لبنانيات >أخبار لبنانية
العقدة السنية الى حلّ ... وساعات مفصلية تحدد مصير الحكومة
العقدة السنية الى حلّ ... وساعات مفصلية تحدد مصير الحكومة ‎الثلاثاء 18 12 2018 14:48
العقدة السنية الى حلّ ... وساعات مفصلية تحدد مصير الحكومة

جنوبيات

عادت أجواء التفاؤل لتسيطر على موضوع تشكيل الحكومة، ووصل منسوب التفاؤل في الساعات الماضية الى حدّ التنبّؤ بإبصار الحكومة النور قبلَ عيد الميلاد، الاّ  ان الشيطان يكمن في التفاصيل، وهذا ما يحاول جميع الفرقاء العمل على حلحلته منعاً للوقوع في المزيد من المشاكل التي تحول دون التأليف.

ابراهيم يحاور "اللقاء التشاوري" 
 الأنظار تشخَص اليوم الى الاجتماع الذي سيعقده المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم مع أعضاء "اللقاء التشاوري" في منزل النائب عبد الرحيم مراد، انطلاقاً من ان إبراهيم "وسيط" التسوية بينَ الأطراف المُتنازعين، على أن يبلّغه النواب الستّة موقفهم من المبادرة الرئاسية وشروطهم لنقلِها الى المعنيين. 

ومن المفترض ان يتبلغ ابراهيم في خلال اللقاء موافقة النواب الستة على سيناريو الحل الذي يقبلون بموجبه بتسمية مرشح لتولي مقعد وزاري لا يكون من بينهم. والواقع ان حلقات السيناريو المطروح للحل الحكومي بدت كأنها في طريق الاكتمال في الساعات الـ48 المقبلة نظراً الى اضاءة كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري و"حزب الله" الداعم الاساسي للنواب الستة في "اللقاء التشاوري" الاشارات الخضر أمام المخرج.

على ماذا يقوم الحل؟
وأفادت آخر المعطيات المتوافرة عن سيناريو الحل من مصادر مطلعة على كواليس المفاوضات لـ"النهار"، ان رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل أبلغ المعنيين في الساعات الاخيرة موافقة الرئيس عون على ان يعطي المقعد السني لتمثيل النواب السنة الستة من خارج تيار "المستقبل" من حصته، تسهيلاً لولادة الحكومة التي باتت ضرورة ملحةً، على أن يتمثلوا بشخصية من خارجهم، وذلك باقتراح اسماء يختار رئيس الجمهورية من بينها وزيراً. 

في الموازاة، يلحظ الاتفاق موافقة ضمنية من الرئيس المكلف على تمثيل النواب الستة من خارج "المستقبل" من غير ان يلتزم استقبالهم، وموافقة هؤلاء على ان يكون الوزير الذي يمثلهم واحداً من خارج الستة، وموافقة رئيس الجمهورية على أن يكون هذا الوزير السني من حصته. وتشير المعلومات الى انه على رغم معرفة الاطراف الثلاثة بحدود التسوية وهامش مساهمتهم في إنجاحها، فان احداً منهم لم يسلّم بما عليه القيام به، في انتظار موافقة الطرفين الآخرين. 

ورأى مصدر رفيع المستوى في 8 آذار عبر "الأخبار" أن تراجع عون والحريري يُعدّ "تقدّماً نوعياً يجِب أن يُستتبَع بخطوات أخرى أبرزها موافقة الحريري على الاجتماع بهم". لكن المصدر نفسه عاد وأكد أن "الأمر سيان، سواء استقبلهم أم لم يستقبلهم"، قائلة إن "الرفض يُمكن أن يكون عثرة أمام التشكيل في حال أصرّوا هم عليه، لا سيما أن واحداً من الشروط التي يطرحها النواب السنّة هو الاعتراف بحقهم في التمثيل ببيان رسمي، واللقاء مع الحريري سيكون شكلاً من أشكال الاعتراف". في هذا السياق، جرى التداول أمس بمعلومات مفادها أن الحريري "وعد" إبراهيم بأنه سيحدد موعداً لاستقبال النواب الستة.

وقالت مصادر قيادية في "تيار المستقبل" لـ"الشرق الأوسط"، إن "مفتاح حلّ العقدة في يد حزب الله، وقضية الأنفاق الأخيرة شكّلت ضغطاً جديداً عليه، الأمر الذي انعكس إيجاباً على إفراجه عن الحكومة"، غير أنها لفتت إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون، ومقابل قبوله توزير شخصية سنية ضمن حصّته، طلب ضمانة من "الحزب" بتسهيل تشكيل الحكومة وعدم إلقاء عقد جديدة في طريق التأليف.

أجواء التفاؤل مستمرة
في هذا الوقت، عكست أجواء بعبدا و"بيت الوسط" أجواء ارتياح إلى ان الطريق إلى تأليف الحكومة باتت سالكة وبنسبة كبيرة، وان مراسيم التشكيل على قاب قوسين أو أدنى من الصدور في الأيام المقبلة، ما لم تطل من إحدى الزوايا عقدة مخفية، في وقت لم ينقطع التواصل بين "بيت الوسط" وبعبدا منذ عودة الرئيس الحريري من لندن، وبالتالي فان الملف الحكومي وصل الى مراحله النهائية بانتظار الكشف عن تفاصيل مشاركة من يمثل النواب السُنة المستقلين في الحكومة، بحسب ما أشارت مصادر سياسية مطلعة على أجواء بعبدا لـ"اللواء" .

ولفتت المصادر الى ان الساعات المقبلة ستكون مفصلية أمام ولادة الحكومة الجديدة بعد الوصول الى الاتفاق الذي يتولاه اللواء عباس ابراهيم. مؤكدة ان ابراهيم كان قد بدأ تحركه منذ فترة ولوحظ انه كان متوازيا مع المبادرة الرئاسية.

ونقل زوّار "بيت الوسط" أمس عن الرئيس الحريري ارتياحاً وتفاؤلاً حول إمكانية ولادة حكومية قريبة، لكن من دون اطلاعهم على تفاصيل المبادرات المطروحة لحلحلة الوضع، على اعتبار انه ما يزال بحاجة إلى مزيد من الاتصالات والمشاورات، ولا سيما تلك التي يجريها الرئيس عون.

وتوقعت مصادر نيابية في كتلة "المستقبل" ان يترأس الرئيس الحريري اجتماع "الكتلة" الذي سيعقد بعد ظهر اليوم لاطلاع أعضائها على آخر المعطيات المتوافرة حول ولادة الحكومة، مع العلم ان الحريري لم يرأس اجتماعات الكتلة منذ أسابيع عدّة، في إشارة إلى جمود الاتصالات في حينه.

عينة التينة: الحراك ايجابي
وصفت أوساط سياسية قريبة من عين التينة، الحراك الحاصل حول تأليف الحكومة بأنه "ايجابي"، وسجل تقدماً من الممكن البناء عليه، موضحة ان النواب السُنة المستقلين يتجهون للقبول بأن يتمثلوا من خارج "اللقاء التشاوري" وان الرئيس الحريري يتجه ايضا للقبول بهذا العرض، وان اختيار اسم الوزير السني السادس سيترك للتشاور بين الرئيس عون و"حزب الله" والذي أعلن أمس بلسان عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" نواف الموسوي ان المدخل لحل عقدة الحكومة بالاقرار بتمثيل "اللقاء التشاوري".

وتوقعت هذه الأوساط ان تتظهر اليوم صورة التأليف أكثر بعد اللقاء الذي يجمع اللواء عباس إبراهيم مع النواب السُنَّة المستقلين.

اللقاء التشاوري: موافقون على هذا المخرج
وذكرت مصادر المعلومات لـ"اللواء" ان النواب السُنة متفقون على القبول بهذا المخرج، "لأن كل الاطراف باتت بحاجة الى حل ولا يمكن التأخير اكثر بتشكيل الحكومة في ظل المخاطر الكبيرة الناجمة عن التأخير سياسيا واقتصاديا".

وأكدت ان هناك تفاهماً شبه تام بين الأعضاء الستة على القبول بالمخرج المقترح على ان يكون الوزير الذي سيسمونه من ضمن مجموعة أسماء سيرفعونها إلى اللواء إبراهيم اليوم، من حصة اللقاء التشاوري لا من حصة الرئيس عون ولا من حصة الرئيس الحريري، وانه في حال الموافقة على المخرج سيحضر الوزير المعين اجتماعات اللقاء.

واكد النائب عبد الرحيم مراد لـ"اللواء" ان الاولية لدى اعضاء اللقاء هو الاعتراف بحيثيتهم المستقلة عن توجهات "تيار المستقبل"، وان لا حل من دون هذا الاعتراف. واوضح ان اللقاء سيستمع اليوم الى تفاصيل الاقتراح الرئاسي من اللواء ابراهيم ومن ثم يتم التداول بين الأعضاء لتقرير الموقف النهائي.

مصادر "التشاوري" أشارت لـ"الأخبار" إلى أن "النواب سيؤكدون أمام اللواء إبراهيم أن الوزير الذي سوف يسمّونه لن يكون تابعاً لرئيس الجمهورية، بل هو وزير يمثّل اللقاء في الحكومة"، كما أنهم "لن يطرحوا مجموعة أسماء للاختيار منها، على غرار ما حصل مع الوزير الدرزي الثالث، بل سيكون هناك اسم واحد لا فيتو عليه". ومن سلسلة الشروط التي تحدثت عنها المصادر أن "اللقاء مع رئيس الحكومة، في حال تمّت الموافقة عليه، لن يُعقد في منزله في وادي أبو جميل، فإما في السراي الحكومي أو في قصر بعبدا".

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة "الديار" الى انه يجري الحديث ايضاً عن عقد اللقاء في دار الفتوى بحضور المجلس الشرعي والوزراء والنواب السنة. ويعتقد اصحاب هذا الاقتراح ان احتضان دار الفتوى للقاء مع باقي الحضور يزيل الحرج عند الحريري ويرضي اللقاء التشاوري ايضاً.

واعتبرت المصادر أن التنازل لم يأتِ من جهة رئيسي الجمهورية والحكومة وحسب، بل إن اللقاء التشاوري قدّم بدوره تنازلاً حين وافق على تسمية شخصية من خارجه، مشيرة إلى أن "النواب الستة سيحمّلون اللواء إبراهيم رسالة إلى رئيس الجمهورية مفادها أنّ لهم حيثية شعبية تستوجب منهم تقديم الخدمات"، في تلميح إلى مطالبتهم بالحصول على حقيبة خدماتية، الأمر الذي اعتبرته مصادر بارزة في 8 آذار بأنه "فوقَ المستطاع". أما عن التباين في وجهات النظر بين أعضاء اللقاء، فقالت مصادرهم إنه "أمر طبيعي يحصل داخل الكتل، ومن كانَ يتمسّك برأيه بدأ يُظهر ليونة"، مؤكّدة أن "أعضاء اللقاء لم يتفقوا في ما بينهم على اسم من سيمثلهم بعد"، لكنه "لن يكون اسماً مستفزاً بل شخصية سياسية لها موقف مبدئي، وسيبدأ البحث بها حين تُقبل الشروط".

وعلمت "الحياة" ان اسم الدكتور عبد الرحمن البزري عاد الى التداول، كاسم يمكن ان يوافق عليه أعضاء "اللقاء التشاوري" من بين أسماء يمكن ان تطرح ليختار منها الرئيس عون، ويوافق عليها ايضا اللقاء بدلا من أن يتمثل النواب الستة بواحد منهم.

عقدة جديدة تلوح في الأفق
وأشارت صحيفة "الأخبار" الى ان الوقائع والمعلومات التي يجري التداول بها لا شك في أنها تعبّر عن تقدم مسار تشكيل الحكومة بشكل جدي. غيرَ أن "الحذر" يبقى واجباً، بحسب الأوساط السياسية، التي تعتبِر أن "مِسك الختام" يبقى مرهوناً بعقَدٍ إضافية "قد يظنها البعض تفصيلاً ويتجاهلها"، وأبرزها:

عقدة التوزير الأرمني، بعدما حصلت "القوات اللبنانية" على مقعد أرمني مع حقيبة. وعادةً ما تكون حصة الأرمن وزيراً بحقيبة ووزير دولة، ما يعني أن حصة حزب الطاشناق ستكون بلا حقيبة، وهو ما يرفضه الحزب الأرمني الاول.

عقدة توزيع المقاعد المسيحية بينَ التيار الوطني الحرَ والقوات اللبنانية بعدَ حصول الأخيرة على مقعدين مارونيين مع حقيبة لكل منهما، ومقعد للأرمن الكاثوليك وآخر للأورثوذكس. وبالتالي سيكون توزيع وزارات الدولة بينهما أمراً صعباً إلا في حال تقرر إبقاء عدد المقاعد المارونية في الحكومة 7 وزراء كما هي الحال في الحكومة الحالية بخلاف العُرف السائد في الحكومات السابقة عندما كان عدد المقاعد المارونية مساوياً لعدد كل من المقاعد السنية والشيعية.