فلسطينيات >داخل فلسطين
منع اختطاف منظمة التحرير
منع اختطاف منظمة التحرير ‎الخميس 22 04 2021 12:26
منع اختطاف منظمة التحرير

فتحي البس

أنشأت اتفاقية سايكس بيكو كيانات تحولت إلى دول وأوطان بحدودٍ ودساتير وأعلام وأناشيد وطنية ومواطنين يفدونها بكل غالٍ ونفيس، إلا فلسطين، فقد شطبت من الخارطة الطبيعية والجغرافية السياسية، وكأن ذلك كان ثمناً لاستقلال الكيانات الوطنية الأخرى، علماً أن الفلسطينيين منذ بداية الصراع أنشأوا مؤسسات وعقدوا مؤتمرات وشاركوا في أخرى ليتمكنوا من أخذ قضيتهم بيدهم. تكالبت الدنيا عليهم، وهم الشعب المظلوم. الغوص في التفاصيل متعب وينكأ الجراح، لكن في عجالة سأتوقف أمام منظمة التحرير ودورها ومحاولة السيطرة عليها منذ نشأتها، ومحاولة اختطافها هذه الأيام، فهي للبعض ليست أكثر من ورقة، لبعض الدول لتحقيق أهدافها، ولبعض التنظيمات والقوى لتحقيق الاعتراف بها لعلها تطمئِن على مصيرها حتى لو لم يتحقق دحر الاحتلال، مع علمها أنها تحظى بدعم دول خارجية قلبها مع إسرائيل لأنها تظن أنها الحامية والمدخل إلى قلب وعقل الولايات المتحدة الأميركية.

بعد أن أنهت الجامعة العربية دور الهيئة العربية العليا وحكومة عموم فلسطين اللتين حظيتا بدعم بعض العرب ورفض الآخر، رغم أنها باعترافهم أصدرت جوازات سفر وشهادات ميلاد وتواجد ممثلون لها في بعض لجان الأمم المتحدة، وحاول أعضاؤها تكريس فلسطين على الخارطة وإبقاء شعلة الصراع متقدة، فشطبتها الدول العربية بجرة قلم، وتقاسمت الجغرافيا والشعب الفلسطيني كأدوات إعمار وتنمية دون حقوقهم الوطنية المستقلة وأولها حق تقرير المصير، وحافظوا إلى حين على وجود أحمد حلمي عبد الباقي ممثلاً للفلسطينيين في الجامعة العربية كذر للرماد في العيون إلى أن توفاه الله، فحل محله أحمد الشقيري. وفي يناير/كانون الثاني 1964 اتخذ مؤتمر القمة العربي الأول قراراً بتكليفه – بوصفه ممثلاً للشعب الفلسطيني- بإجراء اتصالات مع أبناء الشعب الفلسطيني وكتابة تقرير عن ذلك يقدم لمؤتمر القمة العربي التالي، فعاد إليهم بتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، بمجلس وطني وميثاق ومشروع تأسيس جيش التحرير الفلسطيني. لم تتوقع دول كثيرة مثل هذا التحول وبهذه السرعة، فبدأ كثيرٌ منها وضع خطط السيطرة على المنظمة لتكون ورقة وليس مشروع تحرير. أنقذها من هذا المصير انطلاق الثورة الفلسطينية بقيادة فتح واستلامها لدفتها وتحويلها بحق إلى وطنٍ وهوية جامعة، وانتزعت بالدم التمثيل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني على طريق التحرير ودحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، إلى أن وصلت الآن إلى عودة فلسطين إلى الخارطة الطبيعية والسياسية، باعتراف الأمم المتحدة وأكثر من مئة دولة عربية وأجنبية، بعد أن أفشلت استحواذ الآخرين عليها، وهزمت محاولة إسرائيل القضاء عليها، وها هي الآن، ما زالت مهوى القلوب وموضع الأمل رغم ما اعتراها من مظاهر ضعف ووهن، وأحياناً الخلط الصعب بينها وبين السلطة الوطنية ، دون أن تتخلى دول عدة في الإقليم عن أهدافها بالسيطرة عليها وفرض الإذعان لمخططاتها.

بحجة الإصلاح، وهو مطلب مشروع، تشن على منظمة التحرير حربٌ ناعمة، أخطر من الحرب القاسية العسكرية، تشوه قيادتها وفصائلها، بمئات الفضائيات ووسائل الإعلام ، وبالإشاعات والتشويه واستغلال الأوضاع الصعبة بالمال السياسي، وتعميق حالة الإحباط، يحاولون الانقضاض عليها ودفع مصيرها للمجهول إن نجحت قوى مشروعة وغير مشروعة في كسر شوكة فصائل منظمة التحرير وعمودها الفقري حركة فتح في الانتخابات المقبلة، فهي ليست مجرد انتخابات، إنها ساحة صراع حقيقي.

على أبناء وأنصار المشروع الوطني الفلسطيني ألا يستندوا إلى تاريخٍ مضيء ولا جماهيرية غير محسوبة فقط، بل وأن يعملوا بجد وليل نهار ودون شعبوية أو مهاترات، ويفشلوا سيطرة قوى تتحالف خلف الستار، بحسن نية أو سوء تقدير ونية، وأن يعلنوا دون خوف أنهم سيكونون هم رافعة الإصلاح وتصليب الدور ورأس حربة هزيمة العدو ودحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.