لبنانيات >أخبار لبنانية
الكتائب عشية مؤتمرها: حزب الدولة لا حزب السلطة
الكتائب عشية مؤتمرها: حزب الدولة لا حزب السلطة ‎الأربعاء 30 01 2019 15:49
الكتائب عشية مؤتمرها: حزب الدولة لا حزب السلطة

جنوبيات

 

يبدو طلاب حزب الكتائب وشبابه ونقابيوه والناشطون على المستويات الحزبية كافة على شيء من الثقة بالنفس لم يكونوا عليه قبل أشهر لا سيما بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة.

فالإنتخابات الطالبية والنقابية التي حقق فيها مرشحو الحزب نتائج مهمة فاجأت خصومه، أعادت الى الكتائبيين معنوياتهم لا سيما لناحية الثقة بصوابية الطرح السياسي الذي يحملوه وموقف الرأي العام اللبناني من هذا الطرح المعارض للمسارات السياسية والإقتصادية والسيادية التي يعتدها أركان السلطة.

وبعد مرحلة من التشكيك بصحة وصوابية المقاربة الكتائبية للملفات المطروحة، ساهمت فيها حملات سياسية وإعلامية على الحزب من خصومه، بدا للكتائبيين كما للرأي العام اللبناني أن ما كان النائب سامي الجميل ومعاونوه في القيادة الكتائبية قد دأبوا على التحذير منه، بات أمرا واقعا يقض مضاجع الطبقات الشعبية من دون أن يكترث لذلك المتحاصصون في الحكم، بدليل مضيهم في المكابرة الى حدود خداع الناس وإيهامهم بحلول لا يملكون أي من مفاتيحها بفعل إدائهم الذي بات مصدر عقوبات وانتقادات دولية على أعلى المستويات السياسية والعسكرية والإقتصادية والنقدية.

فها أن الأزمة الإقتصادية التي لم تخل مداخلة للنائب سامي الجميل في مجلس النواب خلال ولايتيه السابقة والحالية من التحذير منها قد باتت واقعا يرخي بثقله على الدولة اللبنانية وشعبها, وها أن عجز الخزينة الذي حذر من تضاعف حجمه النائب سامي الجميل مرارا بوضوح كامل – ولو بدبلوماسية متعمدة لكي لا يساهم الخوف في تسريع خطوات الإنهيار – قد بات معضلة تتطلب تدابير غاية في القسوة للخروج منها، شرط أن تتوافر لدى أهل الحكم النية الصادقة والحكمة المطلوبة عند رجال الدولة، وهو ما لا يبدو أنه متوافر في المرحلة الراهنة على الأقل.

وها هو سوء الإدارة الذي يكاد لا يستثني أيا من القرارات الحكومية يتجلى في أكثر من مشروع متهور بدءا بسلسلة الرتب والرواتب التي عجزت الدولة عن تحديد سقف لها لغاية الآن مرورا بصفقات الكهرباء والتلزيمات على أنواعها، وانتهاء بملفات الفساد المتراكمة "على عينك يا تاجر". 

وها هي أزمة النفايات التي قيل قبل سنتين أنها وضعت على طريق الحل، تطل ملامحها من جديد في ظل التحذيرات من وصول القدرة الإستيعابية للمطامر الى حدودها القصوى في غضون شهرين.

كل ذلك في ظل فراغ حكومي، لن يعالجه مجرد تشكيل الحكومة، لأن تشكيل حكومة جديدة بذهنية الحكومات التي عجزت في السابق عن التصدي للأزمات المتراكمة سيزيد من سوء الأحول سوءا.

هذه الصورة وإن كانت تنعكس ارتياحا لدى الكتائبيين الى صواب خيارات قيادتهم، فهي في الوقت نفسه تزيد المخاوف من مغبة المضي قدما في الإستهتار بمصالح الدولة اللبنانية العليا ومصالح شعبها.

وفي ظل هذه الأجواء الملبدة سياسيا واقتصاديا يدخل مندوبو حزب الكتائب الى المؤتمر العام منتصف الشهر المقبل بعزيمة واضحة على محاولة بلورة تصور سياسي واقتصادي واجتماعي متكامل يكون بمثابة مشروع واضح المعالم لتوصيف الأزمات واقتراح الحلول المطلوبة لها.

وتبدو الأجواء الكتائبية واضحة في تثبيت اتجاهاتها المعارضة لإداء أهل الحكم وسياساتهم، وفي إنتاج قيادة حزبية جديدة تحمل هذه الإتجاهات الهادفة الى العمل على أعادة قطار بناء الدولة وتفعيل المؤسسات وتشذيبها الى سكته الصحيحة. فالكتائبيون واعون بأن حزبهم كان تاريخيا حزب الدولة اللبنانية السيدة الحرة المستقلة وحزب الكيان اللبناني ولم يكن يوما حزب السلطة. وكان حزب وزارة التصميم والمشاريع الإجتماعية والمواقف السيادية ولم يكن حزب التسويات على حساب منطق الدولة ومصالح شعبها. صحيح أن الكتائب وقفت باستمرار الى جانب مؤسسات الدولة ولكنها ميزت ولا تزال تتمسك بالتمييز بين الدولة والسلطة التي تديرها. وتصوير موقف الكتائب المعارض على أنه معارضة للدولة باتت أهدافه معروفة وهي أهداف لن تؤثر في مسار الحزب المتمسك بالسعي الى إنتاج سلطة حكيمة ورشيدة وواعية يتولاها رجال دولة لا سماسرة سياسة ومحاصصة مهما تطلب ذلك من تضحيات سياسية ونضالات نيابية واجتماعية ونقابية وطالبية وشعبية.