لبنانيات >أخبار لبنانية
اتفاق دير عمار-2 من الألف إلى الياء.. خصخصة الكهرباء بدأت
اتفاق دير عمار-2 من الألف إلى الياء.. خصخصة الكهرباء بدأت ‎الاثنين 11 03 2019 09:51
اتفاق دير عمار-2 من الألف إلى الياء.. خصخصة الكهرباء بدأت

محمد وهبة

 

في 4 شباط الماضي وقّعت الشركة اليونانية التي لُزّمت إنشاء معمل "دير عمار 2"، اتفاقية مع شركة مملوكة من الشقيقين تيدي وريمون رحمة، ومن علاء الخواجة، من أجل نقل التزامها إلى عهدتهم بعد إجراء تعديلات على العقد من صيغة أشغال لمصلحة الدولة، إلى عقد BOT، أي إنشاء وتشغيل لمدة 20 سنة، ثم تحويل الملكية إلى الدولة. بمعنى آخر، جرت "خصخصة" هذا المعمل مقابل تراجع الشركة اليونانية عن دعوى التحكيم الدولي ضدّ لبنان وحصولها على مبلغ 50 مليون دولار سدّده الملتزمون الجدد الذين فازوا باستثمار مردوده الإجمالي نحو 14%. قبل 8 سنوات، افتُعل خلاف بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، فتعطّل المشروع الذي كان مملوكاً من الدولة. ثم دخلت شركة خاصة، لتحصل على "امتياز" تشغيل المعمل لمدة 20 سنة، وبَيع الانتاج للدولة، فوافق الجميع على "الخصخصة" بلا عقبات. هل كان ثمة خيار آخر بعدما وصلت القضية إلى التحكيم الدولي وكان لبنان مهدداً بخسارة أكثر من 100 مليون دولار؟ تبدو القوى السياسية المعنية جاهزة دوماً لرمي هذا السؤال في وجه منتقديها. لكن الجواب بسيط: نعم، كان ثمة خيار، وهو حل أزمة الضريبة على القيمة المضافة التي عطّلت المشروع، وحرم مفتعلوها اللبنانيين 5 ساعات من الكهرباء يومياً!

ويتابع: كان مشروع إنشاء معمل إنتاج للكهرباء في منطقة دير عمار، والمسمّى "دير عمار-2 "، عبارة عن عقد أشغال لمصلحة الدولة فازت فيه شركة يونانية اسمها "J&P Avax" بموجب مناقصة عمومية لإنشاء معمل إنتاج كهرباء بقدرة 550 ميغاوات وبمبلغ 360.9 مليون يورو، إلا أنه تحوّل بقرار من مجلس الوزراء في 21 نيسان 2018 إلى عقد شراء طاقة طويل الأمد - يسمى PPA - لمصلحة شركة لبنانية، علماً بأنه ينصّ على تسليم المعمل للدولة اللبنانية بعد 20 سنة قابلة للتمديد 5 سنوات. بمعنى آخر، إن هذا التحويل للعقد ينطوي على عناصر "BOT" واضحة، أي إنشاء المعمل وتشغيله ثم تحويل ملكيته إلى الدولة اللبنانية. وسواء كان اسمها PPA أو BOT فإن هذه الصيغة من العقد ترتّب على الدولة منح امتياز للمتعهد لا يمكن إقراره إلا بموجب قانون في المجلس النيابي، استناداً إلى المادة 89 من الدستور التي تنصّ على أنه "لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود".

هكذا إذاً، انطلق قطار خصخصة معامل إنتاج الكهرباء. بدأت هذه الخصخصة بتسوية بين ثلاثة أطراف على عقد ينطوي على إشكاليات متعدّدة؛ من أبرزها ضريبة القيمة المضافة التي لم يعرف إذا ما كانت داخل السعر الذي فازت الشركة على أساسه أو خارجه، وعلى دعوى تحكيم من المتعهد ضدّ الدولة اللبناني يطالبها فيه بعطل وضرر عن تأخر الأشغال ابتداءً من تشرين الأول 2013 إلى اليوم.

التسوية بين الاطراف الثلاثة، أي الدولة اللبنانية، والشركة اليونانية الملتزمة، والشركة اللبنانية التي سترث الالتزام بصيغته التعاقدية الجديدة، انطلقت قبل أكثر من عشرة أشهر. بحسب المعلومات، توصّل المتعهد والشركة اللبنانية الوريثة إلى اتفاق في 4 شباط الماضي بعد اجتماع عقد في اليونان. هناك اتّفق على أن تتنازل الشركة الملتزمة عن أجزاء أساسية من العقد لمصلحة الشركة اللبنانية التي تأسست بمساهمة كل من الشقيقين تيدي وريمون رحمة بحصّة 37%، ورجل الأعمال الأردني (حامل الجنسية اللبنانية) علاء الخواجة بحصّة تبلغ 40%، والشركة اليونانية وغسان غندور بحصّة 23%. وفي المقابل، ستتراجع الشركة اليونانية عن دعوى التحكيم التي رفعتها ضدّ لبنان، وستتقاضى ثمناً للتنازل عن العقد ومطالباتها بالعطل والضرر قيمته 50 مليون دولار ويسدّده المساهمون رحمة وخواجة.
وبحسب صيغة المشروع المتفق عليها بين الطرفين، فإن المعامل ستبدأ بالإنتاج بعد 18 شهراً من بدء البناء، وستنتج نحو 500 ميغاوات، على أن يكون سعر الطاقة المبيعة للدولة اللبنانية ضمن حدّ أعلى بقيمة 2.95 سنتاً للكيلوات ساعة الواحد (عدا عن سعر الوقود). ويرجح أن ينخفض هذا السعر إلى 2.15 سنتاً بعد احتساب انتاج وحدات الإنتاج العاملة بواسطة البخار في المرحلة الثانية من تنفيذ المشروع.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن نسبة الربحية للمستثمرين الجدد، رغم السعر المنخفض نسبياً ورغم تسديد مبلغ 50 مليون دولار للشركة اليونانية، لا يزال مرتفعاً، إذ إن الشركة ستستعيد كلفة رأس المال خلال خمس سنوات، وستتمكن من تحقيق عائد إجمالي على الاستثمار بمعدل 14%.

على ما يبدو، إن الاتفاق لم تتبلّغ به الدولة اللبنانية بعد، إذ إنه بحسب بيان صدر يوم الجمعة الماضي عن وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني، فإن الوزارة لا تزال تنتظر "استكمال المفاوضات مع الشركة المعنية، وسيتم رفع نتائج المفاوضات وفق صيغة عقد عند انجازه إلى مجلس الوزراء للاطلاع عليها وإعطاء القرار المناسب وفق ما درجت على القيام به في كل ما خص مشاريعها".

المصدر : صحيفة "الأخبار"