صحة >صحة
د. طلال حمود وأنواع النوبات القلبية (الجزء الرابع)
الثلاثاء 30 04 2019 11:57جنوبيات
عرض الدكتور طلال حمود أنواع النوبات القلبية: اعراضها، تعريفها، اسبابها، مخاطرها وطرق الوقاية منها (الجزء الرابع):
الذبحة القلبية الحادة مع إرتفاع الـ ST segment :
1- مقدمة:
عندما يصاب المريض بذبحة قلبية حادة مع تغيرات في تخطيط القلب ووجود إرتفاع في ST segment)) يجب على الطبيب أن يكون في سباق مع الوقت من أجل فتح الشريان الذي تسبب بهذا العارض لأن أي تأخير في ذلك قد يؤدي إلى زيادة الضرر في عضلة القلب وإلى حصول آثار جانبية خطيرة فيما بعد. ويجب في كل الحالات محاولة فتح الشريان قبل مرور 12 ساعة او حتى 24 ساعة على بداية حصول الأعراض. وعند قيام الطبيب بتشخيص هذا المرض يجب وضع كل الوسائل من أجل عملية فتح الشريان التي من الممكن أن تكون بطريقتين مختلفتين: إما عن طريق فتح الشريان بالطرق التدخلية أي بتقنيات البالون والرسور Primary angioplasty) أو عن طريق الأدوية المذيبة للجلطات Thrombolytics or fibrinolytics)).
ويتم علاج المريض بهذه الطرقة او تلك بحسب أهمية الأعراض وخطورة الذبحة ومكانها وما إذا كانت تتصاحب مع أعراض قصور قلبي حاد أو لا. ومن المعروف أن التقنيات التدخلية تفتح الرشيان بشكل فعال أكثر من دون التعرض لحدوث حالات نزيف خطيرة في الدماغ او في غيره من الأماكن. بينما العلاجات بواسطة الأدوية المذيبة للجلطات لها حسنات وجودها او توفرها في كل المراكز التي تستقبل مرضى القلب وسهولة إمكانية وضعها على سكة العلاج، بينما هي أقل فعالية في بعض الحالات وتعرض المريض لإحتمالات الإصابة بحالات نزيف خطيرة خاصة في الدماغ. وهناك قواعد علمية دقيقة اظهرتها درايات متعددة وأوصت بأن يتم وضع العلاج المناسب بحسب الوقت الذي سيمر بين أول محادثة أو لقاء طبي وبين فتح الشريان بالبالون بحيث يجب ان يكون هذا الوقت اقل من 90 دقيقة(Time from first medical contact to balloon< 90 min.).
2- لمحة سريعة عن طريقة حدوث الذبحات القلبية الحادة:
كما أشرنا سابقا فإن الترسبات الدهنية والكلسية وتكاثر الخلايا التي تدخل في تكوين مرضى تصلب الشرايين يبدأ في عمر مبكر من حياة الإنسان حيث تتكون اللويحات العصيدية تدريجيا وتبدأ بالأزدياد مع مرور الوقت وتكون عادة اللويحات المستقرة مغطاة بغشاء سميك من الألياف ويكون في داخلها خلايا كثيرة وكبيرة (الخلايا الآكلة) المليئة بالدهنيات. وفي بعض الأحيان وتحت تأثير بعض العوامل مثل الألتهابات أو بعض الأنزيمات أو بسبب إرتفاع الضغط الشرياني يحدث تمزق في جدار هذه اللويحات مما يؤدي إلى إلتصاق صفائح الدم في هذا المكان وإلى تكون خثرة قد تكون كاملة وفي هذه الحالة تؤدي إلى ذبحة قلبية حادة مع حصول ضرر أكيد في خلايا القلب لأن الخلايا القلبية تتوفى بعد مرور وقت قصير على الأنسداد الكامل في الشريان. وهذا مايترجم على تخطيط القلب بوجود تغييرات على شكل إرتفاع في ال(ST segment) يعرفة الأطباء بشكل جيد ويؤدي إلى تشخيص هذه الحالة كما سنشرح لاحقا. وفي بعض الحالات تتسبب الخثرة بإنسداد وقتي غير دائم وهذا مايؤدي إلى حدوث الخناق الصدري الغير مستقر والذي قد يؤدي أحيانا إلى موت بعض الخلايا العضلية وبالتالي إلى إرتفاع متوسط الأهمية او ضئيل في خمائر القلب في الدم وهذا مايطلق عليه الأطباء الذبحة القلبية الحادة دون إرتفاع في مستوى ال(NSTEMI: Non ST Elevation Myocardial Infarction).
وفي بعض الحالات الأخرى قد يؤدي هذا الإنسداد الوقتي في الشريان إلى حصول آلآم صدرية متكررة من دون أن يكون هناك موت في الخلايا القلبية وهذا مانطلق عليه فقط الخناق الصدري الغير مستقر (Unstable angina) وهو حالة أقل خطورة من سابقاتها.
3- أعراض الذبحة القلبية:
كما ذكرنا سابقا فإن الألم الصدري الذي يحدث في هذه الحالة يتميز بأنه ألم شديد وقوي جدا يسحق القفص الصدري ويمتد نحو الكتفين والذراعين ليشمل الحائط الأمامي من الصدر وقد يتمد أيضا إلى الرقبة والبلعوم والفكين وإلى الكتف والذراع الأيسر والظهر. ويتميز أيضا بأنه يدوم لفترة أطول من 20 إلى 30 دقيقة ويتصاحب في بعض الحالات بالقلق والغثيان والتقيئ وضيق النفس والشحوب والتعرق البارد والتعب وخفقان القلب والغثيان الذي قد يصل إلى حد فقدان الوعي بسبب هبوط الضغط الشرياني، ولشدة هذا الألم نضطر في غالب الأحيان إلى إعطاء المريض المسكنات القوية ومشتقات المورفين من أجل تهدئة الألم
4- التشخيص:
يتم تشخيص الذبحة القلبية الحادة عادة عبر المراحل التالية:
ا- التحقيق والفحص السريري: والذي يجب إجراؤهما بسرعة كبيرة من أجل كسب الوقت حيث يتم سؤال المريض عن السوابق المرضية وعوامل الخطورة الموجودة عنده وبداية حدوث الأعراض وما إذا كان قد تعرض في الماضي لأزمات مماثلة. ويتم بعد ذلك أخذ الضغط الشرياني وفحص القلب والبحث عن صفير او خرير غير طبيعي وحالة التنفس والبحث عن علامات قصور القلب حاصة إذا كان هناك ضيق نفس شديد مع الألم الصدري.
ب- تخطيط القلب(EKG) الذي يجب أن نسرع في إجراؤهلكي يتم التشخيص في اسرع وقت ممكن. ولايجب أن نضيع أي وقت في سبيل ذلك. وهذا التخطيط يعطينا يجب ان يكون كامل اي يحتوي كل الإتجاهات القلبية الممكنةAll cardiac leads) ) اي ال12 إتجاه العادية او الكلاسيكية ومعها الإتجاهات اليمنى (V3R، V4R) وإلإتجاهات الخلفية للقلب (V7، V8، V9) لأن علامات الذبحة قد لا تظهر على التخطيط العادي الذي يحتوي فقط ال 12 إتجاه الكلاسيكي وتظهر فقط في هذه الأتجاهات التي ذكرناها. ويعطي تخطيط القلب مؤشرات قد ترشدنا إلى الشريان المسؤول عن الذبحة بحسب العلامات الكهربائية التي نراها على التخطيط بحسب الإتجاهات التي قد توجد فيها العلامات الكهربائية للذبحة القلبية والتي سوف نفصلها لاحقا.
ج-فحوصات الدم:
ومن أهمها فحص خمائر القلب في الدم ومن أهمها Troponin I، Myoglogin) CPK، CPK Mb، SGOT، SGPT) ولكل نوع من هذه الخمائر وقت يرتفع فيه في الدم ثم يعود وينخفض ليزول نهائيا. والمؤشرين الأكثر إستعمالا في الطوارئ هما ال (Troponin I)) وال .(CPK Mb) وعند وصول المريض إلى المستشفى قد تكون هذه الخمائر طبيعية في الدم في أول قياس وخاصة إذا وصل المريض بسرعة إلى المستشفى عند بداية الأعراض. ولذلك يجب إعادة هذه الفحوصات بعد 6 ساعات و 12 ساعة و 24 ساعة للتأكد من عدم وجود ذبحة أو لمعرفة الرقم الأعلى التي وصلت إليه هذه الخمائر لأن هذا الرقم من الممكن أن يستعمل كمؤشر لخطورة الذبحة في كثير من الأحيان. فكلما أرتفع هذا الرقم كلما أشار ذلك إلى ضرر كبير في عضلة القلب وإلى موت كميات أكثر من الخلايا وهذا ماسيؤثر مستقبلا على حالة المريض السريرية وإلى انه قد يعاني من اعراض قصور عمل عضلة القلب.
وقد نستعمل قياس هذه الخمائر أيضا كمؤشر لنجاح عمليات فتح الشريان بعد إستعمال الأدوية المذيبة للجلطات أو بعد عمليات البالون والرسور. وهنا تشير الدراسات إلى أن الأرتفاع المبكر في هذه الخمائر يعتبر مؤشر نسبي على نجاح العملية. ومن الفحوصات الأخرى التي يجب أن نجريها في هذه الحالة فحص قوة وكمية كل نوع من انواع خلايا الدم بما فيها صفائح الدم (CBCD) لمعرفة قوة الدم وعدد الكريات الحمراء وصفائح الدم وفحص ال (PT-NIR) لمعرفة حالة التجلط في حال إستعمال مذيبات الجلطات ومضادات الفيتامين K خاصة وفحص الكلى والأملاح في الدم (BUN، Creatinine، electrolytes) وفحص السكر في الدم لمعرفة وضع السكر وعلاجة بالأدوية المناسبة بحيث انه يفضل إعطاء الأنسولين عند المرضى الذين تعرضوا لذبحة قلبية حادة. وفي الأيام التالية بعد دخول المريض يجب ايضا قياس معدل الدهنيات في الدم Lipid panel)) لإعطاء العلاج المناسب وكذلك فحص تخزين السكر في الدم (HbA1c). لأن تعديل وتوازن السكر في الدم يعتبر من أساسيات العلاج المستقبلي عند هؤلاء المرضى.
ج-الصورة الشعاعية للصدر(Chest X-ray): وهي تعطي فكرة عن حجم القلب وحالة الرئتين في حال وجود صعوبة في التنفس أو مشاكل رئوية مصاحبة. وهي تسمح ايضا بتشخيص حالة الأحتقان الرئوي الحاد وغيرها من المشاكل الرئوية.
ه-الصورة الصوتية للقلب مع دوبلر (Cardiac echo Doppler): وهي مهمة جدا لمعرفة حالة عضلة القلب والبحث عن الأماكن التي يوجد فيها خلل في الأنقباض(Hypokinesia) أو إنعدام في الأنقباض(Ahinesia) وتساعد جدا في تشخيص الأختلاطات الجانبية التي قد تحدث عند التعرض لذبحة قلبية حادة مثل قصور القلب الحاد وحالة الصدمة القلبية ومشاكل الصمام التاجي وحالات حصول ثقب في القلب أو حالات الألتهابات التي قد تصيب غشاء القلب في وقت مبكر او متأحر من الإصابة بالذبحة القلبية وغيرها من الإختلاطات الممكنة.
و- القسطرة أو تمييل القلب (Coronarography):
وهو الفحص الأساسي في هذا المجال ويجب إجراؤه بعد مرور 3 ساعات إلى 24 ساعة بعد إعطاء الأدوية المذيبة للجلطات أو في حالة طارئة في حال قررنا العلاج التدخلي المباشر Primary angioplasty)). وهنا يسمح لنا هذا الفحص بتحديد عدد الشرايين المصابة والشريان الذي تسبب بالذبحة القلبية الحادة ويعطي أيضا فكرة عن حالة عضلة القلب في حال إجراء صورة ملونة لعضلة القلب بعد ان نحقن مادة اليود في داخل البطين الأيسرVentriulography)). التي تلون عضلة القلب وتسمح بدراسة حركة إنقباضها وقياس قوة إنقباض القلب الأجمالية (Left Venricular Ejection Fraction: LVEF) . وعادة يتم توسيع الشريان الذي تسبب بالأزمة الحادة في الجلسة نفسها مع وضع رسور عادي أو مطلي بالدواء بحسب حال ونوع وطول الإنسداد الشرياني وحسب سوابق المريض وما إذا كان يعاني من مرض السكري المزمن او من القصور الكلوي المزمن وما إذا كان شاب او متقدم جدا في السن. وفي بعض الحالات النادرة يتم تأجيل العلاج بإنتظار الحصول على معلومات أخرى إضافية حول عضلة القلب وغيرها من المؤشرات المهمة والتي قد تقودنا الى توجيه المريض إما نحو العلاج التدخلي أو العلاج الجراحي كما سنرى لاحقا مثل دراسة وجود حياة في العضلة المصابة بواسطة التصوير الصوتي مع الجهد أو الطب النووي أو بالرنين المغناطيسي.
د. طلال حمود- طبيب قلب تدخُّلي -هاتف03832853