عام >عام
جنبلاط متحالف مع واشنطن ومتمسك بعلاقته مع موسكو ولا يريد قطيعة مع "حزب الله"
الأحد 8 09 2019 18:36هتاف دهام
منذ حادثة قبرشمون، والوقائع تقاس من قبل القوى السياسية في الشوف وفق ميزان تحقيق المكاسب السياسية، علماً أنّ المتابعين لما جرى يرون أنّه من المبكر الحديث عن عناوين تتصل بالربح والخسارة، خصوصاً أنّ التطورات قد تقلب المعادلات.
يحظى جنبلاط باهتمام عربي وغربي بالغ المتابعة، والذي تظهّر إبّان حادثة الجبل بالرسالة الأميركية الداعمة لموقفه ودوره ومكانته في التوازنات الداخلية، بالتوازي مع زيارته مصر التي عاد منها بالأمس، وعلاقته القوية بروسيا مروراً بزيارة عدد من سفراء دول القرار كليمنصو عقب حادثة البساتين. فهذه العواصم فضلاً عن الرياض، تدخلت عملياً لمنع التضييق على "بيك المختارة" أو اللعب على وتر تحجيمه أو كسره، لا في الحكومة أو خارجها.
ثقافة العلاقة الجنبلاطية مع القناصل والسفراء الأجانب موروثة، مع فارق أنّ الشهيد كمال جنبلاط كان يتعاطى بندية مع الديبلوماسيين الذين كانوا يسمعون منه المواقف القاسية، في حين أنّ بعض القوى السياسية على خط 8 آذار تشكك بعلاقة "بيك المختارة" بالغرب منذ العام 2005، رغم حالة الخصوصية التي يمثلها والتي ليست طارئة، ويضعها في خانة الملحقة بمراكز القرار في بعض الدول الأجنبية لا سيّما الأميركية، مع إشارة المعنيين إلى اهتمام البيك على وجه التحديد، بأميركا وفرنسا وروسيا مصر والأردن والسعودية، علماً أنّ تواصل الزعيم الإشتراكي بالقيادات الروسية ثابت وراسخ وقائم على التشاور والتنسيق، خصوصاً مع عودة موسكو إلى الساحة الدولية كلاعب أساسي في حل أزمات المنطقة، لا سيّما السورية منها، والحفاظ على أمن الشرق الأوسط واستقراره.
وفيما يتوجه رئيس "التقدّمي الاشتراكي" إلى واشنطن أواخر تشرين الأوّل المقبل، حيث يقيم حفلاً تكريمياً للسفير الأميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان، بدت زيارته المصرية مدروسة في التوقيت في ظلّ المستجدات على خط إيران – دول الخليج، وإيران - الولايات المتحدة ربطاً بملفات الملاحة البحرية، والإتفاق النووي والصواريخ البالستية، وصفقة القرن (الرئيس دونالد ترامب يتجه إلى الإعلان عن رؤيته لخطة السلام في الشرق الأوسط في الأسابيع المقبل)، علماً أنّ جنبلاط المؤمن بدور مصر على الصعيد العربي، يتطلع إلى مساعيها على المستوى المحلي، إنطلاقاً من مواقفها الداعمة لاستقرار لبنان والحفاظ على التوازن بين أفرقائه.
لقد خرج جنبلاط من جولة قبرشمون منتصراً، إنطلاقاً من تسليم المعنيين بقواعد اللعبة التي حكمت الحل، (محكمة عسكرية – مجلس وزراء من دون مجلس عدلي، لقاء مصارحة ومصالحة في بعبدا - اجتماع بيت الدين الذي جمع رئيس الجمهورية بجنبلاط والنائب تيمور جنبلاط بحضور الوزير جبران باسيل)، فكلّ هذه المجريات وفق المطلعين، أكّدت أنّ البيك لا يزال رقماً صعباً في المعادلة الداخلية مدعوماً من حليفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري.
لدى جنبلاط قراءة بعد مصالحة قبرشمون وما سبقها من خلاف مع "حزب الله" على خلفية معمل عين دارة، تؤكّد الحرص على الحوار وقيام علاقات جيدة مع مختلف القوى السياسية المحلية. وفي هذا الإطار، يمكن وضع زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي لرئيس التيار الوطني الحر في اللقلوق مساء الجمعة في خانة إشاعة أجواء المصالحة في الجبل؛ ليبقى الأهم لقاء عين التينة الذي أتى بعد أحداث قبرشمون وبعد الإعتداء الإسرائيلي على لبنان وعملية المقاومة في مستوطنة افيفيم، لإعادة تنظيم العلاقة بين الحزبين على قاعدة ربط النزاع لجهة التعاون في القضايا الداخلية وفصلها عن القضايا الخارجية موضع الإشتباك.
وسط ما تقدم، تؤكّد مصادر مقربة من حزب الله لـ"لبنان24"، أنّ "بيك المختارة" لم يكن لمرّة واحدة مقتنعاً بجدوى القطيعة مع "حزب الله"، الذي لم يبخس الأخير قيمته وحجمه على الإطلاق، ومردّ ذلك الكثير من الحقائق والوقائع التي يدركها جنبلاط نفسه قبل سواه؛ ولعل أبرزها قانون الإنتخاب والترشيحات في الدوائر التي أخدت حيثيته بعين الإعتبار(الجنوب وبيروت). وبالتالي فإنّ صفحة المصالحة بين المختارة وحارة حريك ضرورية لرئيس الإشتراكي على مستوى الداخل، أسوة بعلاقته مع موسكو على المستوى الدولي، وقد يكون مرد ذلك إعادة تموضعه الإستراتيجي في المستقبل وعندها يمكن الحديث عن منطق الربح في المعارك السياسية.