لبنانيات >أخبار لبنانية
وهج "الضربة" على سوريا يلفح لبنان ومصير... انتخاباته
وهج "الضربة" على سوريا يلفح لبنان ومصير... انتخاباته ‎الخميس 12 04 2018 08:05
وهج "الضربة" على سوريا يلفح لبنان ومصير... انتخاباته


هل تَجري الانتخابات النيابية في موعدها المقرَّر في 6 مايو المقبل؟... لم يعد هذا السؤال، الذي دَهَمَ بيروت بقوة، مجرّد تعبير عن «شكوكٍ في غير محلّها» بل هو بدا أقرب ما يكون إلى فرَضيةٍ واقعيةٍ أَمْلاها قرْع طبول حربٍ من نوعٍ آخر في سورية، المسكونة بالحروب منذ أكثر من 7 أعوام، ومن غير المستبعد استدراج لبنان إلى مسْرحها المفتوح على تداعياتٍ قد لا تكون في الحسبان.
فبيروت، التي طغى فيها الصِدام الإقليمي - الدولي المحتمل في سورية على صُداعِها الانتخابي والصراعات المحمومة بين اللوائح المتنافِسة على تخوم صناديق السادس من مايو، قرأتْ في تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن «الصواريخ الآتية» ما هو أشبه بـ «البيان رقم واحد» لعمليةٍ جوية لاحت طلائعها مع مجيء الأساطيل إلى المياه الساخنة في البحر المتوسط والكلام الكثير عن سيناريواتٍ تنتظر الساعة صفر.
ورغم تَراجُع عامل المباغتة في أيّ ضربةٍ جوية تلجأ إليها الولايات المتحدة و«أخواتها» ضدّ النظام في سورية وإتاحة المجال أمام قوات الرئيس بشار الأسد وحلفائه لمعاودة الانتشار بعد نشْر تقارير عن «بنك الأهداف»، فإنه بدا من الصعب التكهن بمجريات أي عملية حشدت لها واشنطن العالمَ الحرّ والتداعيات التي قد تنجم عنها في ضوء أدوار موسكو وطهران تل أبيب ومعهم «حزب الله».
وثمة معلومات في بيروت، التي لم تنَم على مدى الليالي الماضية وهي تقلّب التقارير عن «الضربة الوشيكة» لنظام الأسد، أن «حزب الله» رَفَع من مستوى استنفاره الى الدرجة القصوى منذ اللحظة التي تعاظمتْ معها احتمالات الردّ الأميركي - الغربي على استخدام قوات الأسد السلاح الكيماوي في دوما، وقيام اسرائيل بالإغارة على مطار «تي فور» في سورية كمؤشرٍ على ما هو أَدْهى.
وإذا صحّتْ التقارير عن استنفار «حزب الله» المنتشر في الجهات الأربع من البلاد، يكون لبنان في «حال حرب» بالتوازي مع المواجهة المتوقَّعة في سورية، وهو الأمر الذي يجعل بيروت تحت وطأة انتظارٍ ثقيل لما قد يحدث، وخصوصاً في ظل اعتقادٍ سائد بأن السؤال لم يعد هل ستقع الضربة، بل متى؟ وكيف؟ وعلى أي أهداف؟ وتالياً أي وقائع جديدة ستنجم عنها؟ علماً أن لبنان عاش «مقدّمات» الضربة على شكل «حرب إشاعات» غزتْ مواقع التواصل بعضها عن بوارج روسية وزوارق بالمئات قبالة شاطئ صيدا «الذي صار مثل شاطئ النورمادي» وبعضها الآخر عن «انتشار مئات العناصر الروس» في نقاط داخل عاصمة الجنوب وغيرها من «الأخبار الافتراضية».
وبينما «تطايرتْ» رسائل «التهديد والوعيد» من «فوق رأس» لبنان، فإن أوساطاً مطلعة في بيروت تحرّت عن مغازي أن يكون تحذير موسكو بأن «اي صواريخ أميركية تطلق على سورية سيتم إسقاطها وحتى إسقاط مواقع إطلاقها» صدر من قلب بيروت وتحديداً عبر سفير روسيا فيها الكسندر زاسبيكين، وهو التصريح الذي ردّ على خلفيته ترامب متوجهاً الى روسيا «الصواريخ آتية وستكون جميلة وجديدة وذكية».
ورغم ان زاسبيكين قال في تهديده انه يستند إلى تصريحاتٍ للرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الأركان الروسي، فإن الأوساط السياسية رأتْ ان إطلاق السفير الروسي هذا الكلام اكتسب أبعاداً مهمّة لأنه جاء عبر شاشة «تلفزيون المنار» التابعة لـ «حزب الله»، لافتةً الى أن هذا الأمر يَطرح علامات استفهام حول إذا كان في ذلك رسالة ضمنية تؤشر على أن كل المحور الروسي - الإيراني - السوري سيعتبر نفسه مستهدَفاً بالضربة وتالياً صاحب «حق بالردّ» أم أنه في سياق حرب «رسم السقوف» للعملية العسكرية وحدودها.
وإذ دعت هذه الأوساط إلى رصْد مسار الضربة العسكرية وإذا كانت ستتحوّل «كرة نار» تتدحْرج لتقلب الأوضاع في سورية أم أنها ستبقى في إطار «الردّ العقابي» والذي يعيد التوازن الى المشهد السوري، باعتبار ان السيناريو الأول لا بدّ ان يترك تداعيات على لبنان المربوط بالأزمة السورية عبر «حبل السرّة» الذي يشكّله «حزب الله»، توقّفت عند حرْص رئيس الحكومة سعد الحريري العائد من لقاء جمعه مساء الثلاثاء الماضي في باريس مع كل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على وضع هذا اللقاء الثلاثي كما الاجتماع الذي عقده مع الأمير محمد بن سلمان (ليل الاثنين) بحضور ملك المغرب محمد السادس في سياق «العمل على تحييد لبنان وتأكيد الحرص العربي والدولي على استقراره».
واذ وصف الحريري في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل ظهر أمس وشرح فيه ما حققه لبنان من مؤتمر «سيدر 1» لدعم الاستثمار، لقاءه مع ولي العهد السعودي بأنه كان «ممتازاً» موضحاً «ان الأمير محمد بن سلمان يريد استقرار لبنان ويؤمن بالاستثمار فيه سواء عبر سيدر 1 أو من خلال اتفاقات سنوقّعها مع المملكة قريباً جداً في قطاعات عدة صناعية وسياحية وخدماتية»، أشار الى أن «لقائي مع الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي هو لتعزيز الاستقرار الضروري في لبنان».
وعن موقف لبنان من الضربة العسكرية المرتقبة في سورية وإذا كان جرى بحثها في اللقاء الثلاثي في باريس «في ظل موقفٍ غير معارِض لها من ماكرون وولي العهد السعودي»، أكد الحريري «أنا ضدّ استعمال الكيماوي ضدّ الناس، ولكن سياستنا كحكومة هي النأي بالنفس، وهذا أمر نتمسّك به، أما هذه الدول فلديها قرارات سياسية سيادية وهي حرّة في التصرف كما تراه مناسباً لمصلحتها ولمصلحة المنطقة. ووظيفتي الأساسية كرئيس حكومة لبنان حماية لبنان من تداعيات أي أمر قد يحصل، وكيف يمكنني فعل ذلك اذا كنتُ لا أتحدث مع المجتمع الدولي أو إذا لم نكن أَقمْنا buffer zone (منطقة عازلة) في السياسية والأمن والاقتصاد، وهذا ما أحاول القيام به في هذه المرحلة».
وبينما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد «ان ليس لدي اي تخوف من أي عمل امني يمنع إجراء الانتخابات النيابية، فلبنان لن يتأثر بأي حدث أمني في سورية»، حذّر رئيس البرلمان نبيه بري أمام زواره في دارته في المصيلح (الجنوب) من «الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجم عن أي عمل عسكري يستهدف سورية»، مبديا خشيته من «اي ان يكون اول ضحاياه استقرار المنطقة ووحدتها، ناهيك عن ما سيترتب عنها من سفك للدماء والتدمير والتهجير للشعب السوري الشقيق».

المصدر : الراي