لبنانيات >أخبار لبنانية
الرئيس السنيورة: أهم ما يواجه الحكومة الجديدة مشكلة استعادة الثقة بالدولة
الرئيس السنيورة: أهم ما يواجه الحكومة الجديدة مشكلة استعادة الثقة بالدولة ‎السبت 2 02 2019 20:43
الرئيس السنيورة: أهم ما يواجه الحكومة الجديدة مشكلة استعادة الثقة بالدولة

جنوبيات

رأى الرئيس فؤاد السنيورة أن "ما ينبغي على هذه الحكومة أن تقوم به هو: بداية، أن تحرص على تضامنها ووحدتها في مواجهة المشكلات، التي عليها أن تجد حلولا سريعة لها. ومن أهم تلك المشكلات بتقديري، ليس فقط المشكلة الاقتصادية والمالية، التي هي بنظري مشكلة كبيرة بحق، والتي ينبغي معالجتها، ولكن أيضا في استعادة الثقة بالدولة اللبنانية الوطنية، التي جرى إفشالها. وهذا كله، يعكس حقيقة أساسية، أنه لم يعد بالإمكان الاستمرار في معالجة الأمور، عن طريق استعمال المراهم. لقد انتهت تلك الفترة، وهذا ما أشار إليه أيضا، دولة الرئيس الحريري عندما قدم حكومته الجديدة".

أضاف: "في المحصلة، ما يهم هي الممارسة، وهي أن يكون هذا الوزير أو ذاك، كل يؤدي مهماته، ويقوم بمسؤولياته على قدر عال من الكفاءة والنزاهة. الذي نحتاجه هو أن يقوم كل وزير بمسؤوليته على أكمل وجه، ويجب أن يعطي كل وزير بأدائه الحسن، النموذج لجميع اللبنانيين، بأنه يحترم مصلحة الدولة اللبنانية، ويحترم الدستور، ويحترم القوانين، ويعمل من أجل التنفيذ الصحيح لمهماته، ليتحقق الإنجاز اللازم، وبالتالي على كل وزير، أن يتعاون مع زملائه الوزراء، ومع رئيس الحكومة، حسب ما ينص عليه الدستور اللبناني".

كلام الرئيس السنيورة، جاء في مقابلة هاتفية، أجرتها معه اليوم قناة "دي أم سي نيوز" من القاهرة، وقال فيها ردا على سؤال عن أهم التحديات التي لا بد ستواجهها الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي تعد على رأس أولويات هذه الحكومة: "على ما سمعته من ملاحظات من بعض المواطنين، تنعكس فعليا حالة انعدام الثقة بين المواطنين اللبنانيين من جهة أولى، وبين الدولة اللبنانية والسياسيين اللبنانيين من جهة ثانية.
هذا الانحسار في الثقة الذي تراكم وتفاقم على مدى هذه الفترة الطويلة، من عدم القيام بالإصلاحات الصحيحة، لأجل معالجة المشكلات، التي تجمعت وتعقدت. وكذلك أيضا تعكس الأمل الكبير، الذي لدى المواطنين في هذه الحكومة الجديدة، من أجل أن تتمكن من إيجاد الحلول الصحيحة، وفي الخروج من المآزق الماثلة أمامنا.
لذلك فإني أعتقد أن ما ينبغي على هذه الحكومة أن تقوم به هو بداية، أن تحرص على تضامنها ووحدتها في مواجهة المشكلات، التي عليها أن تجد حلولا سريعة لها. ومن أهم تلك المشكلات بتقديري، ليس فقط المشكلة الاقتصادية والمالية، التي هي بنظري مشكلة كبيرة بحق، والتي ينبغي معالجتها، ولكن أيضا في استعادة الثقة بالدولة اللبنانية الوطنية، التي جرى إفشالها. وهذا كله يعكس حقيقة أساسية، أنه لم يعد بالإمكان الاستمرار في معالجة الأمور عن طريق استعمال المراهم. لقد انتهت تلك الفترة وهذا ما أشار إليه أيضا دولة الرئيس الحريري عندما قدم حكومته الجديدة".

وقال: "أنا أعتقد أن من أهم الأمور، التي ينبغي على الحكومة أن تعالجها فورا، بسبب التردي في الوضعين الاقتصادي والمالي، والتردي في الأوضاع المعيشية الناتجة عن ذلك، وأيضا بسبب الترهل والانحلال، الذي أصاب الدولة اللبنانية، والتراجع في مستويات الثقة بها، هو بالمبادرة السريعة إلى العودة إلى المبادئ الأساسية، التي ينبغي أن يعود لبنان واللبنانيون والحكومة اللبنانية إلى التمسك بها.
وأعتقد أن هناك سبعة مبادئ على الأقل، ينبغي العودة إليها، وتأكيد الالتزام بها، حتى تبدأ الحكومة مسيرة الخروج من هذه المآزق المتجمعة. وهي تبدو للمشاهدين وللبنانيين في الظاهر، وكأنها بديهيات، ولكن وللأسف حتى بالنسبة لهذه البديهيات فقد أصبح من الضروري جدا، أن يصار إلى العودة إلى تأكيدها، ونظرا لأن هناك تماديا مستشريا في التنكر لها".

أضاف: "بداية، ينبغي التأكيد من قبل الجميع بداية بالحكومة، وعلى رأسها فخامة الرئيس ودولة الرئيس، وكذلك أيضا رئيس المجلس النيابي والنواب، على أهمية العودة إلى إعادة الاعتبار والاحترام:
أولا، إلى اتفاق الطائف. وثانيا، إلى احترام الدستور، وذلك بعد أن سمعنا عددا من المسؤولين يقولون إنهم يقومون بتعديل الدستور، عن طريق الممارسة، ويا للعجب!! وثالثا، العودة إلى احترام القوانين الصادرة عن المجلس النيابي، لأننا سمعنا كثيرا، خلال هذه الفترة، أن هناك وزراء يقولون إنه لا يعجبهم، وغير راضين عن القانون الفلاني أو غيره، وبالتالي فإنهم لا يريدون، بل يرفضون أن يطبقوا تلك القوانين. كل ذلك من الأشياء التي أدت إلى تعميق حالة عدم الثقة بين المواطنين والدولة، والأمر الرابع هو العودة إلى احترام الدولة، بوجودها وسلطتها المنفردة على كامل الأراضي اللبنانية. وأيضا خامسا، العودة إلى احترام استقلالية القضاء. وسادسا، العودة إلى احترام مبادئ التقدير الصحيح لمصالح لبنان واللبنانيين، ولا سيما في علاقاتهم العربية واحترام الشرعية العربية، بكون الدول العربية تمثل بعد لبنان العربي، وحيث تكمن أسواقنا وتتركز مصالح لبنان ومصالح اللبنانيين، وكذلك العودة إلى احترام الشرعية الدولية المتمثلة بالقرارات الدولية ومن ضمنها القرار 1701. والأمر السابع، وهو أن تعود إلى الالتزام باحترام قواعد الجدارة والكفاءة في تسلم المسؤوليات في المناصب العامة، أي اعطاء هذه المناصب إلى أكفائها والمحاسبة على أساس الأداء والانجاز".

وتابع: "إنه، وباعتقادي أن هذه الأمور وإذا ما عادت الدولة، وعملت على أساس إعادة الاعتبار والاحترام والالتزام بهذه البديهيات، فإنه عندها، يمكن للبلاد أن تبدأ مرحلة النهوض، وأن تبدأ عندها في الاستفادة من الفرص المتاحة أمام اللبنانيين، ومن ضمنها ما جرى الالتزام به في مؤتمر سيدر، من قبل المجتمعين العربي والدولي".

وعن تقييمه لردود الأفعال الدولية الكثيرة حول الحكومة الجديدة، وخاصة الولايات المتحدة، التي تحدثت عن موضوع تولي "حزب الله" ثلاث حقائب، قال: "أعتقد أن ردود الفعل حول تأليف الحكومة، من المجتمع العربي والمجتمع الدولي، ليس إلا تعبيرا عن الأمل بالحكومة، وهذا أمر جيد، بكونه يساعد في إعادة الأمور إلى بيئة الاستقرار الداخلي والخارجي. ولكن هذه الآمال التي يبديها الكثيرون، ينبغي أن يقابلها من قبل الحكومة اللبنانية الجديدة، بجهود حقيقية، تؤكد تضامن أعضاء الحكومة مع رئيسها، والتعاون سوية على التأكيد بالفعل، على اعتماد والتزام الحكومة بهذه البديهيات، لكي تبدأ الحكومة في استعادة الثقة، وبالتالي أن تضع الحكومة نفسها، بموجب ذلك، على النقطة الأولى من مرحلة استعادة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان وباقتصاده وبمستقبله".

أضاف: "بالنسبة للولايات المتحدة، أعتقد أن هذا هو موقفها، والمهم كذلك هنا، هو أيضا كيف ينبغي أن يكون عليه موقفنا نحن في الحكومة اللبنانية وفي لبنان، إزاء ذلك. إذ أن هذا الأمر يتطلب من قبل حزب الله، الذي يمثل شريحة من اللبنانيين، وهو موجود في الحكومة، أن يتبصر ويحافظ على هدوئه وتصرفه بشكل سليم، وأن يلتزم بمصلحة لبنان واللبنانيين، وليس أي طرف آخر خارجيا أو داخليا، حتى نستطيع أن نتخطى هذه المشكلات وتلك المصاعب، وهي ليست قليلة. وبالتالي أعتقد أنه ومن خلال تأكيد سلطة الدولة اللبنانية من جهة. وباعتقادي أنه عندما يصار إلى الالتزام بالدستور وبالقانون اللبناني بشكل صحيح وبمصلحة الدولة اللبنانية والتزامها بالشرعيتين العربية والدولية، وأن تتحد جهود اللبنانيين من حول مصلحة لبنان، فإننا نستطيع أن نتخطى هذه العقبات التي يمكن أن تواجهنا".

وعن كيفية تعامل لبنان ورئيس الوزراء، مع الضغوط الدولية المرتقبة والمتوقعة، قال: "هذا الأمر يتطلب منا جميعا الحكمة والتبصر، وأيضا بالممارسة الصحيحة المتزنة والمستقرة، وهنا ينبغي ويجب أن لا نترك الأمور إلى مخيلة الآخرين. بل يجب علينا أن نعمل جاهدين، حتى يرى اللبنانيون والآخرون في الداخل والخارج، بأم العين، أن هذه الحكومة تلتزم بمصلحة الدولة اللبنانية، وبمصلحة اللبنانيين، وبالحرص على استعادة الدولة لسلطتها وهيبتها في لبنان. وأيضا العودة إلى الالتزام بالمبادئ الأساسية، التي تستطيع الحكومة اللبنانية والاقتصاد اللبناني والمالية العامة، أن تستعيد بموجبها ثقة المستثمرين وثقة المواطنين بالاقتصاد اللبناني، وبماليته العامة، وباستقراره النقدي، وبالتالي ينطلق عندها الاقتصاد من جديد، ونبدأ باستعادة النمو الاقتصادي بمعدلات مستدامة تفي بالاحتياجات، وهو النمو الذي افتقدناه منذ أكثر من ثماني سنوات".

أضاف: "إذ أن لبنان لا يسجل نموا اقتصاديا، منذ العام 2010، إلا في حدود 1 أو 1.5% وهذا على الأقل يعادل نصف نسبة الزيادة السنوية في عدد السكان، كما وأننا لا نحقق فوائض كافية في ميزان المدفوعات، منذ ذلك الوقت. وبالتالي فإن لبنان ومنذ عدة سنوات يتعرض إلى مأساة اقتصادية، وبالتالي فإن الحاجة ماسة لبذل الجهود، التي يجب أن تساعد لبنان على التقدم في الاتجاه الصحيح، والتي أؤكد من جديد، أنه ينبغي علينا أن نحرص ونجهد يوميا، لكي نبذل جميعا، كل جهد ليس في الكلام فقط، بل ومن خلال الممارسة الجادة والثابتة في هذا الصدد".

وردا على سؤال حول أهمية تمثيل المرأة العربية واللبنانية في هذه الحكومة، خاصة في وزارة مهمة مثل وزارة الداخلية، أجاب: "طبيعي هذا أمر جيد، بالشكل أمر جدير بالمتابعة والاهتمام، وبالتأييد وبالتركيز عليه. ولكن في المحصلة ما يهم هي الممارسة، وهي أن يكون هذا الوزير أو ذاك، كل يؤدي مهماته ويقوم بمسؤولياته على قدر عال من الكفاءة والنزاهة".

أضاف: "الذي نحتاجه، هو أن يقوم كل وزير بمسؤوليته على أكمل وجه، ويجب أن يعطي كل وزير بأدائه الحسن، النموذج لجميع اللبنانيين، بأنه يحترم مصلحة الدولة اللبنانية، ويحترم الدستور، ويحترم القوانين، ويعمل من أجل التنفيذ الصحيح لمهماته، ليتحقق الإنجاز اللازم، وبالتالي على كل وزير أن يتعاون مع زملائه الوزراء، ومع رئيس الحكومة، حسب ما ينص عليه الدستور اللبناني، بما يعود بالخير لمصلحة المواطنين، وليس بما يعود بالمنفعة لمصلحة الأحزاب السياسية. اللبنانيون يعرفون جيدا، أنه خلال الفترة الماضية، عانى لبنان من تشرذم متعاظم لدى الدولة، ومن تناثر وانحلال لها، ومن تقاسم لإدارتها ومؤسساتها من قبل الأحزاب السياسية والميليشيات. ولذلك وصل بنا الحال إلى الحالة التي وصلنا إليها".

وختم "لا يمكن الكلام عن وزير، أكان امرأة أو رجلا، إذ أن النجاح يأتي من خلال تآزر الوزراء جميعا، من خلال العمل من قبل فريق عمل متكامل متجانس متضامن، بين بعضه بعضا، بما يعلي مصلحة المواطن والوطن واللبنانيين جميعا".