فلسطينيات >الفلسطينيون في لبنان
فلسطينية من صيدا تتفوق على 190 دولة في الأمم المتحدة: لا للسلاح النووي
الثلاثاء 18 06 2019 16:01محمد الجنون
لا شكّ في أنّ لدى الإنسان العربي إرادة التحدي، خصوصاً في طرح الملفات والقضايا في المحافل الدوليّة. وفي حين أنّ العالم يعيشُ تخبطاً بين الأقطاب، ويرزحُ تحت وطأة التهديدات المستمرّة بسبب الأسلحة النووية، التي تتقاتل الدول الكبرى بشأن امتلاكها، يبقى الصوت العربيّ المطالب بنزع هذه الأسلحة، ومن قلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو الإنجاز الأكبر. وفعلاً، هذا ما حصل، ولكن لم يكن ذلك على صعيد دولة عربية، بل كان على صعيدِ فردٍ واحد، أثبتَ وجوده، وعزّز عروبته ولم ينكر كيانه وأصله.
"دولة" في فتاة
خلال كل العقود الماضيّة، لم تتجرأ أي دولة عربية على المطالبة بنزعِ الأسلحة النووية التي تهدّدها دائماً. إلّا أن ذلك تحقق في مؤتمر عالمي شبابي، عبر الطالبة الفلسطينية زينة نمر شريدي، التي تعتبرُ "دولة في فتاة"، بمطالبتها التي حملت معنى كبيراً لتعزيز السلام العالمي. خلال شهر نيسان الماضي، عُقد مؤتمر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك فيه ممثلون من جامعات من 193 دولة، وكانت شريدي، الطالبة في جامعة نيويورك، تقود فريق جامعتها لطرح فكرة نزع السلاح النووي من دول العالم تعزيزاً للسلام العالمي. وبعد جولات عديدة وتدريبات مكثفة، استطاعت شريدي أنّ تنتزعَ لجامعتها الفوز بجائزة أفضل ثالث ورقة بحث ضمن جميع الأفكار المطروحة والتي فاق عددها الـ100 فكرة.
تفكيك السلاح النووي.. طريق نحو السلام
من صيدا - جنوب لبنان، تروي شريدي (21 عاماً) لـ"لبنان24"، تفاصيل تجربتها التي أحدثت ضجّة واسعة في الوسط الفلسطيني في لبنان. شريدي، التي تدرس العلوم السياسية والحقوق في جامعة نيويورك، أرادت في بحثها أن ترتكزَ إلى أمرٍ يعنيها ويعني قضيتها بشكل كبير، وهو السعي لوضع خطط لنزع السلاح النووي، الامر الذي يشكل طريقاً نحو السلام العالمي.
تلفت شريدي إلى أنّ "أساس الخطة هو تحويل استغلال الطاقة النووية في صنع الأسلحة إلى توليد الكهرباء"، وتقول: "لقد ركّزنا بشكل كبير على هذا الجانب، وكانت دعوتنا هي التخلص من كل الأسلحة النووية في العالم من خلال خطّة واضحة وبشكل تدريجي، ونأمل أن ترتكز الدول إليها".
وتضيف: "لا شيء يتحقق بسهولة على هذا الصعيد، والجميع يعلم أن دول العالم تتسابق إلى تصنيع الأسلحة النووية، كما أن هناك الكثير من الدول التي تظنّ أن هذه الأسلحة تحميها، ولكنها في الحقيقة تشكّل تهديداً لباقي الدول الأخرى".
وتشير شريدي إلى أنّ "ورقة البحث والخطة التي تقدمت بها مع فريقها المؤلف من 13 شخصاً (9 طالبات و4 طلاب)، تسعى إلى وضع جدول زمني لجميع الدول النووية، من أجل أن تعمل ضمنه لتفكيك الأسلحة لديها، وتحويل كل الطاقة النووية باتجاه سبل أخرى لا تهدّد السلام العالمي. ومع هذا، فإنّ هناك دول اعترضت على مسألة وجود جدول زمني، لكنها لم تعترض على الفكرة بحد ذاتها".
توضح شريدي أنّ "التجارب التي دفعتها مع فريقها لاختيار هذه الفكرة كثيرة، وأبرزها ما حصل سابقاً وما يحصل مؤخراً بين الدول الكبرى، التي تتقاتل في ما بينها بشأن وضع هذه الأسلحة"، وتقول: "العالم يشهدُ توتراً بين إيران والولايات المتحدة من جهة، وكوريا الشمالية والولايات المتحدة من جهة أخرى، وسبب ذلك الترسانة النووية. والحقيقة، هي أنّ ما يحصل لا ينحصر بين هذه الدول فقط، بل سيطال الجميع من دون استثناء، وهذا الأمر سيجعل العالم يدخل في أتون صراعٍ كبير يصعُب الخروج منه. وبكل بساطة، يمكننا القول، أن أي ضربة نووية ستؤثر على العالم كثيراً، وقد تؤدي إلى الهلاك".
العالم العربي.. أين من هذه الخطة؟
خلال المؤتمر، كان هناك وجود للعديد من الدول العربيّة، كما أنه كانت هناك مشاركة لطلاب مصريين من الجامعة الأميركية في مصر، وقد كانت ورقة مشروعهم من ضمن الأوراق التي لاقت قبولاً واستحساناً. وفي ظلّ هذا، فإنّ العديد من الدول العربية لا تستطيع مجاراة أي قرارٍ يتعلق بالسلاح النووي، وذلك التزاماً مع المصالح السياسيّة للدول الكبرى في المنطقة. تقول شريدي أنّ "الدول العربية ليست مقرّرة، ولكن ما يمكن قوله أن العالم العربي يعيش تحت وطأة التهديد الدائم، وسبق أن واجه تجربة مع مسألة السلاح النووي، حينما لوّحت إسرائيل بضرب مصر بالأسلحة النووية عام 1973، بعد الصدمة التي أصيبت بها في السادس من أكتوبر العام نفسه، جراء هجوم مصري مباغت على الجبهات في سيناء. إلا أنه وبعد الكثير من الإتصالات، تراجعت اسرائيل غن خطتها بضغوط دولية مارستها الولايات المتحدة، وكل ذلك موجود في وثائق".
وتتابع: "المسألة هذه لا تقف عند هذا الحد، ففي هيروشيما الكلّ يعلم المعاناة والمأساة المستمرة إلى يومنا هذا بسبب القنبلة النووية التي طالتها عام 1945، فضلاً عن تأثير الإشعاعات النووية على حياة البشر. ولذلك، إنّ أي استغلال خاطئ للسلاح النووي سيؤدي إلى تدمير حياة البشرية، وكل الاقتصادات العالميّة ستنهار".
رسالة إلى فلسطين
في حديثها، لم تنسَ شريدي وطنها الأم فلسطين، ولا تنسى أن معاناة الشعب الفلسطيني شاهدٌ عليها العالم بأسره، وتقول: "هدفي كان هو رفع اسم فلسطين عالياً، فهي القضية وهي الوطن. نحنُ جيلٌ تربّى على حبّ القضيّة. نواجه السلاح بعلمنا، ونواجه الإعتداء بالكفاح". وتضيف: "في إسرائيل سلاحٌ نووي يهدّد العالم العربي ويهدّد الفلسطينيين. وفي كل شيء، نهدف إلى حماية قضيتنا والذود عنها وانتزاع حقنا في كل المحافل الدولية".
وتختم: "طموحي أن أتمكّن من إيصال صوت الشعب الفلسطيني أينما حللت، من أجل أن أخدم قضيتي. وكوني كنتُ في الأمم المتحدة، أصرّيت أن أذكر اسم فلسطين مرتين.. هناك وفي أي مكان، سأخدم قضيتي".