على الرغم من الدلائل الأخيرة على أنّ صيغة تقاسم السلطة في لبنان قد تكون وشيكة، إلا أنّ هناك نقطة اختراق لا تزال موجودة، بحسب مقالٍ نشره موقع "المونيتور" جاء فيه أنّه في حين تكمن العقبة الرئيسية أمام تشكيل الحكومة بالتنافسات الطائفية، إلا أنّ تأثير القوى الأجنبية لا يزال يشكل أحد العناصر الأساسية في السياسة اللبنانية.

فقد أكد "المونيتور" أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أبلغت المسؤولين اللبنانيين بشكل سرّي أنّ إعطاء "حزب الله" وزارة الصحة "خط أحمر"، كما تركت الباب مفتوحًا فيما يتعلق بالتدابير العقابية التي قد تتخذها الحكومة الأميركية.

وإذ أشار الموقع الى أنّه من المتوقع أن يحصل الحزب على ثلاثة مقاعد في الحكومة المقبلة، فقد يخصص أحدها لجمال الطقش، وهو جراح عام في مستشفى الرسول الأعظم.

وفي هذا السياق، لفت الموقع الى أنّ "حزب الله" تعرّض لضغوط من قاعدته ليصبح أكثر نشاطًا في الحكم، وتعهد أمينه العام السيد حسن نصر الله في الحملة الانتخابية الأخيرة بجعل قضية الإصلاح أولوية قصوى. ويرى المسؤولون بالحزب أنّ وزارة الصحة هي فرصة لتقديم نموذجهم في الحكم.

وأضاف الموقع أنّ وجهة النظر داخل إدارة ترامب هي أن إيران تحاول توسيع قوتها في لبنان رداً على العقوبات الأميركية المعاد فرضها، وأنّ "حزب الله" سيستخدم وزارة الصحة لتجاوز القيود الأميركية على أنشطته التمويلية. ومن هنا، إذا لم يمنع حلفاء الولايات المتحدة في لبنان "حزب الله" من الاستيلاء على هذه الوزارة، فإن الرسالة الواضحة من واشنطن هي أن الولايات المتحدة قد لا تفرق بين الحكومة اللبنانية وحزب الله كما فعلت في العقد الماضي.

 ولفت الموقع إلى أنّ "حزب الله" شارك في الحكومة للمرة الأولى في  تموز 2005، وكان يرأس مجلس الوزراء يومها الرئيس فؤاد السنيورة، وذلك بعد أشهر قليلة من اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما أعقبه من انسحاب القوات السورية من لبنان. وكانت هذه الخطوة بمثابة تحوّل رمزي في كيفية رؤية حزب الله للحاجة إلى ملء الفراغ الذي خلفه النفوذ السوري في لبنان.

وخلال البحث في ما تخشاه الولايات المتحدة إذا تم إعطاء "حزب الله" وزارة الصحة، هناك سؤالان مهمان يجب طرحهما، يتعلّق الأول بمدى أهمية وزارة الصحة. إذ تظهر ميزانية لبنان لعام 2018 أن الدولة اللبنانية تنفق 480 مليون دولار على قطاع الصحة، مقارنة بـ 1.8 مليار دولار لقطاع الدفاع، ما يعني أنّ ميزانية وزارة الصحة تمثّل 3٪ من إجمالي الميزانية العامّة. وقد قال وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة للمونيتور إن معظم نفقات وزارة الصحة مخصصة للمستشفيات (70٪ خاصة و30٪ عامة) ، مشيراً إلى أن جميع هذه الخدمات مموّلة بالدرجة الأولى من الحكومة. وأضاف أنّ العديد من الأحزاب السياسية شغلت هذه الوزارة وأن النظام الصحي لا يزال لديه نفس طريقة العمل.

وهنا أشار "المونيتور" الى أنّ سوق الأدوية في لبنان تقدر بحوالي 1.4 مليار دولار، 90٪ منها مستوردة من شركات طبية غربية. وأفادت تقارير أن مسؤولاً في وزارة الصحة الإيرانية أبدى استعداداً لدى بلاده، لتحلّ الأدوية الإيرانية محل صادرات الأدوية الأميركية في حال اتخذت واشنطن إجراءات عقابية ضد قطاع الصحة اللبناني. ونقل عن المسؤول قوله يوم 17 أيلول أنه قال إنّ "سوق الدواء هو الثاني في الأهمية بعد سوق الأسلحة".

أما السؤال الثاني فهو كيف يمكن أن تتصرف الولايات المتحدة إذا تسلم حزب الله وزارة الصحة، وأوضح الموقع أنّ واشنطن صعدت ضغوطها على "حزب الله" في الأسابيع الأخيرة بتدابير من قبل وزارة العدل ووزارة الخزانة ومجلس الشيوخ، معتبرًا أنّه على الرغم من الرسالة القوية التي ينقلها مسؤولو إدارة ترامب، إلا أنّه يستبعد المقاطعة الأميركية الشاملة للمساعدات للبنان بحال استلم الحزب حقيبة الصحة، لكن من المتوقع أن تقيّد إدارة ترامب قدرة هذا الوزير على أداء وظيفته.

وأضاف الموقع أنّه من غير المحتمل أن يقود حلفاء الولايات المتحدة في لبنان معركة سياسية لمنع "حزب الله" من أخذ وزارة الصحة، ومن المتوقع أن يبرز المسؤولون اللبنانيون نفس الصيغة التي سبق اعتمادها. لكل وزير لبناني، هناك وزير بالوكالة يستطيع أن يحل مكانه. وبالتالي، يمكن أن يوقع الوزير بالوكالة اتفاقات مع كيانات دولية أو غربية تفضّل عدم التعامل مباشرة مع "حزب الله". وإذا أوقفت الولايات المتحدة تصدير أدويتها، فمن المرجح أن يركز لبنان على الاستيراد من السوق الأوروبية، ما لم يوافق "حزب الله" على العرض الإيراني لتصدير الدواء إلى لبنان.

ولطالما أرست السياسة الأميركية خيار معاقبة المؤسسات الرسمية اللبنانية لزيادة الضغط على الحزب. ومع ذلك، كان النهج السائد في واشنطن تقليديًا هو الحفاظ على مؤسسات الدولة اللبنانية، كذلك فالنهج الحالي لإدارة ترامب هو أنه لا يمكن منح أي أموال للحلفاء الذين لا تتفق مصالحهم مع الولايات المتحدة.

واعتبر الموقع أنّ فرص إجراءات عقابية على قطاع الصحة في لبنان قد يؤثّر على اللاجئين السوريين وهو أمر سيثير ردة فعل دولية أيضًا، وكشف "المونيتور" أنّ المسؤولين الفرنسيين يضغطون من أجل تشكيل حكومة عاجلة، حتى لو شملت مشاركة حزب الله، في حين أن الولايات المتحدة تقول إن الأطراف المعنية يجب أن تفكر ثانية في هذه القضية.