستكون محسومة مع بداية الاسبوع وانها صارت مكتملة لدى الطرفين المتحالفين.
واضافت المصادر ان المرحلة الاولى ستكون مرحلة اعلان البرامج والاسماء، وان المرحلة الثانية ستكون مرحلة اعلان اللوائح وتركيب التحالفات.
واذا كان هناك تريث في اعلان هذه اللوائح او التحالفات فإن المداولات والاتصالات تجري بين القوى والاطراف بعيدا عن الاضواء على قدم وساق.
وتشير المصادر نفسها الى ان هناك بعض الاطراف لم تحسم بعد رأيها نهائيا بشأن التحالفات في بعض الدوائر، وان اطراف اخرى تفضل التريث ومراقبة مواقف ومسار القوى الاخرى.
ومن المتوقع ان يعلن الرئيس بري في البرنامج الانتخابي التأكيد والإلتزام بسيادة وحدود لبنان كاملة والدفاع عنها في وجه التحديات والتهديدات والاعتداءات الاسرائيلية.
ويركز على مجموعة بنود ونقاط تؤكد على الإلتزام بالدستور والقوانين وتطبيقها ودور المؤسسات وتفعيلها في اطار تعزيز دور الدولة. والحفاظ على الاستقرار العام والامني وتعزيز الجيش والقوى الامنية والتمسك بالنهج المقاوم في مواجهة الاطماع الاسرائيلية.

 الحريري والموقف السعودي

من جهة اخرى يبدو ان الرئيس سعد الحريري يتريث في حسم اسماء مرشحيه في بعض الدوائر، خصوصا ان ادوات ونقاط حملته الانتخابية لم تكتمل بعد بسبب حذره من الموقف السعودي.
ووفقا لمصادر مطلعة فإن السعودية لم تعط رئيس الحكومة اشارات واضحة يمكن ان تساعده في تسريع خطواته الانتخابية لا بل انها تركته وتتركه لقراءة الموقف السعودي من مسار الانتخابات والتحالفات مع التذكير بخطوط حمر مرسومة تتصل بالعلاقة او بالتعاون الانتخابي مع حزب الله مباشرة او بالواسطة، وعدم الرضى عن تحالفه المرسوم والمرجح مع التيار الوطني الحر في كل او معظم الدوائر.
وتضيف المصادر ان السعودية تحاول حتى الان ان تظهر نفسها انها لا تتدخل بالشأن الداخلي اللبناني وهي غير معنية بالتدخل في الانتخابات النيابية. لكنها في الوقت نفسه رسمت خطوطا غير معلنة للرئيس الحريري على اساس انها تتبنى منه ما يلائمها وتتبرأ او تحاسب على ما يمكن ان يقدم عليه خارج اطار هذا الخط المرسوم.
وبناء على ذلك فإن الحريري يفضل التريث واستهلال اكبر قدر من الوقت قبل حسم مسألة حملته الانتخابية او تسمية مرشحيه وتركيب لوائحه في كل الدوائر تفاديا للوقوع بالمحظور مع السعودية.
ويتردد ايضا ان القيادة السعودية لا تعارض بل تشجع على تشكيل لوائح رديفة في الدوائر ذات الغالبية السنيّة، ما يزيد الارباك لدى تيار المستقبل وتعاطيه مع الاستحقاق الانتخابي.
ورغم كل ذلك فقد صار معلوما ان الحريري حسم أمره لجهة تثبيت تحالفه مع التيار الوطني الحر، مع افساح المجال امام تحالفات مع قوى مسيحية اخرى مثل «القوات اللبنانية» في بعض الدوائر.

 مرشحو اللقاء الديموقراطي

من جهة اخرى قدم الحزب التقدمي الاشتراكي طلبات الترشيح للانتخابات النيابية الخاصة بأعضاء اللقاء الديموقراطي التي تضمنت: تيمور جنبلاط، مروان حمادة، نعمه طعمة، ايلي عون وبلال عبدالله عن منطقة الشوف، اكرم شهيب وهنري حلو عن منطقة عاليه، هادي ابو الحسن عن منطقة بعبدا، وائل ابو فاعور عن راشيا - البقاع الغربي وفيصل الصايغ عن بيروت الثانية.
وكان الوزير السابق المرشح ناجي البستاني قد تقدم بطلب ترشيحه يوم الخميس الفائت.