لبنانيات >أخبار لبنانية
الشاشات العربية الفاشلة وأمَّة "إقرأ"
الشاشات العربية الفاشلة وأمَّة "إقرأ" ‎السبت 3 03 2018 20:03
الشاشات العربية الفاشلة وأمَّة "إقرأ"

العميد البروفسور تيسير حمية

لم تستطع أكثرية الشاشات العربية وخاصة اللبنانية منها من أن تساهم في إيجاد مجتمعات إنسانية خلّاقة واقتصرت في الأعم الأغلب على تقديم وجبات اصطناعية تعنى بالشكل والظاهر دون المضمون الحضاري والعلمي والبحثي البنّاء والمُنتِج للأفكار والمحرِّك للإقتصاد العربي المستدام واكتفى الإعلام المرئي العربي بتقديم برامج التفاهة والجنس والغناء والطبخ وأنظمة الأكل والثرثرة السياسية المثقَّلة بالسباب والشتائم وتزييف الحقائق والوقائع لقاء حفنات من الدولارات الفانية ومن أجل استقطاب أكبر عدد من المشاهدين الذين اعتادوا هم الآخرون على تلك الشاشات وتسمّروا أمام قبحها وغوائها الشيطاني لساعات وساعات دون انتاج فاعل وبلا عمل إبداعي ربما يحدث قفزة نوعية لشعوبنا النائمة منذ غزو التلفاز كل البيوتات العربية منذ أكثر من نصف قرن. 
ومن المعيب أنه، على امتداد وطننا العربي المترامي الأطراف من المحيط إلى الخليج، قلَّما تجد شاشات مخصصة لبرامج التوعية والتثقيف والإنتاج والإبداع والتفكير السليم والتعليم والإبحار في عالم الأبحاث العلمية.
وعبر نظرة سريعة، يتبين لنا أن عدد سكان الوطن العربي يبلغ حوالي 360 مليون نسمة ولو افترضنا أن 10 بالمئة منهم يشاهدون التلفاز يومياً لأربع ساعات، ينتج عن ذلك أن الحد الأدنى للعدد السنوي الإجمالي لساعات تسمُّر العرب أمام التلفاز يبلغ حوالي 13 مليار ساعة مهدورة وإذا علمنا أن متوسط سعر ساعة العمل في بلادنا لا يقل عن 5 دولارات يظهر جلياً أن الهدر المالي السنوي للعائلات العربية يبلغ تقريباً حوالي 65 مليار دولار أمريكي وهذا يعني أن إجمالي هدر الشعوب العربية الناتج عن التلفاز يتجاوز الألفي مليار دولار وهو المبلغ الكافي لأن يتصدر الوطن العربي المركز الأول على لائحة دول العالم قاطبة إذا ما أحسن استعماله.
من هنا يتبين لنا النقص الشديد لدى المواطن العربي أكان لجهة القراءة أم لجهة التأليف حيث أظهرت الدراسات أنه يصدر سنوياً كتاب واحد لكل 12 ألف مواطن عربي، بينما هناك كتاب لكل 500 إنكليزي، ولكل 900 ألماني، على أن الدراسات أظهرت أن نسبة ما يقرأه الفرد في العالم العربي لا يتعدى ربع صفحة سنوياً، وذلك بحسب نتائج خلصت إليها لجنة تتابع شؤون النشر، تابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر. ويعتبر هذا المعدل منخفضاً ومتراجعاً عن السنوات الماضية، ففي عام 2003، وبحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو، كان كل 80 عربياً يقرأون كتاباً واحداً، بينما كان المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتاباً في السنة، والمواطن في الكيان الإسرائيلي الغاصب يقرأ 40 كتاباً، ورغم الفارق الكبير في نصيب القراءة للمواطن العربي مقارنة بالأوروبي، إلا أنه كان يعتبر سابقاً أفضل من الوقت الحالي، حيث تراجع إلى ربع صفحة فقط سنوياً، وهو معدل كارثي.
وقد جاء في تقرير التنمية البشرية عام 2011، الصادر عن "مؤسسة الفكر العربي" أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً، بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنوياً، وهذا يوضح لنا مدى الكارثة الثقافية والعلمية التي يعيشها المواطن العربي، مقارنة بمواطنين في الدول الأوروبية لا بل مقارنة في أكثر دول العالم.
وهل يحقُّ لنا أن ندَّعي بعد كل هذا أننا أمَّة "إقرأ"!!!!!!!!!!!!!!!