أمن وقضائيات >أمن وقضائيات
المناكفات القضائية وخطورة المرحلة - وفاء ناصر
المناكفات القضائية وخطورة المرحلة - وفاء ناصر ‎الجمعة 23 04 2021 20:01
المناكفات القضائية وخطورة المرحلة - وفاء ناصر

وفاء ناصر

متسلحة بحق الشعب حاملة لواء العدالة وناذرة نفسها لاستعادة حقوق الوطن، قضّت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون مضاجع بعض النافذين من خلال إقدامها على فتح باب المغارة واكتشافها لغز تهريب الأموال إلى الخارج. وتحولت بين ليلة وضحاها من مجرد قاضية إلى محاربة بطلة علّق عليها المنهوبون آمالهم.

لماذا تمسكت القاضية بهذا الملف رغم ان طبيعته مالية؟


أمسكت عون بملفات دسمة، ادعت فيها ثم حُوِّلت إلى القضاة المختصين وفقا للاختصاص الوظيفي. ورغم طبيعة هذا الملف المالي الا انها أصرت على إنهاء تحقيقها فيه. 

فإثر الأزمة المالية الحادة التي يمر بها لبنان وأثرها الاجتماعي السيء واشتباه القاضية عون بأن شركة مكتف هي المسؤولة عن تهريب الأموال، قررت ابنة القضاء ان تحكم باسم الشعب لمصلحة الشعب وبتأييد شعبي ميداني وافتراضي على حد سواء كي يعود الحق (الأموال) لأصحابه من الشعب المنهوب، لا ارضاء للفاسدين النافذين الذين تحصنوا بأحزابهم وعلاقاتهم السياسية. اذًا انطلاقا من انها تمثل الحق العام وتحرك الادعاء فيه تجرأت على تخطي الإجراءات القانونية ضاربة عرض الحائط مسيرتها المهنية فقط لان قراراتها وأحكامها تنطق باسم الشعب اللبناني.

المناكفات القضائية والاصطفافات السياسية:

من المسلمات اللبنانية ان أخطبوط السياسة دس سمه في كل المرافق والمؤسسات. واللبنانيون بغالبيتهم العظمى أيدوا في مشوار حياتهم- وربما استمروا يؤيدون- خطا سياسيا ما يتوافق مع ميولهم وطموحاتهم دون أن ينتسبوا إليه بالضرورة، والجسم القضائي ليس معفيا منها.
لا عتب ان يؤيد القاضي حزبا ما لكن الطامة تكمن حين يسمح له بالتحكم بقراراته واحكامه. وانقسام الشارع بين مؤيد لعون ومعارض لها كشف انزلاق القضاء في المتاهات السياسية وأسقط على الجسم القضائي التبعية المشروطة. فهزّ هذا الكيان بعدما كان ملاذ المواطنين الأمثل. 

وتداركا للكارثة تقرر حصر الخلافات في مكانها المناسب. ويبدو أن استراحة المحاربة غادة عون في جلسة مجلس القضاء الاعلى أنتجت مكاشفة قانونية لمغايرات ارتكبها النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. فبعدما اقدم على سحب الملف منه وأحاله إلى محام عام في نفس النيابة التي ترأسها، إدعت بدورها على عويدات لمخالفته قانون أصول عمل النيابات العامة. وباءت محاولاته بالفشل. الملف ان الانقسام انسحب على المؤسسات الامنية برغبة سياسية، فاستخدام القوة الضاربة قابله حماية ومواكبة من الحرس الجمهوري.

 صلابة الموقف رغم التعرض بالشخصي:


 أظهرت النمطية الفاشينيستية التي تغزو المجتمع أن تأثيرها لا يقتصر على الشكل الخارجي بل يخترق العقول ويغزوها بالتفاهة. فشعرها المتروك على طبيعته وثيابها العملية التي تليق بعمرها وشخصيتها المتزنة القوية كانت سببا في تعرضها لانتقادات هشة على قياس مطلقيها. غير ان اسلوب التنمر لا يسري على الشخصيات المتزنة الصلبة ولا على المحاربات الواثقات من انفسهن ولا على من يتمتعن بمناقبية مهنية عالية.

فرغم التعرض لشخصها من جهة ومحاولة تسييس تحركها من جهة ثانية استكملت مهمتها. وكما دخلت الشركة رغم انوف الجميع أخرجت الداتا التي تريدها على وقع تصفيق المؤيدين والمشجعين.

يرى البعض ان ما يحصل ما هو إلا عراضة إعلامية وعرض عضلات سياسية. وأن العشاء الذي جمع بين البطريرك الراعي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ما هو إلا بداية التسويات السياسية التي سترمي بثقلها على طاولة القضاء.

فماذا ينتظرنا؟ وهل تخيب آمال اللبنانيين ام ترتقي إلى مستوى استعادة الأموال المنهوبة لاحقا؟

المصدر : جنوبيات