لليوم الثاني على التوالي استمرت اعمال المؤتمر القومي العربي الدورة الثلاثين بحضور 200 شخصية عربية من كافة الاقطار العربي والمهاجر وقد استهل اعماله بجلسة صباحية ترأسها الدكتور حسن نافعة (مصر) الذي تحدث عن اهمية مشروع النهوض العربي واستمرار المؤتمر القومي العربي على مدى ثلاثين عاماً وخاصة في هذا الظرف الذي تمر به الامة العربية، وتأثير الوحدة العربية على كافة الاقطار العربية واهميتها.
البحيري
ثم قدم الاستاذ احمد كامل البحيري (مصر) ورقة حول الاستقلال الوطني والقومي وجاء فيها: تكشف تجربة اغلب انظمة الحكم السياسية بالاقطار العربية خلال الثلاثون عاماً الماضية عن قصور واضح في إدراك فكرة "الدولة المستقلة واستقلال القرار الوطني والقومي"، فبعض تلك الانظمة يعتقد ان الاستقلال الوطني تعني عدم احتلال الدولة من قبل قوات اجنبية ففي الوقت الذي تحتفل اغلب الاقطار العربية بعيد الاستقلال والتحرر من الاستعمار تواجد قواعد عسكرية في بعض الاقطار مع تراجع في استقلالية القرار الوطني فعلي الرغم من اعادة طرح شعار الاستقلال الوطني والقومي في أعقاب الحراك الشعبي الذي حدث في عام 2011 ببعض الاقطار العربية حيث رفع المتظاهرين شعار "إعادة بناء الدولة واستقلال القرار الوطني" كمصطلح ثوري أدرجته النخبة السياسية العربية الصاعدة والشابة كعنوان ضمن اهداف الثورات المختلفة. وبتشريح بنية الدولة الوطنية بالاقطار العربية المختلفة نجد العديد من الاسباب التي ادت الي ضعف استقلالية القرار الوطني والقومي لدي العديد من انظمة الحكم العربية والتي اصبحت غير قادرة علي اتخاذ قرارات مستقلة بعيدا عن الاجندات الغربية المتناقضة مع المصالح الشعبية. ويرجع ذلك لأسباب عدة ومنها:
* الهيمنة والإقصاء: * التهميش العرقي والانحياز الطائفي* تدهور بنية مؤسسات الدولة* نظرية 99%: عملت الطبقات الحاكمة ببعض الاقطار العربية لانشاء تحالفات سياسية مع الولايات المتحدة الامريكية * التعاطي الامني العنيف النظام الجمهوري والتوريث لتغيير وتعديل دساتيرها مرات عديدة بهدف تحقيق استمرار الحكم * العولمة وتأثيرها السلبي على الاستقلال الوطني والقومي.
وعلى الصعيد الثقافي دفعت الضغوط الداخلية والخارجية ولا تزال، الى تعميق ازمة الهوية والتراجع عن سياسة بناء الثقافة الوطنية القائمة على تعزيز اطار بناء الكوادر الوطنية وتوطين الحداثة واستنباتها في الثقافة والبيئة العربيتين، وفي المقابل تزداد موجة التبعية الثقافية لأسواق الانتاج الثقافي الخارجية أو للثقافة الاستهلاكية. وبقدر ما تتسارع وتيرة بناء المؤسسات التعليمية والجامعية والثقافية الأجنبية التي تدرس بلغاتها الخاصة، تتحول الحداثة من جديد إلى بنية أجنبية أو غريبة وتحدث شرخا متزايداً بين قطاعات الرأي العام، بناء عليه يقود الانفتاح الثقافي من دون رؤية ولا هدف ولا مضمون (اي من دون أن يكون مرتبطاً بمشروع مجتمعي واضح وواع للتنمية أو للتحديث)، الى تضرر البنية الثقافية وتعميق التشتت الفكري والنفسي والضياع وتزداد بالقدر نفسه هجرة الكفاءات والكوادر الثقافية والعلمية العربية التي تفتقر لأي آفاق في بلدانها الأصلية.
* تنامي تواجد القواعد والقوات العسكرية الاجنبية وعلي الرغم من مرور ثمانية سنوات علي بعض الازمات بالاقطار العربية الا انها مازالت مستمرة وتتنامي معدلات الصراع وتتعمق الازمة اكثر كما يحدث في اليمن وليبيا وهو ما يدفعنا لطرح تساؤل حول الاسباب الحقيقية لاستمرار الصراع ببعض الاقطار العربية؟ ويمكن اجمال ذلك في العديد من الاسباب ومنها: * وجود أطراف مستفيدة من استمرار الصراع بالاقطار العربية: * تعدد الميلشيات المسلحة والمتطرفة المرتبطة بدول اقليمة ودولية * ما تتلقاه بعض أطراف الصراع من دعم مادي* الحروب بالوكالة.
وختم البحيري قائلاً هذا المشهد يشكل تهديد لأغلب الاقطار العربية وهو ما يضع علي عاتق النخبة العربية القومي والمؤسسات العربية الشعبية الجماهيرية ومنها المؤتمر القومي العربي دورا في نشر وتعزيز وترسيخ مفاهيم الاستقلال الوطني والقومي لدي الشعب العربي عبر الادوات المختلفة منها ما هو اعلامي او عبر المؤسسات الحزبية القومي بالاقطار العربية بالاضافة للوقوف امام التصورات الغربية والاقليمية التي تسعي الى فرض الهيمنة والتبعية علي الشعب العربي.
فلسطين مدخل للاستقلال الوطني والقومي
الاطرش
الورقة الثانية كانت حول الوحدة العربية قدمتها الدكتورة ريم منصور الاطرش (سورية) وقد جاء فيها: تتناول هذه الورقة طرحاً لإمكانية التوجّه لتحقيق الوحدة العربية التكاملية؛ فالعروبيون لا يزالون يرونها ممكنة وضرورية، وبعضهم الآخر، عروبياً كان أم منتمياً إلى تيارات أخرى، أم مستقلاً، يرى استحالة تحقّقها، أو أنّ ذلك دونه صعوبات جمّة. واجب المؤمنين بها النضال من أجل تحقيقها. فكيف السبيل إلى ذلك؟
وفي هذا السياق ، ذكرّت سريعاً بكيفية تناول بعض مفكّري النهضة العربية لمفهوم الوحدة العربية، وعلى العلاقة بين الدين عن السياسة والظروف التي دفعتهم إلى ذلك، في لمحة سريعة.
وتطرقت الورقة إلى إمكانية أن تصبح الوحدة العربية قابلة للتحقّق التدريجي، بالتكامل الاقتصادي والأمنيّ. وطرح البحث في العلاقة بين الوحدة العربية والظروف الراهنة في الوطن العربي، بعد اجتياحه مما سُمِّيَ بِ "الربيع العربي".
كما اكدت د. الاطرش في ورقتها على أهمية المقاومة وتكامل محورها وتلازم مساراتها، من أجل التحرّر من الاحتلالات الأجنبية الموجودة على الأرض، ضمن إقليم المقاومة، وأخطرها هو الاحتلال الصهيوني!
وذكرت ان مفهوم الوحدة العربية الذي لا ينفصل مبدئياً عن مفهوم الوحدة الوطنية والمواطنة والعدالة الاجتماعية في الأقطار العربية، إلا أنّ المؤمن بهذا المفهوم لا يتميّز عن غيره من المواطنين بأيّ ميّزة تجعله يمتلك السلطة، بهدف فرضها على الآخرين؛ بل نحاول التركيز على أهمية الفضاء الديمقراطي والحريات العامة، الذي لا تستقيم الوحدة العربية والوحدة الوطنية من دون تحقيقهما، وعلى إمكانية تحقيقهما فعلاً.
وخلصت إلى أن الوحدة العربية لا تزال تصلح لإعطاء الأملِ مجدداً للجميع في حياة أفضل، ضمن جو من العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات العربية، ضمن خطة وحدوية، على ضوء المصالح المشتركة الفعلية، وأهمها التكامل الاقتصادي...
مصطفى
الاستاذ رامز مصطفى (فلسطين/سورية) قدم الورقة الثالثة وكانت بعنوان "صفقة القرن وسبل مواجهتها" تحدث فيها عرّف فيها "صفقة القرن" فقال: أن مصطلح "صفقة القرن" وإن يبدو جديد، إلا أن مضامينه التي لا زالت تتسرب عبر وسائل الإعلام وفي تصريحات كوشنر وهي ليست جديدة، إلاّ أن الجديد، هو أن أصحاب الصفقة والمروجين لها يصرون على التعامل مع القضية الفلسطينية ليس على أساس أنها قضية سياسية وحيوية للفلسطينيين والعرب والمسلمين،
وحول سبل المواجهة قال مصطفى التحديات الكبرى التي تواجه القضية الفلسطينية، أرضاً وشعباً ومقدسات، لا يمكن مواجهتها والتصدي لها وإسقاطها، بدون توحيد الجهود لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، والقيام بورشة إصلاح سياسي في مجمل مؤسسات منظمة التحرير، مقدمة لتحقيق الشراكة الوطنية والسياسية . وبالتالي مواجهة "صفقة القرن"، تستلزم تحديد المسؤوليات، بهدف تحديد ما تتطلبه هذه المواجهة من خطوات عملية :
1. إنهاء الانقسام البغيض، وتنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية الموقع في 2011. 2. إسقاط الرهان على أية تسوية أو مفاوضات عبثية مع الكيان تحت أية مبررات أو ظروف. 3. عقد الإطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير وتفعيله، وذلك من خلال :- 1 إعادة بناء وانتاج مؤسسات منظمة التحرير على أسس ديمقراطية تكفل شراكة وطنية وسياسية لكافة الفصائل من دون استثناء 2-وضع إستراتيجية وطنية فلسطينية، تكفل استمرار المقاومة بكل أشكالها، وتصعيد أعمال الانتفاضة، 3- عقد مجلس وطني توحيدي، وفق ما تم التوصل إليه من توافقات في اجتماعات اللجنة التحضيرية في بيروت عام 2017، 4- تنفيذ مقررات المؤسسات الفلسطينية، لجهة سحب الاعتراف بالكيان، ووقف العمل باتفاقات "أوسلو"، ووقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، والربط الاقتصادي مع الكيان بموجب "بروتوكول باريس" 5- دعوة كافة القوى والفصائل من دون استثناء أحد إلى اجتماع عنوانه التصدي ل "صفقة القرن" ، 6- رفع كافة الإجراءات المتخذة بحق قطاع غزة ، 7- إطلاق الحريات العامة، ورفع القيود المفروضة على عمل المؤسسات الإعلامية ، 8- رفع سوية إشراك اللاجئين الفلسطينيين في المعركة المفتوحة مع العدو الصهيوني.
وختم أ. رامز مصطفى ورقته قائلا: إنّ ما تقدم من نقاط على أهميتها في مواجهة "صفقة القرن"، إلاّ علينا كفلسطينيين توظيف العوامل التالية في مسار الصراع والمواجهة مع ثالوث "صفقة القرن" من أجل تصفية القضية الفلسطينية. وهذه العوامل هي: 1. توظيف تلك التحركات الرافضة ل" صفقة القرن " الآخذة في الاتساع . مع ما شكله الموقف الفلسطيني الموحد في مواجهة المؤامرة الهادفة إلى تصفية قضيتنا، 2. توظيف ما يحققه محور المقاومة من حضور وانتصار، بات معه ثالوث "صفقة القرن" يحسب له ألف حساب ،. 3. توظيف مجموعة المآزق التي تعاني منها الأطراف العاملة على الصفقة بثالوثها المعروف.
وحول التحديات التي تواجه "صفقة القرن" لخصها بالآتي: 1. قضايا ما سمي بالحل النهائي حول الحدود واللاجئين والقدس والمياه والسلاح، ، 2. ملفات تتعلق بالغاز والنفط وتعارض مصالح الدول الإقليمية والدولية حولها،. 3. من يقفون خلف "الصفقة" ويعملون عليها يعانون اليوم من أزمات ومآزق حادة داخل بلدانهم وخارجها . 4. بعد ثماني سنوات من حرب ظالمة وممنهجة ضد سوريا ومحور المقاومة، هذا المحور آخذ بإثبات نفسه كقوة تقلق الكيان كما المطبعين معه . وما تشهده الخلافات الخليجية الخليجية، ومن ثم الغرق السعودي الإماراتي في اليمن . 5. ما تشهده المنطقة من تحولات، ساهمت في تصدع المنظومات الأمنية لدى العديد من الدول، نتيجة ضعف دولها، 6. الموقف الفلسطيني الرافض لتلك الصفقة جملة وتفصيلاً، والتي شكلت نقطة إجماع فلسطيني بين كل مكوناته، على الرغم مما تعانيه الساحة الفلسطينية من انقسام .
المتحدثون
وقد شارك في النقاش كل من السادة: محمود الحارس، علي فيصل، د. عصام نعمان، ممدوح حمزة، سعيد غلاب، العميد د. امين حطيط، احمد حسن، خالد شوكات، احمد خليفة، ياسر المصري، علي بركة، احمد الكحلاوي، عمر الحامد، فايز الشخاترة، فيصل بلحاج، خليل بركات، الشيخ حسن عز الدين، د. خير الدين حسيب.
الجلسة المسائية الاولى
الكثيري
الجلسة المسائية الاولى ترأسها د. مصطفى الكثيري (المغرب) وتمحورت حول المشروع النهضوي العربي.
الصبار
الورقة الاولى حول الديمقراطية وقدمت ورقتها د. خديجة الصبار (المغرب) وجاء فيها: ان الفكر العربي الحديث والمعاصر منذ ما يراوح القرنين، يجتر ما تطرحه التيارات الفكرية في الغرب من قضايا ومفاهيم منذ حركة النهضة، محاولا إعادة إنتاجها، في أفضل الحالات، لتنسجم مع معطيات القضايا المطروحة في الساحة العربية، انطلاقا من الرؤى المختلفة التي تبنتها النخبة المثقفة العربية من رفاعة الطهطاوي إلى اليوم. تم ذلك مع محاولة توطين مفاهيم سياسية وفكرية في التربة العربية، شأن مفهوم الديمقراطية والحرية والعدل وسن الدساتير وحقوق الإنسان، أملا في الحد من استبداد الحكم المطلق، تلت ذلك محاولات الفكر الليبرالي والاشتراكي في مرحلة ما بين الحربين، ثم ظهرت غداة ميلاد الدولة الوطنية والتيارات القومية والماركسية. وبعد فشل الدولة الوطنية وتحولها في جل الحالات إلى دولة تابعة خارجيا وقامعة داخليا، برزت تيارات الفكر الديمقراطي ومنظمات حقوق الإنسان، لكن بقي تأثير التيارات السابقة محصورا في شرائح اجتماعية معينة داخل الطبقة الوسطى من المجتمع المدني بالدرجة الأولى قبل أن يكتسح مفهوم العولمة، بسرعة فائقة، الحواضر والبوادي، لأنه يمس حياة الناس، بحكم تأثيره اليومي على جميع الفئات، عبر ثقافة الصورة، ليفرز نتائجه في مجتمع يشكو من التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وحول تحديد المفهوم الحديث للديمقراطية قالت: تحديد المفهوم إن المفهوم الحديث للديمقراطية وحقوق الإنسان وليد الفلسفة السياسية الحديثة التي ظهرت في الغرب منذ نهاية القرون الوسطى، بفضل الرشدية اللاتينية والتوماسية ومدرسة الحق الطبيعي، والإرادية ونظريات العقد الاجتماعي، والرؤية الجديدة للطبيعة، والوضعانية القانونية المتمثلة في نظرية الدولة. حقوق الإنسان يدل على مفهوم مركب: "حق" في صيغة الجمع و"الإنسان" في صيغة المفرد.
وعن هشاشة الدولة والمجتمع في السياق العربي تساءلت د. صبار قائلة : هل الديمقراطية هي الحل في واقعنا العربي؟ وهل إجراء انتخابات حرة ونزيهة يجعل من دولة ما ديمقراطية؟ أليس هناك أسس يبنى عليها صرحها؟ وإلا تحولت إلى بناء هش لا يلبث أن يتهاوى؟ أليس ابتسار الديمقراطية خير سبيل لإقبارها كما يؤكد روبرت كبلان. هل يعتبر كل مجتمع سياسي منظم دولة؟ أم ثمة أشكال كثيرة منها لا تمت بصلة إلى الدولة؟ أقصد بهشاشة حركية المجتمع المعوقات والمعاناة التي تولد الحراك من رحمهما وشكل رجة عنيفة حررت جيل الشباب كأفراد من سياسات الخوف والاستبداد
وعن علاقة الديمقراطية بالتنمية قالت الصبار انه يتجلى الفعل المحقق للديمقراطية في التنمية، فهي التي تهيئ المناخ لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمجتمع الهادئ المتطور والمستقر
وحول علاقة الديمقراطية بالمواطنة وحقوق الإنسان ان المواطنة تفترض وجود مواطنين. فهم مادتها بصفتهم أفرادا أحرارا متساوين أمام القانون في حقوقهم السياسية ما داموا متكافئين في أداء ما عليهم من واجبات الدولة. ولا تكون الديمقراطية قوية إلا عندما تخضع السلطة السياسية لاحترام حق المواطنة.
وتحدثت في ختام ورقتها عن ثلاث تحديات وهي ا- تحرير فلسطين، وإنجاز الوحدة القومية الديمقراطية، والاستقلال الاقتصادي والتحرر من التبعية المالية والتكنولوجية، ودخول عالم الإنتاج والتوزيع الاشتراكي 2- يتمثل في تحقيق استقلال وسيادة القرار الوطني، والانفكاك من نمط التبعية للخارج كما عهدناه لعقود طويلة في المنطقة. 3-أن الخلاص لن يأتي إلا عبر بلورة "كتلة تاريخية" تجمع كما صاغها الجابري فئات المجتمع العريضة حول أهداف واضحة تتعلق أولا بالتحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية السياسية والاقتصادية والفكرية، وتتعلق ثانيا بإقامة علاقات اجتماعية متوازنة يحكمها إلى درجة كبيرة التوزيع العادل للثروة في إطار مجهود متواصل للإنتاج، وتقوم ثالثا بحل معضلة ميراثية الدولة، بالتحام الجيش مع النظام، لخلق قوة شعبية مؤثرة بديلة قادرة على قيادة عملية التغيير حتى آخرها.
البشير
التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية كانت عنوان الورقة التي قدمها الاستاذ محمد احمد البشير (الاردن) وتحدث فيها التنمية
تتحقق التنمية الشاملة باجتماع شقيها : البشري، المتعلق برفع مهارات و قدرات البشر، والمستدام، المتمثل بمخرجات التنمية البشرية بكافة اشكالها كالسياسية ، الاقتصادية او الاجتماعية ، والفرعية كالزراعة و الصناعة و السياحة و غيرها و كيفية استمرارها.
وتعتبر التنمية الاقتصادية المستقلة، عنصر هاما من عناصر المشروع النهضوي العربي. فالاستقلال السياسي والتنمية المستقلة تربطهما علاقة جدلية وطيدة.و اذا ما وجد فريق سياسي مؤمن بامكانيات الوطن العربي واذا ما تمت الاستفادة القصوى من التكنولوجيا فانه سيكون من الممكن تحقيق التنمية، وبالتالي النمو في الاقتصاد، لاسيما في قطاعي الصناعة و الزراعة الذين يعدان الاكثر استيعابا للقوى العاملة، و هما يشكلان ايضا الاقتصاد التحتي ، الذي يساهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية الاساسية ، مما يؤدي الى الحد من استيراد السلع الصناعية و الزراعية ويؤسس لتصدير الفائض منها الى الاسواق المستهدفة ويعزز بالتالي دعم الموجودات النقدية من العملة الصعبة.
العدالة الاجتماعية
تعددت وتطورت تعريفات العدالة الاجتماعية على مر العصور الا انه و في مؤتمرنا هذا تم التوافق على ان للعدالة الاجتماعية اركان ومرتكزات هي :
الاركان
- الحرية
- المساواة
- حقوق الانسان .
كما ان العدالة الاجتماعية تستند في بعدها الاجتماعي و الفكري و الفلسفي الى كونها وسيلة لتحقيق تنمية مجتمعية مستدامة و انه لا حدود لتطبيقها ولا يجوز تقييدها بالتشريعات . و هي عملية مستمرة و متطورة و متفاعلة مع تطورات السياسة و الاقتصاد و الاجتماع، ويتوجب ان تخدم المصلحة العامة اولا وحقوق الاقليات عرقا و مذهبا دائما.
مرتكزات
- المساواة و تكافئ الفرص
- التوزيع العادل للموارد و الاعباء من خلال تشرعات ضريبية عادلة تاخذ بعين الاعتبار التفاوت الاجتماعي و تهدف الى تحقيق استمرارية في تقديم الخدمات على صعيد التعليم ، الصحة، النقل، السكن و تسقيف الاجور بما يضمن حدا ادنى يضمن حقوق العاملين و حدا اقصى يحول دون تكريس اللامساواة.
- التقاعد بما يوفر حياة حرة كريمة للمتقاعدين.
- الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة بعدم اتخاذ قرارات تحمل الاجيال القادمة تبعاتها
- التنمية المستقلة التي تتطلب استقلال سياسي يكون فيه الشعب مصدر السلطات دون املاءات خارجية
ان الاقتصاد السياسي المحمي من قبل ابناء الوطن الواحد، هو الذي يساهم في خلق تنمية اقتصادية قادرة على مساعدة السلطة التنفيذية في تحقيق هذه الاركان و المرتكزات. وذلك بتفاعل قوى المجتمع المختلفة من احزاب ونقابات ومؤسسات منظمة ،مع السلطة التشريعية كاداة للتشريع والمراقبة ، اضافة الى وجود قضاء مستقل . كل ذلك يشكل مدخلا لبناء الدولة العربية النموذج، واتخاذ الخطوات الجادة نحو الوحدة التي ستبقى الضمانة الاكيدة في تحقيق اركان المشروع النهضوي العربي المنشود.
لقد بقي استقلال الدول العربية ناقصا حيث استطاعت الدول المستعمرة سابقا ان تفرض وصايتها على الدور السياسي لهذه الاقطار ، مما اعاق وجود تنمية مستقلة لها و حال دون اي تقدم نحو العدالة الاجتماعية المنشودة. و تلتها في ضوء النظام العالمي الجديد، الولايات المتحدة الاميركية (وريثة الاستعمار القديم ) بان رسمت خطوط الاقتصاد العالمي الجديد عبر انشاء البنك الدولي و صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية تمهيدا للسيطرة على القرارات السيادية للدول المستقلة وعبر اغراقها بالديون و السيطرة على عملاتها و تحويلها الى اسواق لاستهلاك منتجات الدول الغربية .
ان اصلاح الاوضاع الاقتصادية في الوطن العربي اليوم بحاجة الى نضالات حقيقية على الصعيد السياسي ، اذ ان سيطرة القوى السياسة التقليدية التاريخية على مفاصل العملية السياسية عربيا اضافة الى العوامل الخارجية السابقة الذكر انتجت الواقع المعاش حاليا ، والخالي من اي تنمية اقتصادية او اجتماعية على حد سواء.
ان المطلع على بعض تفاصيل الاقتصاد في العالم العربي لا سيما خلال السنوات الاربعة الماضية
- من خلال اسعتراضه للاقتصاد الكلي المتمثل بالمالية العامة ( اقتصاد الدولة ) و الذي بموجبه تبنى السياسات المالية ( الاقتصادية) و السياسات النقدية و اللاتي تشكلان معا المهمات الرئيسية لسلطات الدولة و خاصة منها السلطة التشريعية التي بوعيها و اكتمال دورها النقابي و التشريعي تستطيع ان تساهم في صنع سياسات مالية و نقدية تؤدي الى انعاش الاقتصاد الجزئي (القطاع الخاص). و على اعتبار ان مجلس النيابي يعبر عن هويته و درجة تمثيله للشعب من خلال الحفاظ على هذه التوجهات و خلافا لذلك تكون تشريعاته الاقتصادية مدخلا للانكماش مما يعكس توجهه لتمثيل الطبقة الحاكمة / الراسمالية .
- و بعد التأمل في واقع حال الاقطار العربية السياسي و من ثم الاقتصادي، من خلال قراءة للمالية العامة و انعكاساتها على المؤشرات التي تحدد السياسات و الاجراءات و التعليمات و القرارات التي تتخذها السلطات النتفيذية و تعكسها على قطاعات الاقتصاد الجزئي (الصناعة، الزراعة ،الخدمات )، و بالرجوع الى ارقام المالية العامة من نفقات عامة و ضرائب و مديونية، ومتابعة للمؤشرات الاقتصادية عبر الناتج المحلي الاجمالي و نسبة النمو ، و نسب العجز في الموازنة،و انتاج النفط الخام عربيا و دوليا ومسار التجارة البينية العربية و الاستثمارات الاجنبية في الوطن العربي خلال السنوات الاربع المنصرمة
يستطيع اصدار بعض التوصيات :
اهمها الدعوة الى العمل الجاد على تاسيس الكتلة التاريخية التي دعى اليها الدكتور محمد عابد الجابري كضرورة لاحداث التغيير الذي نريد .اذ ان الدول العربية بحاجة الى قيادة سياسية /اقتصادية تستطيع ان تحد من الانفقات الجارية و تعظم النفقات الراسمالية (الانتاجية ) لتحفيز الاقتصاد في القطاعات الزراعية و الصناعية من خلال تعظيم حصة الضرائب المباشرة (الدخل ) و الحد من حصة الضرائب غير المباشرة ( المبيعات، الجمارك) ممغ يساهم في تخفيض كلف السلع المنتجة زراعيا و صناعيا و يحد مناللجوء الى الاقتراض للحد من عجز الموازنة العامة الذي استفحل بسبب هذه السياسات المالية و الاقتصادية ة النقدية التي تسود اقتصادنا العربي .
برجي
"التجدد الحضاري" قدم ورقتها الاستاذ عدنان البرجي (لبنان) تحدث فيها عن الجيل الحالي الذي يعيش اللحظة الراهنة من خلال الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الإجتماعي، دون أن يدري أن وكالات الأنباء الأساسيّة في العالم مملوكة من قبل كارتيل إعلامي وسياسي واقتصادي مرتبط بالاستعمار، وإن ما يُقدّمه يأتي في اطار خدمة اهداف ومخطّطات القائمين على هذا الإعلام، مشيرا الى الجهود الديبلوماسيّة الاميركية في هذا المجال
واضاف ان مناهج التعليم المعتمدة حديثا في بلداننا العربيّة تحمل بصمات البنك الدولي في أغلبها. وقد جاءت نتائجها مخيّبة للآمال حتى في بعض الدول العربية الغنيّة، فهي تحلّ رغم ذلك في مراتب جد متأخرة في السلّم التعليمي العالمي وذلك بسبب المنهج التعليمي المُعتمد، والذي يفتقد الى الحشريّة العلمية وحب الإستطلاع والتدقيق في المعلومات الحديثة والموروثة اذ ان اغلبها تلقينيّ يقوم على القبول بما هو موروث، او بما هو مدّون، كمسلّمات او كحقائق مطلقة لا يقبل النقاش او الشك، لاسيما ذلك المتعلق بتاريخنا مضافا الى ذلك تسفيه مهنة التعليم، وتعظيم استقلاليّة الناشئة وشيوع وسائل التواصل الاجتماعي بغير ضوابط، والسقوط في براثن التعصّب والتطرّف او الإستهتار واللامبالاة وهجرة الأدمغة العربية بسبب عجز الأنظمة عن استيعابها والإستفادة منها في التنمية والبناء
ربط برجي التجديد الحضاري بالعلم، وأن مفهوم الحضارة وثيق الصلة بحركة المجتمع وفاعلية أفراده، سواء في إقلاعه في أجواء الرقي والازدهار، أو في هبوطه وتراجعه،. واكد على اننا كقوى شعبيّة عروبية نمتلك إرادة النهضة الحضاريّة، وندرك أن لدى الأمّة امكانات كبيرة لهذه النهضة، لكننا نفتقر الى الوعي الحضاري الشامل وإلى الإرادة العربيّة الرسميّة التي تملك مفاتيح القرار..
واخيرا اقترح إيلاء قضايا التعليم اهتماماً اكبر، والضغط باتجاه اصلاح المناهج والعمل لبقاء الأدمغة في أوطاننا، وتوفّير مستلزمات البحث والتطوير لها، والاجتهاد في تقديم الإستراتيجيات المطلوبة لتطوير التعليم انطلاقا من الأسس التالية:
الاهتمام بالنظم التعليمية بما هو اكثر من نقل المعرفة، وذلك ببناء الحس النقدي عند المتعلم ودفعه الى الابتكار والإبداع
بناء مهارات الإنسان العربي بما يتواءم ومنطلقات المشروع النهضوي العربي وغاياته.
إعادة تعليم مادّة المجتمع كي يعرف الجيل الجديد مكامن القوة والضعف، و يدرك ان التكامل بين الوطنيّات العربيّة يوفّرمثلاُ: الأمن الغذائي وفُرص العمل ويحمي استقلال الأقطار العربيّة ويحقق التنمية
تعزيز تعليم اللغة العربيّة واعتماد تعليم جميع المواد العلميّة بهذه اللغة. فقد اثبتت الدراسات ان المتعلّم يُتقن العلوم أكثر إنْ تعلّمها بلغته الأم..