عام >عام
البطريرك الراعي متوجها الى السياسيين في افتتاح دورة الاساقفة الكاثوليك: لا يحق لكم رهن مصير الدولة بمصلحة شخص او فئة
الاثنين 11 11 2019 11:07جنوبيات
افتتح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي صباح اليوم في بكركي دورة مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان العادية ال 53.
وبعد الصلاة، القى كلمة قال فيها: "1. نوجه الشكر لله الذي يجمعنا على خير لنتناول معا موضوع: "الكنيسة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعيّ والرقميّ"، والشؤون الإدارية المختصة بمجلسنا. وبكل ألم نستحضر معنا أرواح الذين من أعضاء المجلس غادروا إلى بيت الآب، وهم تباعا:
المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده في 2 أيار الماضي، والمثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير في 12 أيار، والمثلث الرحمة المطران كميل زيدان، رئيس الهيئة التنفيذية في 21 تشرين الأول. نصلي الآن الأبانا والسلام لراحة نفوسهم.
2. ويسعدنا أن نشكر أعضاء المجلس الذين أنهوا خدمتهم، وأن نرحب بالأعضاء الجدد الذين ينضمون إلى المجلس، بأنواعٍ مختلفة.
نرحب بالذين ينضمون إلى المجلس المطران أنطوان عوكر، معاون ونائب بطريركي في بكركي. المطران بيتر كرم، معاون ونائب بطريركي في بكركي.
الأب مارون مبارك، الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة. الأرشمنديت شربل معلوف، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الشويرية.
الأرشمنديت الياس خوضري، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الحلبية. الأب مروان سيدي، الرئيس العام لجمعية الآباء البولسيين. الأم برناديت رحيم، الرئيسة العامة لجمعية راهبات القلبين الأقدسين ليسوع ومريم (عضو في مكتب رابطة الرهبانيات النسائية في لبنان).
الأم نيكول حرو ، الرئيسة العامة لراهبات سيدة المعونة الدائمة المرسلات (عضو في مكتب رابطة الرهبانيات النسائية في لبنان).الأم لوريس عبيد، الرئيسة الإقليمية لراهبات المحبة للقديس فانسان دي بول، خادمات الفقراء (عضو في مكتب رابطة الرهبانيات النسائية في لبنان). الأم سهيلة بو سمرا، الرئيسة الإقليمية لأخوات الراعي الصالح (عضو في مكتب رابطة الرهبانيات النسائية في لبنان). ونشكر الذين أنهوا خدمتهم في المجلس المطران يوحنا رفيق الورشا المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الماروني الحبري في روما. المطران يوحنا جهاد بطاح، مطران دمشق للسريان الكاثوليك.
3. تتزامن دورتنا هذه السنة مع مستجداتٍ جذريةٍ على مستوى شباب لبنان وشعبه الذين انتفضوا، بعد طول صمتٍ، وربما لإحباطٍ أو إهمال، إنتفاضة تاريخية، تجاوزوا فيها الانتماء الطائفي والمذهبي والحزبي، واصطفوا تحت راية الوطن، وها هم في يومهم السادس والعشرين. وهكذا بينوا للجميع أن الانتماء بالمواطنة يفوق كل انتماء آخر، وعادوا بنا، بعد مئة سنةٍ، إلى القاعدة الأساسية التي قام عليها النظام اللبناني وهي الانتماء بالمواطنة لا الانتماء بالدين. فكان لبنان إستثناء لجميع البلدان المحيطة ونموذجا. ويتناول موضوع دورتنا لغة شباب اليوم، وهي "وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي"، بكل تقنياتها الجديدة. إننا ككنيسة مدعوون لنخاطب أجيالنا الجديدة الطالعة بلغتها هذه التي هي اليوم الأريوباغس الجديد، والمنبر الجديد، والمذبح الجديد.
4. بهذه اللغة تحتضن الكنيسة شبابها، تخاطبهم، تصغي إليهم، تحاورهم، تستمع إلى همومهم، تقدر رأيهم؛ فعليهم، كما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني، "تعول الكنيسة لإعطاء الحياة الكنسية والحياة الاجتماعية إنطلاقة جديدة" (رجاء جديد للبنان، 51). فلا بد من تهيئة كوادرهم لهذه الغاية. بواسطة وسائل التواصل الرقمي هذه "تنقل الكنيسة إليهم وإلى جميع الناس الحقيقة، أساس كل كرامةٍ بشريةٍ، وتنشر معها القيم الروحية والخلقية التي تتيح لكل واحدٍ وواحدةٍ منهم أن يتصرف يوميا باستقامة، وينمي شخصيته في مختلف أبعادها" (المرجع نفسه، عدد 111). على هذه الأسس ينبغي بناء كوادر المستقبل. لقد قال الشباب والشعب كلمتهم بشكلٍ حضاريٍ وبصوتٍ واحدٍ: إنهم فقدوا الثقة بالقادة السياسيين، ويريدون وجوها نظيفة معروفة بأخلاقيتها وقدراتها وكفاءاتها وإنجازاتها، لإخراج البلاد من أزمتها الإقتصادية والمالية المنذرة بالانهيار. طالبوا بحكومةٍ حياديةٍ متحررةٍ من السياسيين والأحزاب، لكي تستطيع إجراء ما يلزم من إصلاحاتٍ في الهيكليات والبنى، ومكافحة الفساد وضبط المال العام. ومن المؤسف جدا أن هناك من لا يعنيه صوت الشباب والشعب وانهيار الدولة فيعرقل مسيرة النهوض لأهدافٍ وأغراضٍ ومكاسب خاصةٍ. فنقول لهم بإسم الشباب والشعب: لا يحق على الإطلاق رهن مصير الدولة، بكيانها وشعبها ومقدراتها، لمصلحة شخصٍ أو فئة، مهما توهموا أنهم أقوياء وراسخون. فلا أحد أقوى من الشعب وشبابه ليزدري بهما.
5. مئات الألوف من الشباب يهيئون مستقبلهم على مقاعد مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا الفنية. إنهم جزءٌ من أسرنا التربوية. فينبغي أن يشعروا بدفء محبة الكنيسة وعنايتها بهم، وهمها بواقعهم ومستقبلهم في الوطن اللبناني الذي من أجله يناضلون في هذه الأيام. فلتبق الكنيسة من خلال مؤسساتها ملاذهم، لكي يلجأوا إليها كأمٍ حنون. أظهرت بالأرقام في رسالتي الراعوية العامة: "خدمة المحبة الاجتماعية" (25 آذار 2017) مدى اهتمام الكنيسة بأبنائها وبناتها. واليوم بالرغم من الضائقة الاقتصادية والمالية الخانقة، تجد الكنيسة نفسها أمام واجب إذكاء شعلة الرجاء في قلوبهم بالمزيد من احتضانهم ومساعدتهم من خلال مؤسساتها التربوية والصحية والاجتماعية، ومنظماتها الاجتماعية، ولاسيما رابطة كاريتاس لبنان التي هي الجهاز الراعوي- الاجتماعي الرسمي للكنيسة في لبنان. وإذ ندرك ما تمر به المدارس والجامعات من صعوباتٍ ماليةٍ بسبب فقر شعبنا، فإنها مدعوةٌ لترشيد الإنفاق والابتعاد عما هو كمالي، ولو كان ضروريا، ولتجميد الأقساط هذه السنة، ومطالبة الدولة بدعم الأهالي في تحمل جزءٍ من الأقساط صونا لحرية التعليم. إننا نقدر كل التقدير حجم المساعدات المالية التي تقدمها مؤسساتنا الكنسية على هذا الصعيد.
6. في إطار موضوع التواصل، الذي يشكل الوسيلة الفعالة للتواصل مع الأجيال الرقمية، ترانا ككنائس، ذات تراثاتٍ مختلفة، نؤلف جسدا واحدا متنوع الأعضاء والمواهب والخدم. فبمقدار ما نعيش التواصل فيما بيننا، نستطيع أن نتواصل مع أبناء كنائسنا وبناتها عامة، ومع الشباب المعاصر على اختلاف دينه وثقافته وانتمائه ولونه. عندما نقول تواصلا إنما نعني أيضا "شركة" مع الآخر و"انفتاحا" عليه، وبالتالي مشاركة وتقاسما للتراث والقيم المشتركة. هذا هو في آن غنى تقنيات التواصل الاجتماعي، والتحدي الناتج عنها، والكنيسة مدعوةٌ لاستثمار هذا الغنى، ولرفع هذا التحدي. نأمل من خلال المداخلات والنقاشات أن نتوصل إلى رسم خطةٍ تعتمدها الكنيسة في "راعوية وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي". إنا لهذه الغاية نضع أعمال دورتنا تحت أنوار الروح القدس، وشفاعة أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان، وكرسي الحكمة".