عام >عام
لماذا لا يكرم المناضلون وهم أحياء؟ لماذا لا يكرم من كرس حياته لخدمة قضايا الأمة السامية وهو في خضم معارك لاتنتهي؟
لماذا لا يكرم المناضلون وهم أحياء؟ لماذا لا يكرم من كرس حياته لخدمة قضايا الأمة السامية وهو في خضم معارك لاتنتهي؟ ‎السبت 23 02 2019 22:50
لماذا لا يكرم المناضلون وهم أحياء؟ لماذا لا يكرم من كرس حياته لخدمة قضايا الأمة السامية وهو في خضم معارك لاتنتهي؟

بسام ابو شريف

أدعو لتكريم معن بشور ، الذي بلغ من العمر هذه السنة خمسة وسبعين عاما قضى قسمها الأكبر في البذل والعطاء نضالا وكفاحا بشتى الأشكال من أجل تحقيق أهداف الصادقين من أبناء أمتنا العربية في التحرر والوحدة والنهوض والنضال المرير لتحرير فلسطين جوهرة العرب .
تعرفت على معن بشور في الجامعة الأميركية في بيروت في أوائل الستينيات ، وكان معن من كوادر حزب البعث الناشطين ، وكنت أنا من كوادر حركة القوميين العرب ( وكم من مرة فكرت في تلك الأيام ، لماذا لا يتوحد جهد الذين يناضلون لتحقيق نفس الأهداف ) ، الا أن الأحزاب في تلك الفترة كانت تشد أعضاءها للتزمت تنظيميا ، فبدا أن الخلاف هو سيد الأحكام بينما كنت أرى أن هامش الخلاف ضئيل الى حد أنه لا يتسع لأحد ، وأن التوافق في الأهداف شبه كامل ، وفي العام 1967 ، استمعنا جميعا صبيحة الخامس من حزيران للدكتور فايز صايغ قبل توجهه للأمم المتحدة تحليلا لما يدور ، وعروبة مضائق تيران ” مياه اقليمية مصرية قانونيا وتاريخيا ” ، وحول بداية المعارك بيننا وبين العدو الصهيوني التي ستطول ولن تنتهي الا بالانتصار على ” الجسم الغريب ” ، الذي زرعه المستعمرون والصهاينة في فلسطين .
كان معن باستمرار كشعلة متقدة لا تهدأ ، وكان يسعى لتوعية الشباب والطلبة الشباب وضمهم لصفوف النضال القومي ، ولا أنسى تلك الجلسات الصغيرة في مطعم فيصل حين كان الفقيد منح الصلح يدير تحليلا وتفسيرا سياسيا للأحداث يوميا ” تقريبا ” ، وكان من الحضور جهاد كرم ومزيد مطر وبشارة مرهج ، وانضم لاحقا كميل حوا وربيع الأسير … وغيرهم دون أن أنسى منصور حريق ومروان زريقات ، الذي كان زميلي في لائحة الترحيل من لبنان قبل أن يتولى القائد كمال جنبلاط ” رحمه الله ” ، وزارة الداخلية ويصدر قرارا باعادتنا بعد أن رحلتنا القوى الأمنية اليمينية .
الشباب كان نشاطهم كالنيران التي لا تنطفئ ، يتحركون في كل اتجاه وكذلك كنا نحن نلتقي في الأهداف والعمل لكن نبقى لسوء الحظ فريقين رغم أن ما كان يجمعنا هو أكبر بكثير مما كان يجمع فريقا موحدا .
في حزيران 1967 ، قادت ظروف المعركة الى وحدة الصف في انتخابات مجلس الطلبة حين صب الجميع أصواتهم لكميل حوا مرشح حزب البعث الذي تحول على أنغام المعركة مع اليمين الى مرشح القوى التقدمية في مواجهة اليمين ، وفاز كميل حوا .
في صبيحة الخامس من حزيران تحولت ساحة ” زاوية المتحدثين ” ، الى تجمهر وطني قومي تقدمي وأقيمت اذاعة محلية وألقى أديب ناصر قصائد ألهبت الجمهور ، وراحت الاذاعة تبث أخبار المعركة التي يخوضها جمال عبدالناصر ، الذي حولت المعركة مواقف الجميع الى مواقف مؤيدة له حتى من قبل الذين كانوا ينتقدوه ، فقد تغلب الحس القومي والالتزام المبدئي الى سيد الموقف مرة اخرى .
معن بشور ما كان يبحث عن البروز بل كان يكدح ليبني التيار القومي الملتزم ، ولن أتحدث الا عن استمرار معن بشور في الالتزام الذي لا يهتز بقضايا أمته العربية الكبرى ، واتخاذه مواقف تتبعناها في كل مكان رحلنا اليه أو قاتلنا فيه .
والآن أكتب لتكريم هذا المناضل الكبير الذي لايكل ولا يتعب من خوض المعارك دفاعا عن أمته وجوهر القضايا قضية فلسطين لأنني أعرف مالايعرفه شباب اليوم ، أكتب من تحت الاحتلال وبراثنه لقول الكلمة الصادقة من بين فكي الوحش الذي يريد أن يقضي على أمتنا وشعبنا استنادا لحفنة ممن باعوا أنفسهم وأمتهم للاستعمار الأميركي وللصهيونية .
ان النفس النضالي الملتزم والعنيد الذي يمثله معن بشور ، هو النفس الذي سيقضي على مخططات الأعداء وسيعيد لأمتنا زخمها النضالي الذي شاهدناه وشاركنا فيه وقدناه ، نحن قوم اذا عاهدنا وفينا ، وان وعدنا التزمنا والأمر هنا يتعلق بالأمة والوطن والذين يظنون أن قضية فلسطين هي قضية الشعب الفلسطيني يخطئون ، انها قضية الأمة العربية التي مزقها جغرافيا الاستعمار القديم ويحاول تمزيقها جسد الاستعمار الجديد ، وهي قضية الحق عالميا قضية معاداة العنصرية والارهاب الدموي الاستعماري ، وهي باختصار قضية الاصرار في العالم .
من هنا فان تكريم معن بشور ، هو تكريم لما يمثله وما ألتزم به ، انه تكريم للارادة التي لا تكل لمقاومة الأعداء وتحرر الأرض والانسان .
من القدس المحتلة أصفق لمعن بشور ، وأقول له ان النصر أقرب بكثير مما يظن المتفائلون فنحن لسنا من أهل التفاؤل أو التشاؤم ، نحن من يصنع التاريخ بالأزميل و نحفره وننقش رسومه كما ينقش الصخر .
أحييك أيها المناضل ، وأرفع يدك عاليا لتستمر راية الكفاح رفرافة .
كاتب فلسطيني

المصدر : صحيفة رأي اليوم