لبنانيات >أخبار لبنانية
المسكوكات مرجع للتاريخ
الخميس 30 06 2016 12:00تحقيق أيمن محمد الطرابلسي
في مُتحف الجامعة الأميركيّة في بيروت تُعرض مجموعة من المسكوكات المملوكيّة تمّ اكتشافها في مدينة طرابلس أثناء مشاركة البعثة الأميركيّة والمديريّة العامة للآثار اللبنانيّة في عمليات التنقيب تحت خان المنزل الذي دمّره فيضان النهر سنة 1952م.، وتعود هذه المسكوكات إلى القرن الرابع عشر أي فترة حُكم السلطان «شعبان بن محمد بن قلاوون» وتظهر على بعضها شعاره الذي اعتمده فضلاً عن الكتابة التي لازمت المسكوكات التي ضُربت في عهده وهي «السلطان الملك الكامل سيف الدين والدنيا».
ليس مُتحف الجامعة الأميركيّة وحده من يضمّ مجموعات من مسكوكات ضرب طرابلس بل أيضا في المتحف الوطنيّ ومتحف مصرف لبنان عدد من المسكوكات الرومانية والإسلاميّة العربية والعثمانية عثر المنقبون عليها في مدينة طرابلس أو هي من ضرب طرابلس أصلاً..
ولا عجب في ذلك فطرابلس كانت مركزاً لضرب العملة في العهد الروماني، وسكّ الرومان قطعة برونزية وفضية مصدرها طرابلس وتحمل على وجهها مشهداً لحصنٍ منيع كان قائماً في طرابلس.
وكذلك الفاطميون فيما بعد ضربوا عملتهم في طرابلس، وصولاً إلى المماليك الذين حصروا حقّ ضرب العملة في 5 مدن وكانت طرابلس إحداها (وهي القاهرة والاسكندرية ودمشق وحماة وطرابلس الشام).
إنّ المسكوكات تعتبر مصدراً مهماً للباحثين في علم التاريخ والآثار، بل هي تختصر تاريخ الشعوب التي استخدمتها لما تحمله من رموز وشعارات تجسّد هوية السلطة الحاكمة، والمسكوكات تعتبر دليلاً أثرياً موثوقاً به لذلك تهتمّ الدول المتحضّرة في إنشاء المتاحف المتخصصة بالمسكوكات أو تخصيص قاعات في المتاحف العامة للمسكوكات حصراً كما هو الحال في فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وغيرها..
أما تركيا فلقد حوّلت مبنى الـ «ضرب خانة» في اسطنبول، المكان الذي كان العثمانيون يضربون فيه العملة، إلى متحفٍ للمسكوكات يختصر تاريخ السلاطين الذين حكموا السلطنة العثمانية.
وفي القاهرة تحوّل «دار الضرب» في قلعة صلاح الدين الأيوبي إلى متحف يضمّ المسكوكات الفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية.
وحريّ بالمسؤولين في لبنان نفض التاريخ وتأسيس متحف للمسكوكات في مدينة طرابلس لكونها كانت مركزاً تاريخياً لضرب المسكوكات، والتشبّه بسائر المدن الأخرى كاسطنبول والقاهرة ودمشق تلك المدن التي تنعم بحفظ ذاكرتها وتكريم تاريخها، لكن الحرمان أصاب كل مفاصل المدينة حتى حُرمت من جمع تاريخها، إنّ هذا المتحف يزيد من الإنماء الثقافي ليس لطرابلس وحدها بل للبنان بشكلٍ عام لكونها المدينة اللبنانية التي حظيت بدار ضرب العملة منذ عهد الرومان وصولاً إلى فتراتٍ قريبة من التاريخ.