عام >عام
قتيل و10 جرحى في مخيّم عين الحلوة.. ومخاوف من الانفجار مجدّداً!
انقشاع غبار الاشتباكات يكشف عن أضرار مادية جسيمة بعد هلع الأهالي وترويع الأطفال
قتيل و10 جرحى في مخيّم عين الحلوة.. ومخاوف من الانفجار مجدّداً! ‎الاثنين 4 04 2016 08:17
قتيل و10 جرحى في مخيّم عين الحلوة.. ومخاوف من الانفجار مجدّداً!
فطور صباحي بعد وقف إطلاق النار في المنطقة التي شهدت الاشتباكات

ثريا حسن زعيتر

انقشع أمس، غبار الاشتباكات التي شهدها مخيّم عين الحلوة يومَيْ الجمعة والسبت الماضيين، بين حركة «فتح» ومجموعات تدور في فلك «الشباب المسلم»، ولكن بحصيلة مقتل العنصر في حركة «فتح» حسين عثمان و10 جرحى، وأضرار مادية جسيمة في الممتلكات، من محال تجارية ومنازل وسيارات، وتقطّع خطوط الكهرياء، فضلاً عن حالة الهلع والخوف التي عاشها أبناء المخيّم، الذين اضطر العشرات منهم إلى مغادرته حفاظاً على حياة عائلاتهم، ولعدم ترويع الأطفال.
وقد سُجّلت اشتباكات عنيفة استُخدمت خلالها مختلف أنواع الأسلحة الرشّاشة وقذائف الـ «آر.بي.جي.» والقنابل اليدوية، وتحديداً بين مفرق سوق الخضار الشرقي، وأحياء الصفصاف، والطيري وعكبرة، وصولاً إلى منطقة البركسات – عند المدخل الشمالي للمخيّم، حيث كانت تُسمع أصوات الانفجارات بشكل واضح في مدينة صيدا والمناطق المجاورة.
واتخذ الجيش اللبناني إجراءات أمنية مشدّدة في محيط المخيّم، لمنع توسّع دائرة الاشتباكات، التي كانت على مسافة قريبة من مواقعه عند مدخل «مستشفى صيدا الحكومي».
وتأكيداً على عودة الهدوء وإنهاء ذيول الاشتباك، شهد مكان الاشتباكات صباح أمس فطوراً مشتركاً لأبناء المخيّم، وتحديداً في المنطقة التي كانت مسرحاً للاشتباكات.
هذا في وقت عاد الأهالي لتفقّد منازلهم وممتلكاتهم في الشارع الفوقاني، حيث كانت المفاجأة حجم الأضرار الجسيمة التي وقعت خلال اشتباكات اليومين، وسط مطالبات المتضرّرين بالتعويض عليهم، ومناشدة المعنيين ضمان عدم تكرار ما يحصل بتثبيت الاستقرار.
وجاء هدوء الأمس، بعدما نجحت القوى الفلسطينية في المخيّم، وثمرة اتصالات لبنانية وفلسطينية على مستويات عدّة، بتثبيت وقف إطلاق النار، منذ ليل أمس الأول، حيث لم يُسجّل أي خرق أو إطلاق رصاص.
واستطاعت «القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة» مدعومة من حراك «المبادرة الشعبية» والفصائل والقوى الفلسطينة من تثبيت وقف إطلاق النار وسحب المسلّحين من الشوارع، بعد استنفار «عصبة الأنصار الإسلامية» في حي الصفصاف، بعدما كان الاتفاق قد انهار عصر (السبت).
التثبّت من وقف إطلاق النار
وشكّلت «اللجنة اﻷمنية العليا» بعد اجتماعها في «مركز النور» ثلاث لجان لتثبيت وقف إطلاق النار والتأكد من أي خرق ميداني والتنسيق في ما بينها:
- الأولى: تألّفت من عدنان أبو النايف وصلاح اليوسف، وتوجّهت إلى منطقة البركسات، والتقت اللواء صبحي أبو عرب وبعض القادة الميدانيين.
- الثانية: تألّفت من الشيخ أبو شريف عقا، شكيب العينا، غسان أيوب وأبو العبد تامر، وتوجّهت إلى منطقة الصفصاف، والتقت الشيخ جمال حمد وجالت في منطقة الصفصاف.
- الثالثة: تألّفت من أبو بسام المقدح، أبو أحمد فضل، عبدالله الدنان وإبراهيم الجشي، وتوجّهت إلى مفرق سوق الخضار الشرقي مقابل حي الطيرة، وزارت كذلك العميد محمود عيسى «اللينو».
وتأكّدت اللجان الثلاثة من تثبيت وقف إطلاق النار، وبعدها صدر بيان وقف إطلاق النار.
وبعد صلاة عصر أمس، جرى تشييع جثمان الضحية حسين عثمان في موكب حاشد، حيث نُقل الجثمان إلى منزل ذويه بالقرب من عيادة «الأونروا» في الشارع الفوقاني للمخيم، لينطلق الموكب تزامناً مع إطلاق نار كثيف وقنبلة يدوية.
وقد أُصيب المواطن رائف حوراني في يده إصابة طفيفة، خلال تعثّره ووقوعه أرضاً جرّاء إطلاق النار، حيث عمد خلال التشييع إلى إطلاق بضع صليات باتجاه حي الصفصاف ومخيّم الطوارئ، دون أنْ يسفر ذلك عن وقوع إصابات أو أي رد.
وإذ ووري جثمان عثمان في ثرى مقبرة صيدا الجديد – سيروب؛ توجّهت عائلة عثمان بشكرها إلى «كل من واساها في مصابها الأليم»، مؤكدة أنّها «لن تُقيم ختمة يوم الثالث، حرصاً على سلامة المواطنين في حال تم الاعتداء على التجمع الكثيف لهم بإطلاق النار من القتلة المأجورين».
هذا، ومتابعة للأحداث الأمنية المؤسفة، كانت «اللجنة الأمنية العليا» قد عقدت اجتماعاً طارئاً من أجل معالجة الوضع الأمني والعمل على وقف إطلاق النار، وصدر عن المجتمعين المقرّرات التالية:
1- إدانة الاشتباكات التي حصلت وإطلاق النار على الآمنين، ما أدى إلى إزهاق الأرواح وسقوط الجرحى والأضرار بالممتلكات.
2- تثبيت وقف إطلاق النار الفوري من جميع الأطراف، وتحميل المسؤولية لكل طرف يقوم بإطلاق النار.
3- تشكيل لجان ميدانية من أجل متابعة وقف إطلاق النار من كافة المناطق والاتجاهات، والتأكد من مصادر إطلاق النار ومنع استمرارها.
4- ستتم متابعة جذور المشكلة الحقيقية وأسبابها ومعالجتها معالجة نهائية، لجهة محاسبة مفتعلي المشاكل، والمتسبّبين للحوادث الأمنية في كل مرّة.
5- ندعو أهلنا الذين غادروا من مخيّم عين الحلوة إلى الرجوع إلى المخيّم، وممارسة حياتهم الطبيعية، وتؤكد اللجنة الأمنية العليا أنها في حالة انعقاد دائمة من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، ومنع تكرار او حصول أي حدث أمني من جديد.
6- أن ما يحصل في مخيّم عين الحلوة يضر بالقضية الوطنية الفلسطينية، خاصة أن استهداف المخيّم وأي من المخيّمات يعتبر استهداف مباشر لحق العودة.
7- تدعو اللجنة الأمنية العليا أهلنا الكرام إلى توخي الحظر من الشائعات والبيانات المدسوسة التي توزع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التأجيج وبث الفتن والتأكد من صحة البيانات من مصادرها المعتمدة.
8- تشكر اللجنة الأمنية العليا كل من اتصل من قيادات سياسية وأمنية لبنانية من أجل الاطمئنان على وضع أهلنا في مخيّم عين الحلوة، والتأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار حفاظاً على القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني في المخيّمات.
«فتح»
{ وأصدرت قيادة حركة «فتح» في لبنان بياناً جاء فيه «كل الجهود التي بذلت من كافة الأطراف والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية واللبنانية، من أجل تثبيت وقف كامل لإطلاق النار وعودة الحياة إلى طبيعتها بعد الأحداث الأليمة والمؤسفة التي شهدها مخيّم عين الحلوة خلال اليومين الماضيين والتي أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى ووقوع أضرار مادية هائلة في الممتلكات».
وأكدت «التزامها الكامل بكل الإتفاقات والبيانات التي أعلنت عنها القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في لبنان، وبتثبيت وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه اللجنة الأمنية العليا المنبثقة عن الفصائل الفلسطينية، في الوقت ذاته فإن قيادة حركة «فتح» تدين وتستنكر بأشد العبارات كل محاولات التخريب العبث بأمن المخيّم من أية جهة أو فرد كان ولأي فصيل ينتمي, وإننا في حركة «فتح» نرفع الغطاء عن أي عنصر من صفوفها يحاول العبث أو العمل على خرق وقف إطلاق النار وذلك حرصا منا على أمن وسلامة واستقرار المخيّم وأهله والذي نعتبره خطا أحمر لن نسمح لأحد بتجاوزه  بجرنا أو دفعنا للفتنة العبثية، ونعتبر أن حماية وتعزيز صمود أهلنا في المخيّم وأمنه واستقرار من مسؤولياتنا الوطنية وفي مقدمة أولوياتنا في الحفاظ على الوجود الفلسطيني في لبنان وتعزيزه».
وشدّدت على «أهمية دور «القوة الأمنية المشتركة» في حفظ الأمن والإستقرار في المخيّم»، مبدية «أشد الأسف هذه الأحداث الأليمة التي وقعت في المخيّم والتي أدت إلى سقوط هذا العدد من الجرحى والشهداء خلال الأحداث، وفي نفس الوقت ندين بشدة الإغتيالات التي وقعت بحق أبناء شعبنا والتي أدت إلى توتير الأجواء في  المخيّم وإنفلات الوضع الأمني».
المقدح
{ من جهته، أكد قائد «القوّة الأمنية المشتركة» في لبنان اللواء منير المقدح أن «الجهود الفلسطينية الوطنية والإسلامية لم تتوقف حتى تم تثبيت وقف إطلاق النار في عين الحلوة»، مشيراً إلى أن «قرار حركة «فتح» عدم إطلاق النار وضبط الوضع الأمني في المخيّم لمنع الانجرار إلى فتنة لا تحمد عقباها».
وقال اللواء المقدح: «إن الوضع الأمني في المخيّم حذر»، منوّهاً بـ»دور المبادرة الشعبية التي نزلت إلى أرض الميدان للمساهمة مع «القوّة الأمنية المشتركة» لوقف إطلاق النار بالصدور العارية».
عقل
{ فيما أوضح الناطق الرسمي بإسم «عصبة الأنصار الإسلامية» الشيخ أبو شريف عقل «أن سبب الإشكال الأخير في مخيّم عين الحلوة، هو نتيجة تضارب بالأيدي بين عدد من الفتيان ما لبث أن تحوّل إلى اشتباكات مسلحة، ونحن نعمل على تهدئة الوضع من خلال الاتصالات التي نقوم بها بالتعاون مع كافة الفصائل و»المبادرة الشعبية»، وتوصلنا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار».
وتابع: إن «استنفار «عصبة الأنصار الإسلامية» في حي الصفصاف بعد اندلاع الاشتباكات، جاء بهدف سحب المسلحين من الشارع، وبالتعاون مع «القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة» تم سحب العناصر المسلحة من الشوارع»، معتبراً أن «هناك من يحاول العبث بأمن المخيّم وعدم ترك الأمور هادئة، لكن بفضل إرادة أصحاب النفوس الحميدة والطيبة وصلنا إلى التهدئة المنشودة في المخيّم وتحقيق الأمن والأمان».
ورأى عقل «أن الأحداث التي يشهدها المخيّم تعطل عمل «خلية الأزمة الأونروا» التي تعمل من أجل تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني وحصوله على حقوقه بعد القرارات المجحفة بحقه»، مؤكداً «الحرص على استتباب الأمن والأمان حتى نتمكن من تشكيل اللجان والتفاوض مع الأونروا».
الحريري
{ وفي إطار المعالجات، أجرت النائب بهية الحريري اتصالات هاتفية مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود، قائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة، أمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبو العردات، رئيس «الحركة والإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب، مسؤول «عصبة الأنصار الأسلامية» الشيخ أبو طارق السعدي، قائد «قوات الأمن الوطني الفلسطيني» اللواء صبحي أبو عرب، واطلعت منهم على صورة الوضع في المخيّم، وللتأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار.
وأصدرت النائب الحريري بياناً، قالت فيه: إن «الشعب الفلسطيني في الوقت الذي كان فيه يستعيد بكثير من الاعتزاز والفخر محطة مضيئة من محطات مسيرة نضالاته الطويلة دفاعاً عن حقه في أرضه ومقدّساته بوجه الاحتلال الإسرائيلي في ذكرى يوم الأرض، وفي الوقت الذي كان اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يتوحدون فصائل وقوى وطنية وإسلامية ومواطنين خلف قضاياهم الوطنية وحقهم في العيش الكريم لحين عودتهم إلى أرضهم، طالعتنا الأحداث المؤسفة التي شهدها مخيّم عين الحلوة وما رافقها من سقوط ضحايا وجرحى وترويع وتهجير وأضرار في الأرزاق والممتلكات، لتضيف إلى معاناة أبناء المخيّم واللاجئين الفلسطينيين المزيد من المآسي والويلات التي ذاقوا مرارتها في مراحل سابقة».
وتابعت: «إن ما جرى في مخيّم عين الحلوة يتناقض مع إرادة أبناء المخيّم وإجماع قواه وفصائله على الحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته باعتبارها هما قوة لقضيتهم، وأن صيدا التي تعتز بأنها «عاصمة الشتات الفلسطيني»، وحاضنة قضاياه المحقة والعادلة والمدافعة عن حقوقه، ساءها ما حصل في مخيّم عين الحلوة لأنها تعتبر أن أمن المخيّم هو جزء من أمنها وأن أي انزلاق في آتون الاقتتال الداخلي الفلسطيني يصيب المدينة في الصميم».
وختمت النائب الحريري: «إن المطلوب وقفة فلسطينية واحدة ضد الاقتتال بكل إشكاله في عين الحلوة، وعدم الاحتكام للسلاح في حل المشكلات التي تطرأ، وبالتالي أن ما جرى يحمل الجميع من جديد مسؤولية مضاعفة وتكثيف الجهود للعمل من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وتحصينه بالحوار، ومن خلال تعزيز الأطر الفلسطينية المشتركة السياسية والأمنية والأهلية، وبالتواصل والتعاون مع فاعليات المدينة والقوى الأمنية والعسكرية اللبنانية، لنزع كل فتائل وأسباب التفجير حقناً للدماء، وحفاظاً على سلامة أبناء المخيّم وعلى أمن واستقرار صيدا ولبنان، وتصويباً للبوصلة الفلسطينية نحو فلسطين القضية والأرض واستعادة الحقوق».
البزري
{ واعتبر الدكتور عبد الرحمن البزري أنّ «استمرار التوتر الأمني والاشتباكات أمر غير مقبول، ويسيء إلى المخيّم ومحيطه، وإلى مدينة صيدا وإلى القضية الفلسطينية عموماً، وعلى القوى الفلسطينية أن تجد حلاً سريعاً لهذه الأحداث المؤسفة، والتي عكست نفسها على أوضاع أهالي المخيّم وسكانه والمناطق المجاورة له»، مشدداً على «أن ما حققه الفلسطينيون من إيجابيات خلال تحركهم الموحّد في وجه سياسة «الأونروا» وإجراءاتها التعسفية، يفقدونه الآن نتيجة لاستمرار الأحداث المؤسفة».
حمود
{ فيما تابع المسؤول السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» في الجنوب الدكتور بسام حمود تطور الأحداث في المخيّم، مجرياً سلسلة اتصالات ومشاورات مع قيادات لبنانية وفلسطينية تمحورت جميعها حول «سبل إنهاء هذا الصراع العبثي الذي لا يخدم إلا أعداء القضية الفلسطينية، وينعكس سلباً على الشعب الفلسطيني الذي لا يكاد يخرج من مشروع فتنة حتى يدخل بغيرها في مسلسل تدميري دموي تهجيري، ينعكس أيضاً بشكل سلبي على مدينة صيدا بكل الأبعاد السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية».
وتمنى حمود أن «يصمد وقف إطلاق النار، الذي تم التوافق عليه وأن يتحول إلى استقرار دائم وتوافق على عدم اللجوء إلى السلاح، عند أي خلاف فردي أو عائلي أو عشائري أو حتى سياسي، وليتحمل الجميع مسؤولياتهم أمام الله وشعبهم والتاريخ».

«اللجنة الأمنية العليا» خلال اجتماعها في مركز النور بمخيّم عين الحلوة