عام >عام
من طرابلس إلى صيدا... ماذا حقق سعد الحريري؟
من طرابلس إلى صيدا... ماذا حقق سعد الحريري؟ ‎السبت 2 07 2016 10:46
من طرابلس إلى صيدا... ماذا حقق سعد الحريري؟
الرئيس سعد الحريري

ماهر الخطيب

على ضوء نتائج الإنتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة، كان أغلب المراقبين يتوقعون أن تكون إطلالات رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، خلال الإفطارات التي يقيمها تيار "المستقبل" في شهر رمضان، مفصلية على صعيد الأوضاع الداخلية، لا سيما بالنسبة إلى الأزمات التي يعاني منها التيار على أكثر من صعيد، بعد أن أعلن مسؤوليته عن كل ما حصل في المرحلة السابقة.
مع إقتراب هذا الشهر من نهايته، عاد هؤلاء المراقبين إلى السؤال عما حققه "الشيخ" من هذه الإطلالات، خصوصاً أنه لم يعمد خلالها إلا إلى توجيه سهامه إلى "حزب الله" والجمهورية الإسلامية في إيران، بالإضافة إلى دعوته وزير العدل المستقيل أشرف ريفي إلى أن "يحلّ" عنه، فهل تطابق حساب البيدر مع حساب الحقل؟
في هذا السياق، تعتبر مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن الحريري أراد إستعادة أغلبية جمهور "المستقبل" من الشخصيات التي كانت تزايد عليه في الفترة السابقة، لكن من دون أن يقصد أعطى الشرعية لما تقوم به من خطوات، حيث أثبت أن مواقف ريفي، على سبيل المثال، تعبّر عن حقيقة رؤية التيار، إلا أن وزير العدل المستقيل يذهب أكثر منه نحو التصعيد، بالإضافة إلى طموحه الخاص بالقيام بخطوات عملية، في حين أن "الشيخ" يفضل حصر ما يقوم به بالخطابات "الرنانة"، وتشير إلى أن البيئة المستهدفة لم تعد تستجيب لمجرد الكلام "الإنشائي" الذي لا يغني عن جوع، وهو ما تأكد من خلال منحها أصواتها في إنتخابات بلدية طرابلس إلى "اللواء" على حساب "الشيخ" وحلفائه.
بالنسبة إلى هذه المصادر، كان من الأفضل للحريري أن يعمد إلى مراجعة خطاباته أكثر قبل أن يخرج بها إلى جمهوره، فهو دفع ثمن المواقف نفسها، وبالتالي لا يمكن أن يعيد التجربة ذاتها من دون أن يتعلم من الأخطاء، وترى أنه لم يستطع أن يبدل من الواقع القائم، بل على العكس من ذلك ثبت المعادلة التي فرضها خصومه في البيت الداخلي، وتضيف: "كان من الأفضل له أن يفتح باب الحوار مع ريفي بدل أن يعلن الطلاق النهائي بينهما، خصوصاً أن الأخير بات الرقم الصعب في طرابلس، وهو يتطلع إلى التوسع نحو عكار والضنية".
بالتزامن مع هذا الواقع، تشير هذه المصادر إلى مؤتمر النائب خالد الضاهر الصحفي، الذي كان بمثابة محاكمة لنهج الحريري في السنوات الأخيرة، حيث دعا "الشيخ" إلى الإستقالة نتيجة الهزائم المتكررة التي تسبب بها على الساحة السياسية، وتؤكد بأن رئيس الحكومة السابق لم يكن مقنعاً على الإطلاق، ما يرجح إبتعاد جمهور "المستقبل" عنه أكثر، وتسأل: "ما الفائدة من خطاب مرتفع بوجه "حزب الله" مقابل الجلوس معه على طاولة الحوار الثنائي في عين التينة؟ ولماذا لم يتراجع عن تبني ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية في حال أراد المحاسبة وتصحيح الخلل السابق على مستوى القرار؟"
بالإنتقال إلى مدينة صيدا، ترى المصادر أن الحريري أعاد تكرار المواقف نفسها عن "سرايا المقاومة"، ضمن توجّه الهجوم على "حزب الله"، من دون أن يقدم لجمهوره جردة بما قام به "المستقبل" طوال السنوات السابقة، في حين كان من الممكن أن يأخذه الإرهابي الموقوف أحمد الأسير إلى ما لا يحمد عقباه، عبر الخطاب المتطرف الذي أغرق المدينة في فتنة مذهبية مع الجوار، وتشدد على أن هذا الجمهور كان ينتظر منه المشاريع العملية لا الوعود المستمرة منذ سنوات، والتي لم ينفذ منها شيء حتى الآن.
بالنسبة إلى مصادر قوى الثامن من آذار، ليس لديها من تعليق على مواقف الحريري الرمضانية، فهو يكرر ما كان يقوله دائماً في الفترات السابقة، كما أنها غير معنيّة بأزمته الداخلية، بل على العكس من ذلك تعتبر أنه يريد التصعيد من أجل الكسب الشعبي، بدل المساعدة على لملمة الوضع في البلاد، في وقت تزداد فيه التهديدات الأمنية يوماً بعد آخر، وتسأل: "الا يعرف "الشيخ" ما يجري على أرض الواقع، ولماذا لا يطّلع على بيانات الأجهزة الأمنية حول الخلايا الأمنية التي يتم توقيفها في مختلف المناطق بشكل دوري؟"
وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن البعض داخل قوى الثامن من آذار يرى وجود مصلحة في دعم رئيس الحكومة السابق في هذه المرحلة، لكنها تشدد على أن لا فائدة من هذا الأمر، خصوصاً أن الحريري لا يختلف عن غيره من الشخصيات التي يقال أنها "صداميّة"، لا بل تعتبر أن أمثال ريفي أفضل منه لأنهم واضحون ويعرفون ماذا يريدون، وتضيف: "بحال كان راغباً في الحفاظ على لبنان عليه أن يضع مصلحة البلد أولاً كما يدعي لا أن يستمر في التصعيد، الذي قد تكون له نتائج كارثية على الإستقرار".
في المحصلة، لم يأت الحريري بجديد خلال إفطارات رمضان، بل على العكس هو لم يرض لا الحلفاء ولا الخصوم، وكرر ما كان يقوله في السابق، فهل سيكون مؤتمر "المستقبل" المنتظر على هذا المنوال؟