أمن وقضائيات >أمن وقضائيات
فعلها فايز كرم: حسن عليق «مجرم»
فعلها فايز كرم: حسن عليق «مجرم» ‎الخميس 14 07 2016 12:22
فعلها فايز كرم: حسن عليق «مجرم»

لينا فخر الدين

ما كان يُعتبر منذ سنوات قليلة مسّاً بالخطوط الحمراء، صار اليوم عادياً ويحتمل النقاش. التّعامل مع العدوّ مثالاً.
لم يعد هناك من يَخجل. البعض فعلاً يجاهرون بالدّفاع عن العملاء. أولئك الذين يرتدون «الروب الأسود» عندما يدخلون إلى قاعة المحكمة، يبررون وقوفهم أمام القوس باعتباره مهنة. فيما الكثيرون يقفون في الخارج. يقدّمون مرافعات يوميّة. يتّهمون مرّة القضاة، ومرّةً يزجّون بـ «فرع المعلومات» في «بيت اليك»، ومرّات كثيرة يضعون الأمر في خانة المؤامرة في سبيل «الستة وستة مكرّر». طارق الربعة مثالاً.
لا وجود لمن يعتذر. هناك من يتغنّى بوقوفه في وجه العدوّ، وما أن يشعر أنّ «السكين» وصلت إلى الرقبة، حتى ينسى أين تقع فلسطين المحتلة. يشرح، يدافع وما يلبث أن يلوذ بالصّمت. أمّا مرادفات الاعتذار فهي بحاجة إلى قاموس غير متوفّر في السوق السياسيّة حالياً. فايز كرم وأصدقاؤه مثالاً.
لم يعد هناك من رادع. كيف يرتدع العملاء طالما أنّ أبواب السّجون غير محكمة الإقفال؟ خُفّض حكم فايز كرم من 3 سنوات إلى سنتين. أخلي سبيل أديب العلم من دون أن يكمل حكمه بالسّجن 15 عاماً منذ تاريخ توقيفه في العام 2009، وقبله «عميل الألفا» شربل القزي وذلك قبل انقضاء نصف مدّة محكوميّته.
ربّما أضحى العقاب الاجتماعيّ أجدى من «عدالة الميزان». هذه العدالة التي قرّرت بالأمس أن تكون فريدة وعجيبة في آن، حينما قرّرت أن يكون مصير صحافيّ هو مصير العملاء أنفسهم. مشهد سوريالي: حسن عليق وفايز كرم يتقاسمان الزنزانة نفسها.
قد لا يكون المشهد صعب المنال. إذ لم يعد هناك ما يصدم. كلّ شيء يكاد يتحوّل إلى حقيقة. الحقيقة بأن يقتل وسام بليق. مواطنٌ عاديٌ يصدف أنّه كان يمرّ إلى جانب مسلّح قرّر أن يطلق النّار. الأسباب ليست مهمّة، فالموت واحد. المرأة صارت أرملة وأولاده أصبحوا يتامى. يهرب القاتل ومن دون خجل يظهر على «يوتيوب» متحدياً الدولة وأجهزتها وكلّ من يتكلّم فيها. الدّولة، لم تهتزّ لها شعرة واحدة.
تصبح الهيبة مقدّسة حينما يتعلّق الأمر بالعملاء. يستنفر المعنيون حينما تجد الرقابة منشوراً على «فايسبوك». هذه الصفحات التي تراقَب تماماً كما تُراقب الحدود الجرديّة، وربّما أكثر.
يُستفزّ فايز كرم بعد أن يرى بأمّ عينه صحافياً يطالب بقتل العملاء. يتحسّس رقبته على اعتبار أنّه عميل، وهذه الجملة هي من الكبائر.
من لجأ إلى القضاء سابقاً مدّعياً على بعض وسائل الإعلام بجرم القدح والذمّ لأنّهم دلّلوا بإصبعهم على «المحكوم بتهمة التّعامل»، لن يصعب عليه أن يذهب إلى أبعد من ذلك. هو الذي يؤمن مرة بالقضاء ومرةً يكفر به.
يحوَّل الملفّ بسرعة البرق. وجهتا نظر النيابة العامّة وفايز كرم متطابقتان: فمنشور عليق هو جناية. لم تحوّل النيابة العامّة الملفّ إلى محكمة المطبوعات، تماماً كما لم تقتنع بأنّها جنحة.
هكذا لم تسترح الدّعوى في الأدراج سنوات، كزميلاتها من الدعاوى، طالما أنّ هناك صوراً وأدلّة تدين «القاتل حسن عليق».
وبأقلّ من سنة ونصف السنة، ينتصر العميل ومن دون أن يتبلّغ حسن عليق المعروف محلّ السكن والإقامة بموعد الجلسة، ليُصدر قاضي التحقيق في بيروت حكماً غيابياً بسجنه.
من المؤكّد أنّ ما استفزّ كرم ليس الخطأ، وفق توصيف العديد من المتابعين، الذي ارتكبه الزميل في جريدة «الأخبار» بالدعوة للقتل. جلّ ما أراده: الانتصار لنفسه طمعاً بمنصب نيابي أو وزاري أو حزبي!
فعلاً، لم يعد هناك ما يفاجئ: حسن عليق صار فاراً من وجه العدالة، وفايز كرم في الخارج يقهقه: «كاسك»!

المصدر : السفير