لبنانيات >أخبار لبنانية
من الرئيس نبيه بري إلى أمير البحر ” هشام “
السبت 19 05 2018 21:02جنوبيات
*أمير البحر *
*بقلم دولة الرّئيس نبيه برّي*
ولمّا دخلَ السّفينة تَبِعَهُ تلاميذُه، وإذا اضطرابٌ عظيمٌ قدْ حَدَثَ في البحر حتّى غَطَّتِ
الأمواجُ السّفينةَ، وكان هو
نائمًا، فتقدّم تلاميذه وأيقظوه قائلينَ يا سيّدُ نَجِّنا فإنّنا نهلك. فقال لهم ما بالُكم خائفين، يا
قليلي الإيمان؟ ثمّ قام وانتهر
الرّياح والبحر، فصار هدوءٌ
عظيم، فتَعَجَّبَ النّاسُ قائلين: أيّ إنسانٍ هذا فإنَّ الرّياحَ والبحرَ جميعًا تطيعه؟”
*إنجيل متّى-الإصحاح الثّامن*
“أنتم يا أبنائي الثّوّار كموْجِ البحر، إذا هدأْتُم انتهيْتُم”.
*الإمام القائد موسى الصّدر*
“عندما تَدَلّى عنقُ طفلة
المنصوري على نافذة سيّارة
إسعاف كشّافة الرّسالة
الإسلاميّة كانت عيناها مفتوحتيْنِ على البحر”.
*عدوان نيْسَان 1996*
من أينَ أبدأُ يا هشام؟
همسًا لِذَاتي…ما عدْتُ كما كنْتُ قديمًا هلْ أفتحُ اللغةَ العصيّةَ أتلو وصيّتكَ الأخيرة؟ وأراكَ تصهلُ في السّؤالِ وفيكَ الجواب
وتنتعلُ المياه
تمشي وتمتشقُ النّخيل
وحصادَ موسمِنا الجليل
تصحو العصافيرُ الوليدةُ فوقَ مئذنةِ القرى تمشي وتمتشقُ القرى
مُتَغلْغِلًا في الصّمت
تتأهّبُ الشّمسُ الحزينة
لتزفّ ضوءًا عاريًا للصّبح
يخجلُ قرصُها إبّان إعشابِ اللهيب
تمشي وتمتشقُ الحياة
وتجرُّ هذا البحرَ من شَعْرِ المياه
هذا البحرُ
غريبٌ عنّا حتّى الموتْ
هذا البحرُ المسروقُ كخبزِ الأيتام
فؤادي هو هذا البحرُ المالح
لماذا أتَخَفّى عن دوّار الشّمس
ودوّارُ الشّمس دمي؟
مَنْ قالَ ميّتُنا يموت
إذا ارتحلَتْ يداه؟
مَنْ قالَ لا يبقى صَداه؟
***
مَشَيْتَ وخلْفَكَ تمشي جبالُ الخليلْ
وقانا الجليلْ
تُلَمْلِمُ ذلك التّبَعْثُرَ
قلبًا وكَفًّا وطِفْلا
مشيْتَ لمْ تنصرفْ للموتْ
كُنْتَ تُرَتّبُ روحَكَ مثلَ الزّنابقْ
فوقَ سهولِ المياهْ
****
هدَأَتْ خيولُ البرّ وانكسرَ المكانُ على ازدحامْ
جُثَثٌ على جُثَثِ الكلامْ
منْ أينَ أبدأُ يا هشامْ؟
مِنْ أرضِنا المسروقةِ الأبوابِ والأطهارْ
مِنْ قلبِكَ الملغومِ بالأشجارِ والأمطارْ؟ مِنْ شُرْفَةِ البَحْرِ الّتي غادَرْتَها
صوتًا يؤَذّنُ في الصّباحْ؟
مِنْ أينَ أبدأْ؟
أيُّها الجبليُّ من “جبشيتَ” قدْ نازَلْتَ بحرًا قاتَلْتَ ليلًا دامسًا بظلامِه فَكَكْتَ حرفَ الماءْ
عرفْتَ سرَّ الملحِ في الخبزِ الشّهيّْ سَكَنْتَ ساريةَ الصّباحْ
رَوَّضْتَ أفراسَ المياهِ…والألواحْ هَدَأَتْ خيولُ الصّوْتِ
لمْ يَبْقَ غيْرُ الصّمتِ مكتوبًا على شفةِ العربْ! لمْ يبْقَ غيْرُ (الهلاليْ)
لوْلاكَ أنتْ
مَنْ أنتْ؟
تَزَاحَمَ البرُّ والبحرُ على قبرِكَ
فاخْتَرْتَ ماءَ الحياةْ
مِنْ أيْنَ أبدأُ يا هشامْ؟ الوقتُ ليلٌ أخْرَجَ ثقْلَه
وأنْتَ وطنٌ يتَفَصَّدُ منْ أضلُعِكَ
زَهْرٌ
دَمٌ
مَنْ أَسْرَجَ البحرَ لكْ؟
وأنْتَ وحيدٌ تُحَاورُ حُلُمًا
تُحَاورُ وعدًا
تُحَاولُ معنًى
أَشَدَّ حياةً منَ الحياة (الموت)
وأدْرَكْتَهُ
مَشَيْتَ على الماءِ وقدْ عَزَّ العبورُ على البرِّ
نحوَ السّماءْ
نحوَ المدى والياسمينِ ولو لبسْتَ الأرجوانْ مشيْتَ وخَلْفَكَ تمشي النّوارسُ كانتْ
تمشي الفوارسُ كانتْ وخلْفَكَ كانَ الصّباحُ الضّرير يحاولُ أنْ يقتفيكَ
فما أصْعَبَك!
منْ أينَ أبدأُ يا أميرَ البحرِ
كيْ أنهي الكلامْ؟
رَكِبَ “نوحٌ” فلكَ أحطابِه فأنْقَذَ الحياةْ ورَكِبْتَ فلكَ جسدِكَ لتنقذَنا
أيُّها الصّدريُّ حتّى الموتْ
أيُّها المتوسّطيُّ الأزرقُ الألوانْ
يا عريسَ الماءِ يا أيُّها الصَّيْدُ والصَّيَّادْ
سأعودُ مِنْ حيْثَ ابْتدأْتُ إلى السّؤالْ:
مِنْ أيْنَ أبدأُ يا هشامْ
وأنْتَ خاتمةُ الكلامْ؟