ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
"هيومن رايتس ووتش" واللقاحات: تهميش اللاجئين والعمال الأجانب
الأربعاء 7 04 2021 09:45حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أنّ "برنامج الحكومة اللبنانية للتلقيح ضد فيروس كورونا قد يستثني الفئات المهمّشة، بما فيها اللاجئين والعمال المهاجرين، الذين يشكلون ثلث عدد سكان البلاد". ولفتت المنظمة في تقرير صادر عنها إلى أن الحكومة اللبنانية وعدت ببرنامج عادل للتطعيم، لكنّ "حملة التلقيح تسير ببطء جراء محدودية وصول اللقاحات، ويتسم تنفيذها بالتدخل السياسي وغياب المعلومات". وفي هذا الإطار قالت باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين لدى المنظمة، نادية هاردمان، إنّ "واحداً من كل ثلاثة أشخاص في لبنان هو لاجئ أو مهاجر، ما يعني أن ثلث السكان معرضون لخطر الاستثناء من خطة التلقيح". كما دعت الدولة اللبنانية إلى "الاستثمار في الوصول الهادف لبناء الثقة لدى فئات طالما هُمّشت، وإلا باءت جهود التلقيح ضد كورونا بالفشل".
وفيات ولقاحات اللاجئين
وجاء في تقرير "هيومن رايتس ووتش" أنّ "بيانات الأمم المتحدة تظهر معدل وفيات اللاجئين السوريين والفلسطينيين جراء كورونا البالغ أربعة وثلاثة أضعاف المعدل الوطني على التوالي"، مضيفةً أنه على "منصة التسجيل والمتابعة الحكومية على الإنترنت لتلقي لقاح كورونا 2.86% فقط من الذين تلقوا اللقاح، و5.36% من المسجلين لتلقيه، هم غير لبنانيين، رغم أنهم يشكلون 30% من السكان على الأقل". وحسب الأرقام التي قدّمتها المنظمة، فإنّه "حتى 5 نيسان تم إعطاء اللقاح لـ3,638 فلسطينياً و1,159 سورياً فقط، علماً أن 19,962 لاجئاً وموظفاً طبياً فلسطينيين و6,701 من اللاجئين السوريين مؤهلون للحصول على اللقاح في المرحلة الأولى من الحملة".
تجهيل اللاجئين
ولفتت المنظمة إلى أنه "بالإضافة إلى مشاكل تأمين اللقاحات وتوزيعها العادل، لم تقدم الحكومة اللبنانية معلومات دقيقة وحديثة لللاجئين السوريين والفلسطينيين، أو العمال المهاجرين، حول اللقاح وكيفية التسجيل للحصول عليه، وتطمينهم أن أعمال التلقيح ستكون محمية من نشاطات إنفاذ قوانين الهجرة". فلم يتسجّل أي من اللاجئين السوريين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش على المنصة الإلكترونية، ومنهم من لم يعلم بوجود المنصة أساساً ومنهم من لم يعلموا بحقهم بالتسجيل "معتقدين أنه متاح للمواطنين اللبنانيين فقط". كما "سمع بعضهم شائعات بأنّ عليهم دفع ثمن اللقاح". كما "عبّر معظمهم عن مخاوفهم من تبعات التسجيل على تطبيق تديره الحكومة، مما قد يؤدي إلى توقيفهم أو احتجازهم أو ترحيلهم لافتقارهم إلى الإقامة القانونية". أما انعدام ثقة اللاجئين الفلسطينيين بالحكومة اللبنانية فـ"متجذر لدرجة أنهم قالوا إنهم حتى لو سجلوا فإنهم لن يحصلوا على اللقاح أو سيضطرون إلى دفع مبالغ لا يمكنهم تحملها". أما بالنسبة للعاملين المهاجرين، "فهم لا يملكون أي معلومات حول اللقاحات أو عبروا عن عدم ثقتهم بالسلطات اللبنانية".
تقصير حكومي
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى تقصير الحكومة اللبنانية على مستوى لقاحات كورونا إذ أنّ "وزارة الصحة كانت قد قالت إنها تهدف إلى تلقيح 80% من السكان قبل نهاية 2021، وإن خطة التلقيح الوطنية تشمل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن جنسياتهم، غير أن الحكومة أعلنت نيتها حتى الآن شراء 7 ملايين جرعة فقط، أي ما يكفي نصف السكان تقريباً". وأكدت المنظمة أنّ الخطة "تتّسم بالبطء، إذ تم إعطاء 233,934 جرعة فقط حتى 5 نيسان، ويعود الأمر أساساً إلى محدودية كمية اللقاحات المتاحة". وتلقى لبنان حتى الآن تقريباً 300 ألف جرعة لقاح "فايزر"، وفي آذار تلقى 33,600 جرعة "أسترازينيكا" عبر إئتلاف "كوفاكس"، وهو نظام المشتريات العالمي الذي يهدف إلى تقديم جرعات إلى الحكومات المنخفضة الدخل تكفي 20% من سكانها قبل نهاية 2021. واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أنّ الثقة بالخطة الحكومية "ضُربت أكثر بعد فضيحة تلقي بعض السياسيين اللقاح، من دون انتظار دورهم، سراً في البرلمان"، مع تهديد ممثل البنك الدولي الذي يموّل معظم حملة التلقيح بالتعامل بشكل مناسب مع "أي انتهاك لمعايير تلقيح الفئات حسب الأولوية".
تباين المواقف الرسمية
وتباينت تصريحات السلطات اللبنانية حول تضمين العمال المهاجرين بحملة التلقيح، إذ "صرّحت اللجنة الوطنية لكورونا المسؤولة عن وضع الخطة، أن كل شخص في لبنان يمكنه التسجيل بغض النظر عن جنسيته، قالت وزارة الصحة إنها لا تملك التمويل الكافي لتوفير اللقاح للعمال المهاجرين". كما قالت وزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال لمياء يمين لـ"هيومن رايتس ووتش" إن "في لبنان حوالى 500 ألف عامل مهاجر مسجّل وتقدّر أنّ عدداً أكبر من العمال الذين ليس لديهم وثائق". كما أكدت "منظمة الهجرة الدولية" أنها "تبحث في طرق لدعم توزيع اللقاح لضمان وصوله إلى المهاجرين، بما في ذلك شراء جرعات إضافية".
حلول مطلوبة
وأضاف التقرير أنّ مكتب منظمة الهجرة الدولية في لبنان أوصى في رسالة إلى "هيومن رايتس ووتش" بضرورة أن "تقدم الحكومة حلولاً لإزالة بعض العوائق الرئيسية التي تواجه بعض فئات المهاجرين: بما في ذلك الإدارية أو القانونية (على سبيل المثال، الوثائق التي تثبت أماكن إقامتهم وتصاريح العمل وبطاقات الهوية"...)؛ والمالية (كالتكاليف المرتفعة المطلوبة أحيانا للوصول إلى الخدمات الصحية)؛ والثقافية والإعلامية (مثل استخدام قنوات التواصل واللغات غير المناسب اعتمادها مع المهاجرين) لإيصال المعلومات حول ملف الصحة العامة إليهم".
توصيات للتوعية
واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أنه على السلطات اللبنانية "تعزيز الثقة في اللقاحات والخطة الوطنية المتّبعة من خلال توفير معلومات يسهل الوصول إليها حول اللقاحات وكيفية التسجيل لها، وطمأنة اللاجئين والعمال المهاجرين بأنه لن يتم بأي حال من الأحوال استخدام معلوماتهم لاستهدافهم بالاعتقال أو الترحيل حاضراً أو مستقبلاً وأنهم لن يضطروا لدفع ثمن اللقاح".
وأكدت أنه لتسهيل حصول العمال من المهاجرين واللاجئين غير المسجلين وممن ليس لديهم وثائق ثبوتية على اللقاح، "على السلطات التشاور مع أفراد المجتمع لتحديد طرق أخرى يمكنهم من خلالها تأكيد هويتهم، قد يشمل ذلك السماح للشهود بإثبات هوية الشخص أو توقيعه على إفادة تشهد بهويته وأهليته".