لا تمر أوساط سياسية مرور الكرام على تفاؤل الرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل الحكومة خلال أسبوع أو عشرة أيام على رغم أن المعطيات الحقيقية الدقيقة لا توحي بأي اختراق نوعي أقله في العقدة المسيحية بعد السجال العوني – القواتي الذي لا ينكفئ، علما أن العقدة الدرزية على طريق الحل بعدما لقي طرح الرئيس نبيه بري قبولا عند رئيس التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لجهة توزير النائب نعمة طعمة مقابل شخصية درزية تكون من حصة الرئيس ميشال عون بالتوافق مع الرئيس المكلف و"بيك" المختارة، بحسب مصادر مقربة من الثنائي الشيعي.

 
إن مرد التفاؤل بولادة الحكومة في فترة قريبة لا تتعدى الرابع من تشرين الثاني، بحسب مصدر في تيار المستقبل لـ"لبنان24"، أن "حزب الله" بضغط ايراني يستعجل التأليف، وأنه يضغط على "التيار الوطني الحر" في سبيل التسهيل ، فالمؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس تكتل "لبنان القوي" جبران باسيل يأتي في سياق "العراضة العونية" قبل التنازل المرتقب في الأيام المقبل. 
 
وسط ما تقدم، هل تؤلف الحكومة؟ أم أن التشكيل لا يزال بلا أفق؟ وماذا عن موقف "التيار الوطني الحر"، وهل قلب الوزير جبران باسيل المشهد التفاؤلي رأسا على عقب؟ 
 
ثمة من يقول أن رئيس تكتل "لبنان القوي" نفّس الأجواء الحريرية الايجابية، وأخذ الأمور إلى مكان آخر، الامر الذي يوسع مروحة التساؤلات حول ربط الرئيس المكلف الولادة الحكومية بمهلة زمنية قصيرة جداً، وعما إذا كان لدى الحريري معلومات أو مستجدات لا يعلمها باسيل علما أن هذا الأمر مناف لأي منطق.
 
أما على مقلب العهد و"التيار الوطني الحر"، فالواقع مختلف لكل ما سبق. فالمؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية وما أدلى به من معطيات من باب الشفافية المطلقة هو بحد ذاته، بحسب مصادر مقربة من الرئيس عون وتكتل "لبنان القوي" لـ "لبنان24"، تكامل بالمفهوم وبالمضمون مع مقابلة الرئيس المكلف الذي أبدى كل استعداد لتأليف حكومة تأخذ بعين الاعتبار مقتضيات التسوية الكبرى مع الرئيس عون، قائلا "إن ضمانته في التسوية هو رئيس الجمهورية لأنه يعلم أن الأخير عندما يضع يده بيد أحد لا يتراجع."
 
إن المواقف التي أطلقها الرئيس المكلف مفادها، بحسب المصادر ذاتها، انفتاح الحريري على الطروحات الداعية إلى تأليف حكومة وحدة وطنية تراعي عدالة التمثيل والمعيار الواحد وعدم احتكار طائفة بأكملها لوزراء من فريق سياسي واحد. وعلى هذا الأساس لاقت الرابية – بيت الوسط من منطلقين:
 
1 -  الشرح لمراحل التأليف في ما يخص "التيار الوطني الحر" من باب الشفافية والوضوح.
2 - الشرح لما يسمى بعدالة التمثيل التي أشار اليها الرئيس المكلف ليل الخميس.
 
وسط ما تقدم، ينتظر رئيس التيار العوني من الرئيس المكلف من باب الأمل وليس التشكيك، ترجمة وعوده على أرض الواقع، ولا سيما بعدما اختصر باسيل المهلة من أيام عشرة إلى يومين إذا صفيت النيات، تقول المصادر نفسها، على عكس "القوات اللبنانية" التي سارعت إلى الرد في بيان على مؤتمر رئيس تكتل "لبنان القوي" وفق مقولة "كاد المريب أن يقول خذوني"، ولم يكن هناك من مريبين في لحظة واحدة. فالبيان المعرابي جاء ليؤكد أن حزب "القوات" الفريق الوحيد الذي لا يزال يضع العراقيل في دواليب التأليف. 
 
وتؤكد المصادر المقربة من بعبدا أن "القوات" تواصل تسديد الضربات ضد العهد وسيده وضد التشاركية التي أرساها اتفاق الطائف، علما أن "التيار الوطني الحر" يواصل دعوتها إلى اتخاذ موقف حاسم من مشاركتها أو عدم مشاركتها في الحكومة.
 
وبناء على ذلك، سارع الحريري إلى فتح أكثر من نافذة لتقريب وجهات النظر، ويتجه في الساعات المقبلة إلى إجراء مروحة اتصالات جديدة مع الأحزاب الأساسية، علما أنه، بالنسبة المصادر نفسها، بعث أكثر من رسالة لـ"القوات" مفادها أنه لا يمكن للدكتور سمير جعجع أن يطلب كل شيء. 
 
ولذلك جاء كلام باسيل منسجماً مع الرئيس الحريري، عندما تحدث عن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وفق العرف والمهلة المعقولة للرئيس المكلف. فالدستور لا يحدد مهلة للتأليف لكن على رئيس الحكومة أن يضع مهلة لنفسه، واذا لم تأخذ الحكومة الثقة فسنعيد تسمية الحريري، لكن على أسس جديدة، وصولا إلى دعوة القوات الصريحة والمبطنة إلى "كفى عرقلة" ولا سيما أن حصة معراب المعروضة عليها هي4 حقائب تتوزع بين حقيبتين أساسيتين ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير دولة، على رغم أن معيار وزير لكل خمسة نواب يعطي القوات 3 وزراء.
 
ويبقى القول، وفق المصادر المقربة من العهدن إن الحريري شرّح المشكلة التي تواجه التشكيل وباسيل شرحها، فتكاملا على قاعدة أن التسوية السياسية هي فوق كل اعتبار، الأمر الذي سبب انتكاسة لـ"القوات" فكشفت عن وجه العرقلة، بشكل فاقع، فيما المطلوب من معراب التحلي بالمسؤولية الوطنية والا فلتتحمل تبعات الاتهام الصحيح لا بل الإدانة بعرقلة التشكيل في هذه الاوقات الصعبة. 
 
من وجهة النظر العونية، باتت معراب محشورة في الزاوية. فاولوية الحريري التمسك بالتسوية الرئاسية الكبرى؛ واذا بقي جعجع يغني التعطيل وحده، عندها يمكن القول إن عوامل العرقلة خارجية وليست داخلية، ما يعني ضرورة أخذ قرار التصدي لعرقلة الخارج، لأن المسألة سيادية بامتياز، مع امل المصادر العونية بأن تبتعد "القوات" ولو لمرة عن الارتباطات الخارجية، ولا سيما أن كرة نار التعطيل انتقلت إلى حضنها ولم يعد بامكان معراب إرسالها الى أي مكان. فالرئيس المكلف أقفل شبّاكه وباسيل ايضا.