مقالات مختارة >مقالات مختارة
مختارات الجنوب: نعتز بثقة الناخبين لأنّها مضاعفة وسنكون عند حسن ظنّهم
لم تعد "المخترة" تقتصر على الذكور بعدما دخلت "تاء التأنيث" إليها منذ سنوات
يزاولن عملهن اليومي بين الأوراق والمستندات والمراجعات إلى جانب مهام العائلة
مختارات الجنوب: نعتز بثقة الناخبين لأنّها مضاعفة وسنكون عند حسن ظنّهم ‎الأربعاء 20 04 2016 07:12
مختارات الجنوب: نعتز بثقة الناخبين لأنّها مضاعفة وسنكون عند حسن ظنّهم
مشاركة نسائية في الانتخابات البلدية والاختيارية

ثريا حسن زعيتر

لعبت المرأة اللبنانية والجنوبية تحديداً أكثر من دور بارز في المجتمع، إذ استطاعت أنْ تدخل المعترك السياسي من بابه الواسع، فهي لم تكتفِ بتولّي مناصب إدارية أو رسمية، بل دخلت بقوّة إلى المعترك الانتخابي، سواء البلدي أو الاختياري، بالإضافة طبعاً الى النيابي الذي شاركت في معاركه منذ مدّة...
وأثبتت المرأة أنّها قادرة على تحمّل مسؤوليتها في كثير من المناصب التي تتولّاها، وصحيح أنّ مسؤولية تحمّل العمل البلدي والاختياري مختلف، كونه كان من المتعارف عليه، أنّه للرجل فقط، وأيضاً في ظل ندرة وجود نساء في البلديات في المدن والقرى الجنوبية، لتكون المرأة معنية مباشرة بتحمّل المسؤولية، فكيف في "المخترة"، حيث تواجه هذا التحدّي بشكل يومي أمام مطالب ومعاملات المواطنين في الدوائر الرسمية...
وما زال الجنوب محافظاً على العادات والتقاليد وسط ذكورية مجتمعه، إلا أنّ المرأة الجنوبية استطاعت وبجدارة أنْ تميّز نفسها بالعطاء والتضحية، سواء في منزلها أو محيطها الاجتماعي، وإثبات نفسها وقدرتها في تولّي مسؤوليات العمل، ومنها البلدية والاختيارية، كون "المخترة" لا تقتصر على ختم المعاملات، ولا تقديم الخدمات، بل على النجاح وتجاوز المشاكل والصعاب التي من الممكن أنْ تواجهها في عملها، لذلك قالوا عنها "أخت الرجال"...
"لـواء صيدا والجنوب" حطَّ رحاله في بلدات وقرى جنوبية، والتقى عدداً من المخاتير الجنوبيات، واطلع منهن على تجربتهن في العمل الاختياري...

أوّل مختارة في لبنان

 

*  تحمل المختارة أوراقها وملفاتها والابتسامة لا تفارق ثغرها على الرغم من التعب الذي تواجهه، حيث أثبتت جدارتها في أمور "المخترة" بامتياز...
تجلس المختارة فاطمة سحمراني في مدينة صور بلا كلل ولا تعب، تزاول عملها اليومي، بين الأوراق والمستندات، والعمل في السراي، ودائرة النفوس، تساهم مع هذا، وتساعد ذاك، وتيسّر أمور القادمين من بعيد، دون تأفّف ولا تململ من أحد، وهي تشعر بأنّها تقوم بواجبها وما أمّنها عليه الناس في منطقتها.
قالت: "إنّني أوّل مختارة في لبنان، دخلتُ هذا المعترك منذ 21 عاماً حيث كانت البداية سنة 1995، وتجربتي كمساعدة في شؤون "المخترة" مع والدي – رحمه الله - وفي العام 1995 كانت "المخترة" تعييناً وليس بالانتخاب، وكان حي الحسينية في صور شاغراً ولا يوجد فيه مختار، فلفتت نظري الوالدة، وقالت لي: "بما أن هذا الحي شاغراً وأصبح لديك خبرة وتذهبين مع والدك الى عمله لتساعديه، لماذا لا تكونين مختارة؟"، تبسّم الوالد حينها وقال: "مختار امرأة بالانتخابات لم تحصل فكيف بالتعيين؟"، فشكّل ذلك صدمة لي، حيث لم يكن من السهل أنْ يتعيّن أحد، في ذلك الوقت، لكن السمعة الطيبة هي التي أوصلتني إلى هنا، وقتها قال عني الرئيس نبيه بري: "إنّها كوالدها تتمتع بالسيرة الطيبة والحسنة"، ثم ترشّحت دورتي العامين 2004 و2010 وحتى الآن".
وأضافت: "المخترة هي أجمل تجربة عشتها في حياتي، لأنّها تتيح التواصل مع الآخرين عملياً، وتؤمّن مصالح الناس، وأغلبية الناس تقصد المختارة أكثر من المختار، لأن المرأة معروفة بطول البال وابتسامتها واحترامها للآخرين، لذلك يفضّلون التعامل مع النساء أكثر من الرجال، وجميع الناس لديهم ذات المحبة والمكانة".
وتابعت: "المختار الذي يكون مهذبا ومتواضعا ودقيقا، لا يواجه أي مشاكل، وكل شيء بالأخلاق بيمشي، وأيضاً إذا حدث خلاف بين السياسيين يجب أن يصل إلى الناس، لأنه ساعتها بتخرب وما حدا بصلّي عليها".
وأكدت أنّ "المخترة هي حضور أمام الناس، فأنا أخدم وأقدّم لهم كل ما أستطيع فعله، لأنّهم هم مَنْ أوصلوني إلى هذا المركز، والناس هم مَنْ يصنعون القيمة للإنسان في المجتمع من خلال المحبة والصدق معهم، وعلى المختار أن يكون فاتحاً قلبه وبيته ومكتبه للناس، فهذه الميزة تجعل الناس تحبه وتقف إلى جانبه".
وختمت السحمراني: "لقد ترشّحت أيضاً إلى هذه الدورة، وأتمنى على المرأة أن تترشّح للمخترة، وأيضاً لعضوية المجالس البلدية، لأنها تنجح في إدارة كل الأمور، خاصة أنّها تتمتع بالمصداقية، وأن تكون حاضرة كالرجل، لأن عملها وجهدها ونضالها وكفاءتها تساعد على إثبات وجودها في المجتمع، الذي يعتبر مجتمعاً ذكورياً".

تجربة ناحجة

 

*  أما حال المختارة عن حي الأرثوذكس في مدينة صور يولا يوسف الخوري لا يختلف كثيراً عن حال المختارة السحمراني، لتجلس داخل مكتب المخاتير مع زملائها في صور.
وقالت: "لقد انتخبت مختارة في العام 1998 عن حي الأرثوذكس، وكانت المبادرة مني، وانطلاقاً من قناعاتي ورغبتي، ثم دعم زوجي وكل عائلتي، عندها وجدت نفسي في هذا المركز وقادرة على تحمّل الواجب والالتزام والمسؤولية، قلت لنفسي: لما لا؟، وبالفعل هذا ما حصل".
وأضافت: "لقد كانت تجربتي ممتازة وناجحة بامتياز، على الرغم من أن التعامل مع الناس متعب لكنه جميل، والأهم أن يكون المختار صبورا جدا، وأعصابه باردة، وقد ترشحت أيضاً هذه الدورة، وأتمنى على النساء النزول للمشاركة في اتخاذ القرار في كافة المجالات، وأن تترشح للانتخابات البلدية والاختيارية، لأن المرأة هي التي تفرض احترامها على الجميع، خاصة في مجتمع مثل لبنان".
وأكدت أن "المخترة لم تأخذ مني شيئاً، ولم تؤثر على حياتي، فأبنائي في تلك المرحلة كانوا راشدين وناضجين، بل على العكس ملأت المخترة أوقات فراغي وأعطتني أمرين:
- الأول: يكمن في تحقيق ذاتي، وفي ممارسة عمل أحبه، وهو مساعدة الناس، وأن أكون ناشطة وفاعلة على الدوام.
- الثاني: محبة الناس وعلاقاتي بهم، فقد سمحت لي المخترة بتأسيس شبكة علاقات طيبة مع الجميع، مبنية على الاحترام المتبادل".
وأشارت المختارة الخوري إلى أن "عمل المرأة خارج منزلها ينمّي مداركها وقدراتها الفكرية، نظراً لاحتكاكها بالمجتمع وبالناس، ويكسبها الكثير من الخبرة في ميادين العمل، فضلاً عن إحساسها بالاستقلالية والثقة وتحقيق الذات، شرط أن تحافظ على مبادئها وتقاليدها وأنوثتها وبيتها، الذي هو واجبها الأول في معركة الحياة".

فرض الاحترام

 

* هي وجه اجتماعي وخدماتي من أبرز الوجوه النسائية الفاعلة في حقل العمل الاجتماعي في بلدة عنقون - قضاء صيدا، استحقت "المخترة" من خلال احترام شخصها وموقعها بممارسة راقية، وأسلوب متزن، وتعامل مهذب، هي المختارة كاريمان عارف زيعور، قالت: "لقد كانت تجربة ناجحة أضيفت إلى الأعمال التي أقوم بها في البلدة من شؤون اجتماعية، ولأن المخترة هي صلة الوصل بين الناس وإدارات الدولة والأهالي ببعضهم، ربما يكون في أغلب الأحيان مصلح اجتماعي بين الناس".
وأضافت: "لقد شجّعني زوجي على الترشّح للمخترة في العام 2010، لأنني كنت "دينامو" من  كثرة الأعمال والنشاطات التي كنت أقوم بها في البلدة، لكن المخترة مسؤولية كبيرة جداً، والحمد لله لم أواجه أي عائق أو مشكلة لأنني فرضت احترامي على الجميع، ومنذ البداية كان الشرط الوحيد لديّ، أن يكون زوجي معي في جميع الاجتماعات، لأن هناك أكثر من 140 مختارا جميعهم رجال، وأيضاً في الاجتماعات الليلية في بلدات أخرى، إذا لم تكن الدعوة لشخصين، أفضّل الاعتذار".
وتابعت: "يجب على المختار أن يكون مهذبا وخلوقا مع الآخرين، فأنا استقبل الناس في أي وقت، والجميع يبادلني الاحترام والتهذيب، لأنني أستوعب جميع الناس، ربما هناك مشاكل كانت تحصل بين أبناء البلدة مثل خلافات زوجية أو الطلاق أو خلافات بين أهالي البلدة، يتم حلّها بطريقة سريعة، نأخذ الطرفين ونصلحهما بسلاسة، لذلك يجب على المختار أن يكون باله طويلا وصبورا".
وأكدت المختارة زيعور "هذه الدورة لا أريد أن أترشّح للمخترة، لأن عائلتي كبرت ومسؤوليتي ازدادت، فأنا لم أكن مختارة فقط، بل لديّ أولاد، والمخترة والعائلة مسؤولية كبيرة، وأخذت نصيبي، والآن الدور على غيري، إذا حصلت انتخابات لن أرشح إلا امرأة، ولديها صفات خاصة، أهمها أن تكون محترمة بين الرجال، وتكون لديها شخصية قوية، ومهذبة، لأن المنصب له احترامه وكيانه، وبعد تجربتي أشجّع المرأة على الخوض في المجالات كافة، وتكون أقوى من 100 رجل حين تصون لسانها وحالها".