عربيات ودوليات >أخبار دولية
ما لم يُروَ عن إعادة إعمار سوريا: شركات لبنانية توقع العقود.. وهذا ما طلبته دمشق!
الأحد 27 01 2019 21:01جنوبيات
كتبت دولي بشعلاني في صحيفة "الديار" تحت عنوان "لبنان مصر على المشاركة في اعادة اعمار سوريا": "لم توافق الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية على المبادرة الروسية بشأن إعادة النازحين السوريين في لبنان ودول الجوار، والذين يبلغ عددهم نحو 5.6 مليون نازح سوري بحسب الأرقام الواردة فيها، لأنّها ربطتها بإيجاد الحلّ السياسي للأزمة السورية، فضلاً عن ضرورة إعمار سوريا أولاً لكي يتمكّن شعبها من العودة الى المناطق الأصلية التي سبق وأن فرّ منها بسبب اندلاع المعارك فيها. ولهذا فإنّ الولايات المتحدة هدّدت بفرض العقوبات على كلّ الشركات الإقليمية والأجنبية التي ستُساهم في إعادة إعمار سوريا، لأنّها لا تودّ إعمارها في هذه المرحلة بالذات، وقبل حصول الإنتقال السياسي للسلطة فيها.
وصبّت جولة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الأخيرة على دول المنطقة في هذا الإطار، إذ شدّد خلالها على أنّ بلاده لن تُساهم في إعادة إعمار سوريا مع بقاء إيران فيها، ووافقته على موقفه هذا معظم الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة. غير أنّ السفير دايفيد هيل الذي زار لبنان نيابة عن بومبيو، تبلّغ من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل خلال اجتماعه به أنّ "لبنان مهتمّ بالإنخراط في إعادة إعمار سوريا، ولا بدّ من مراعاة ذلك"، وهذا الموقف لم يُعجب بالطبع الولايات المتحدة التي أرادت إقناع جميع دول المنطقة على الأقل، بعدم المساهمة في هذه العملية. كما عاد وكرّر موقفه هذا في الإجتماعات التحضيرية لمؤتمر "القمة العربية التنموية: الإقتصادية والإجتماعية" في دورتها الرابعة التي عُقدت في بيروت في 20 كانون الثاني الجاري.
وتقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة بأنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تلبث أن تفرض العقوبات المشدّدة على إيران، وعلى "حزب الله" في لبنان، وتًهدّد كلّ الشركات التي تتعامل مع طهران بفرض عقوبات عليها أيضاً. إلاّ أنّ ذلك لم يمنع دول الإتحاد الأوروبي من الإلتفاف على العقوبات الأميركية من خلال إنشاء كيان قانوني سمح لها بمواصلة التجارة وسهّل المعاملات المالية والقانونية مع إيران، لا سيما شراء النفط منها رغم العقوبات المفروضة.
من هنا، فإنّ لبنان الرسمي إذا اتخذ قرار المساهمة في إعادة إعمار سوريا، فإنّه لن يخشى من العقوبات الأميركية، سيما وأنّه أبلغ الجانب الأميركي بموقفه هذا الذي لن يتخلّى عنه لأي سبب كان. وينطلق لبنان من فكرة أنّه من الطبيعي أن يُشارك في إعادة إعمار سوريا، كونه ساهم في إعمار دول بعيدة عدّة، فكيف بالجار الأقرب اليه، ولأنّه بالتالي أكثر بلد عانى من تداعيات الأزمة السورية عليه، أي من أعباء النزوح السوري، ولهذا يحقّ له قبل أي بلد آخر، بالمساهمة في المشاريع العمرانية فيها. ولا يُمكن بالتالي فرض العقوبات على الشركات اللبنانية لأنّها تنوي المساهمة في إعادة الإعمار.
وأوضحت أنّ سوريا سبق وأن صرّحت بأنّها لن تسمح للدول التي شاركت في الاعتداء عليها في إعادة الإعمار، وأنّ أي نشاط أو أي مساهمة في إعادة الإعمار يجب أن تحصل من خلال التنسيق مع الحكومة السورية وضمن الخطة الشاملة التي ستضعها مع الدول الحليفة لها ولا سيما روسيا، ما يعني بأنّها لن توافق على مساهمة الولايات المتحدة والدول العربية الحليفة لها بهذه العملية، وذلك قبل أن تُعلن هذه الأخيرة رفضها المشاركة في إعادة الإعمار.
وهذا الأمر الذي يبدو أنّه يدخل حالياً ضمن اهتمامات الدول، جعل وسائل الإعلام تتحدّث عن زيارة مرتقبة للوزير باسيل الى سوريا يبحث خلالها مع المسؤولين السوريين مسألة إعادة النازحين السوريين من لبنان الى بلادهم، فضلاً عن موضوع إعادة الإعمار.. إلاّ أنّ الأوساط نفسها، تجد بأنّ هذه الزيارة لن تحصل قريباً، سيما وأنّ تشكيل الحكومة الجديدة يفرض نفسه على الساحة اللبنانية الداخلية، ولا بدّ من التأني في القيام بها، سيما وأنّ بعض الأطراف السياسية تعارضها في الوقت الحالي. إلاّ أنّها تبقى واردة لأنّ لا شيء يمنع من القيام بها في التوقيت المناسب لها، ما دامت العلاقات اللبنانية- السورية قائمة، فضلاً عن العلاقات الديبلوماسية من خلال وجود سفارة وسفير وطاقم عمل في كلّ من البلدين.
ولا يخشى لبنان من العقوبات الأميركية التي تُهدّده بها، في حال شارك في إعادة إعمار سوريا، على ما أوضحت، كونها لا تعمل سوى على إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بما تريده من اعتداءات يومية للسيادة اللبنانية برّاً وبحراً وجوّاً، ومن تهديد لـ "حزب الله" فيه وما الى ذلك. علماً أنّه يتمسّك بالمساعدات العسكرية التي تمنحها للجيش اللبناني باستمرار، وإن كانت لا تصل الى الأسلحة المتطوّرة خشية أن يتمكّن من مواجهة إسرائيل بها أو ردّ اعتداءاتها عليه. كما أنّه يمكنه بالتالي القيام بخطوة إلتفاف مماثلة لتلك التي قامت بها دول الإتحاد الأوروبي وأعلنت عنها، فاستكملت بذلك تجارتها مع إيران، من دون أن تعرّض نفسها لفرض العقوبات الأميركية عليها.
وفي رأيها، إذا ما حاولت الولايات المتحدة وقف المساعدات العسكرية للجيش كعقاب للبنان على المضي في موقفه حول المشاركة في إعادة إعمار سوريا، علماً أنّ حكومته توافق على المساعدات كونها "غير المشروطة"، فإنّه قد يكون عليه ربما القبول بالعروض التي قدّمتها له دول أخرى في هذا الصدد. ولفتت الى أنّه سبق وأن أعربت روسيا، على سبيل المثال، عن استعدادها لتقديم المساعدات للمؤسسة العسكرية اللبنانية في وقت سابق، وقد وافق لبنان عليها، بعد جدل حولها، وتمّ تحويل الهبة التي قدّمتها الى قوى الأمن الداخلي بدلاً من الجيش. الى جانب إيران التي عرضت تقديم الأسلحة التي يطلبها لبنان كهبة مجانية، وقتما تشاء، إلاّ أنّه لم يقبل هذه المساعدة، خشية أن تكون مشروطة.
وكشفت بأنّ بعض الشركات اللبنانية، المحسوبة على الفريق الموالي لسوريا، قد بدأت فعلاً بتوقيع العقود في مجال إعادة إعمار البنى التحتية في سوريا، غير آبهة بمواقف الدول الخارجية، سيما وأنّها تضع مصلحتها ومصلحة بلدها في الدرجة الأولى، ولا تعير أي اهتمام للتهديدات الخارجية. وتجد بأنّ أحداً لا يستطيع منعها من المشاركة في إعادة إعمار سوريا، كون لبنان أكثر من تحمّل تداعيات الأزمة السورية عليه، وقد استقبل على أراضيه أكثر من مليوني ونصف مليون نازح سوري منذ بداية المعارك في المناطق السورية، ولا يزال يستقبل أكثر من مليون ونصف منهم حتى الآن. كما ذكّرت بأنّه قام أخيراً بتجنيس شخصيات سورية تعمل في مجال الإستثمار والمال والأعمال بين البلدين وبعض الدول الخارجية".