لبنانيات >أخبار لبنانية
موازنة 2019 تنتظر الحكومة.. فهل يعود الإنفاق إلى الإثني عشرية؟
الاثنين 26 11 2018 17:57جنوبيات
لا شك أن المعنيين بالمفاوضات الحكومية المتعثرة على دراية أن وضع العصي في دواليب التأليف الحكومي سيزيد الوضع الاقتصادي سوءاً. فكل المؤشرات تتحدث عن انهيار اقتصادي وقلق من إلافلاس النقدي. ولما كان المنطق يفرض أن تكون أولى أولويات الحكومة العتيدة إقرار موازنة إصلاحية للعام 2019 بهدف ضبط العجز الكبير في المالية العامة بعيداً عن فرض إجراءات ضريبية جديدة، بالتوازي مع إصلاح مؤسسة كهرباء لبنان وصولا إلى تنفيذ مقررات سيدر بهدف الاستفادة من القروض الميسرة المرصودة من هذا المؤتمر، كان لافتاً مجاهرة المعنيين أن موازنة العام 2019 لن تكون أفضل حالا من موازنة العام 2018 التي لم تطبق كل بنودها الاصلاحية.
في 13 أيلول الماضي، كشف وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، أن الوزارة أنجزت موازنة العام 2019 وأحالته إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لكنه طلب بحسب ما علم "لبنان24" من الرئيس المكلف سعد الحريري عدم الحديث عنها في وسائل الإعلام، لأنه غير راض عن حجم التوسع في الإنفاق بناء على طلب بعض الوزارات التي تمادت في طلب زيادات على إنفاقها مقارنة مع ما كان قائما في موازنة العام 2018.
لقد قدر وزير المال بأن العجز في موازنة العام 2019 سيبلغ 11 في المئة من الناتج المحلي العام الأمر الذي يعتبر فائق الخطورة على الاستقرار المالي والاقتصادي وربما النقدي، علما أن تقدير العجز المتوقع بـ 11 في المئة، جرت مقارنته مع عجز موازنة العام 2018 الذي قدر بـ 9.3 في المئة من الناتج المحلي، إلا أنه من المعروف أن أرقام ومؤشرات الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2018، رفعت العجز من 9.3 في المئة إلى أكثر من 10 في المئة حيث بلغت الزيادة في الإنفاق حدود 4500 مليار، الأمر الذي يعني أن ما تخوف منه وزير المال في ما يتعلق بموازنة العام 2019 أصيبت به موازنة العام 2018 مما يعني أن موازنة العام 2019 فيما لو استمرت معادلات الانفاق على المنوال ذاته، مع تراجع خطير في حجم الإيرادات فإنها ستتجاوز حتماً الـ 11 في المئة من العجز المقدر. علما أن موازنة العام 2019 كانت قد أحيطت بمناخ من عدم التداول، بيد أن اختراق مؤشرات موازنة العام 2018 السقوف المتوقعة، يفرض أن توضع الأرقام كلها على الطاولة وبدرجة عالية من الشفافية، ووضع الجميع أمام مسؤولياته.
ويأتي ذلك بالتوازي مع إشارة رئيس اتحاد الغرف اللبنانية ورئيس الهيئات الإقتصادية محمد شقير أمس في حديث تلفزيوني أن موازنة 2019 تعاني من ثلاث مشاكل أساسية تتمثل بـ:
1- العجز في كهرباء لبنان.
2- كلفة الدين العام التي ستصل إلى 6 مليارات دولار.
3- رواتب القطاع العام التي ستبلغ 7 مليارات ونصف مليار دولار.
ووفق المعلومات فإن الزيادة المشار إليها في حجم الانفاق في موازنة العام 2018 تعود إلى أسباب اربعة:
1- ارتفاع كلفة السلسلة عما كان متوقعاً..
2- ارتفاع فاتورة المحروقات لتغطية نفقات الكهرباء التي قاربت الـ700 مليار.
3- ارتفاع معدلات الدين العام بسبب ارتفاع الفوائد.
4- وجود بعض مسارب الانفاق خارج الموازنات المقررة وخارج قواعد الانفاق المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية على غرار ما حصل مع وزارة الصحة ووزارات أخرى.
وتلفت الأوساط المطلعة لـ"لبنان24" إلى أن كتلة الذين قدموا استقالاتهم من القطاعات المدنية والعسكرية بصورة مسبقة ارتفع بصورة كبيرة بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب، الأمر الذي رتب أعباء إضافية لم تكن في حسبان وزارة المال التي تبدو عاجزة عن دفع تعويضات نهاية الخدمة لعدد من عمداء الجيش اللبناني.
وتأسيسا على ما تقدم، فإن اقرار موازنة العام 2019 يبقى رهن تأليف الحكومة العتيدة التي يبدو أنها بعيدة المنال في ظل تضارب مصالح القوى السياسية كافة. وبالتالي فإن تعذر تاليف الحكومة وإطالة أمد حكومة تصريف الاعمال إلى ما بعد شهر كانون الثاني من العام المقبل، يعني أن الواقع سيفرض مجددا الذهاب نحو الإنفاق وفق قاعدة الاثني عشرية، وهذا يشكل انتكاسة كبيرة بعدما جرى اقرار موازنتي العام 2017 و2018 بعد انتظار دام 11 عاماً، وبعدما ظن البعض ان لبنان سيدخل مرحلة الانتظام في إدارة المال العام، كل ذلك بمعزل عن ان عدم اقرار الموازنة سيقطع الطريق على تطبيق مقررات سيدر والى تسريع تنامي الدين العام.