عربيات ودوليات >أخبار دولية
روسيا لن تنتظر تشكيل الحكومة لحل مسألة النازحين
الخميس 2 08 2018 09:16جنوبيات
لا احد ينكر ان تواجد قوّة عظمى ميدانياً على حدود لبنان، من شأنه ان ينعكس بشكل ايجابي على اللبنانيين، رغم انه ينطوي ايضاً على نقاط سلبية ستظهر مع الوقت بطبيعة الحال. ولكن البوادر الايجابية بدأت تشق طريقها نحو لبنان وتمثلت بقضية من العيار الثقيل، لم يعد للبنان القدرة على احتمالها وهي قضية النازحين السوريين.
بدأ حزب الله خطوة اولى نحو اعادة النازحين بالتنسيق مع الامن العام اللبناني، وكانت ثمرة هذا التنسيق عودة بضع مئات منهم الى الاراضي السورية، ولكن الاستمرار على هذه الوتيرة سيعني ان لبنان سيضطر لتمديد استقبال مئات الآلاف من النازحين الى ان يتم تطبيق الحل السياسي في سوريا بشكل كامل. هنا، كان التدخّل الروسي المطلوب والذي غيّر مجرى الامور، فأطلق الروس مبادرة تقضي بعودة النازحين ليس فقط من لبنان، بل ومن دول الجوار ايضاً، وهيأوا لها الارضية المناسبة محلياً واقليمياً ودولياً، فأعطوا ضمانات عن الحكومة السورية بعدم التعرض للعائدين، وبدأوا التنسيق مع الدول المجاورة للعمل على وضع آلية كفيلة بتنظيم العودة، كما انهم حصلوا على الموافقات المبدئية بعدم عرقلة هذا المسعى من قبل الدول الاخرى وبالاخص الولايات المتحدة الاميركية.
هذا العمل قد يبدو سهلاً، ولكنه ليس كذلك ابداً، ويقيناً انه لو كان الامر في يد اي دولة عربية او اقليمية، لما وصلنا الى هذا المستوى من التقدم في هذا الملف خلال وقت قصير. ووفق ما اسفرت عنه زيارة الوفد الروسي الى لبنان، والانطباعات التي تركها خلال لقائه المسؤولين، يبدو ان الروس جادون في مسعاهم باعادة نحو 900 الف نازح من الاراضي اللبنانية الى الاراضي السورية وفي وقت مقبول جداً. فهم شكلوا لجنتهم المكلّفة تنسيق الموضوع مع لبنان، وكما بات معلوماً سيكون المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مسؤول اللجنة اللبنانية. ولعله من محاسن الصدف الا يكون لبنان مسؤولاً عن ملفّ العودة، والا لكان اضطر الى انتظار المشاورات السياسيّة لتأليف الحكومة، ووضع التعابير والمفردات الكفيلة بعدم اثارة تحفظ أيّ فريق سياسي على كيفيّة العودة وما يرافقها من كلام ومعطيات قد يراها البعض "مستفزة".
لن تنتظر روسيا تشكيل الحكومة اللبنانية للبدء بتنفيذ اجندتها في ملف العودة، ولن تنتظر ايضاً الوصول الى حلّ سياسيّ في سوريا وارساء مفاعيله كي تتم العودة، فالروس على عجلة من امرهم لتحقيق العودة لاسباب عدة اهمها بشكل عام: تأكيد نفوذهم في المنطقة، لان حل مثل هذا الملف يحتاج الى جهد واتصالات وشروط ليست بالسهلة، والعمل على الاستفادة من اليد العاملة السورية في عملية اعادة الاعمار، وحلحلة اي مشكل او تعقيد قد يطرحه ملف النازحين على الدول المجاورة بعد ان تفاقمت الازمة في لبنان والاردن وتركيا ولو بنسب متفاوتة.
ليس التواجد الروسي الميداني على الحدود مع لبنان بالسيّء، ولديه ثمار ايجابية بدأنا بقطفها، ولكن القلق يدخل الى القلوب لمعرفة ما سيترتّب على هذا الوجود من سيّئات في المرحلة المقبلة، وحين يشتد الصراع الاميركي-الروسي في المنطقة وكيف سيدفع لبنان الثمن عندها؟!. انما في كل الاحوال، ووفق مبدأ "اعطنا خبزنا كفاف يومنا"، سيتم التعامل مع الامور بشكل يومي، وحتى اليوم يمكن القول ان لبنان لم يتعرض لاي عوامل سلبية جراء التواجد الروسي على حدوده، بل على العكس، فهو يتجاوب معه للتعاون في حل مشكلة مهمة كالنازحين، طال انتظارها.
كل المؤشرات تفيد بأن العمل على اعادة النازحين لن يطول، وانه قد لا ينقضي العام الا وقد عاد اكثر من 800 الف نازح سوري الى سوريا، فهل ستجري الرياح بما تشتهي السفن اللبنانيّة والروسيّة؟.