بأقلامهم >بأقلامهم
شعب الجبارين والحضن العربي
بقلم غازي العريضي*
منذ بداية شهر رمضان المبارك والمستوطنون الإرهابيون الاسرائيليون يدنّسون أرض المسجد الأقصى، يستفزّون مشاعر المؤمنين المصلين. عطّلوا بالقوة مكبّرات الصوت في مآذن المسجد الخارجية. ساندتهم قوات نظامية من جيش الاحتلال والإرهاب بكسر أقفال الأبواب وقطع أسلاك المآذن في الداخل زاعمين أنهم يريدون " عدم إزعاج المراسم الرسمية لإحياء ذكرى الجنود الاسرائيليين الذين سقطوا في الحروب، والتي أقيمت في ساحة المبكى (البراق)". ولذلك ينبغي عدم سماع أصوات التراويح والآذان!! واندفع مستوطنون في ساحات القدس يطلقون هتافات: "الموت للعرب". ومارسوا اعتداءات بشعة ضد الفلسطينيين في محيط البلدة القديمة. ودعت منظمة "لاهافا" العنصرية الى "استعادة الكرامة اليهودية"!! وهي تصرّ على منع الفتيات اليهوديات من الارتباط بغير اليهود، ومنع تشغيل العرب في المصالح التي يديرها اليهود وتدعو الى مهاجمة المقدسيين بالأسلحة وقتلهم وترهيبهم!!
وفي باب العمود اندلعت مواجهة عنيفة بين المجاهدين الفلسطينيين المدافعين عن أرضهم ومقدساتهم وحقوقهم وبين المحتلين المغتصبين الارهابيين الاسرائيليين. خرج الفلسطينيون بموقف واحد وصوت واحد وكلمة واحدة. القدس أرضنا. الأقصى مسجدنا. ملجأنا. ملاذنا. كرامتنا. إيماننا. ولن نتخلى عنه. لن ندع الإرهابيين يدنّسوه. المقدسيون أذّنوا في الشوارع. أوصولوا أصواتهم الى كل العالم. حرّكوا الدنيا بأصوتهم المرفوع، وزنودهم المرفوعة، وحناجرهم القوية، وإرادتهم الصلبة على مدى أيام والحدث في القدس " لن يمنعنا أحد من الصلاة. والآذان. والإيمان. والتمسك بالأرض والعرض والح "!!
خطيب الأقصى عكرمة صبري منعه الاحتلال من السفر فقال: "نحن مرابطون في فلسطين. لن نغادرها أصلاً. ونقول للاحتلال: "هذه القرارات لن تفتّ في عضدنا ولن تضعف من عزيمتنا. مواقفنا إيمانية ثابتة لأننا اصحاب حق شرعي في هذه الديار"!!
في الشيخ جراّح أرادوا تهجير الناس بالتشكيك بملكيتهم. جاء وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي الى رام الله حاملاً الوثائق التاريخية الى رئيس السلطة الفلسطينية التي تثبت ملكية الفلسطينيين لمنازلهم وتسقط مزاعم الاحتلال. وهنا معركة ثانية ضد الفلسطينيين في سياق الحرب الكبرى التي يشنها الاحتلال ويريد طردهم من أرضهم وتكريس القدس عاصمة نقية أبدية موحدة لليهود وللدولة اليهودية !! رفضت الخارجية الأردنية الممارسات الاسرائيلية "وانتهاك حرمة المسجد الأقصى ووضعه القانوني التاريخي القائم. فهو مكان عبادة خالص للمسلمين تشرف عليه حصرياً إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد بموجب القانون الدولي والوضع القائم القانوني والتاريخي وسلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الأردنية"!!
الإرهابيون يريدون إحياء ذكرى قتلاهم الذين نكّلوا بالفلسطينيين واحتلوا أرضهم. ويحاولون منع عائلات الضحايا من الصلاة. من الآذان. من أداء طقوسهم الدينية اليومية وممارسة شعائرهم خصوصاً في شهر رمضان المبارك !! الفلسطينيون هبّة واحدة:"نرفض ونرفض ونرفض". لم يكتفوا بذلك، ذهبوا في مناسبة احتفال دولة الإرهاب بيوم تأسيسها وفق التقويم العبري، الى الاحتفال على طريقتهم بالعودة الى الجذور والأصول والتاريخ وتثبيت الذاكرة وزرع المبادئ في العقول. أقاموا مظاهرات، وتجمعات في القرى المحتلة، المهجّرة، رفعوا أسماء القرى، وأعلام فلسطين، وشعار "يوم استغلالهم يوم نكبتنا". "نحن عازمون على محو آثار النكبة بالعودة وتقرير المصير لشعبنا عامة في أماكن وجودنا كافة"!! ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعميم الدعوات الى هذه الوقفات والمسيرات. إعلان واحد :"ندعو أبناء شعبنا الفلسطيني والعربي في كل أماكن وجودهم الى المشاركة برفع أسماء القرى والمدن التي هجروا منها، والعلم الفلسطيني والنشيد الوطني على أسطح المنازل والشرفات، لنؤكد للقاصي والداني أن لا بديل عن حق العودة الشرعي والإنساني والقانوني غير القابل للتصرف، الذي ضمنته الهيئات الشرعية عالمياً خصوصاً القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة ولنثبت للعالم أجمع أن شعب الجبارين "يأبى النسيان والتنازل عن حقه"!!
هذه هي إرادة الشعب الفلسطيني. هذا هو عزمه وتصميمه. لو قطعت اسرائيل كل أسلاك المآذن، فإن شرايين أبناء هذا الشعب هي الأسلاك التي لا تموت ما دام ثمة حياة وولادة ولو ب "النطف المنوية المهرّبة من السجون" تحمل الأصوات والآذان والدعوات الى الجهاد، وتثبت روح الإيمان. لن يتخلوا عن حي سلوان، والبراق، وساحات المسجد الأقصى، والكنائس، والشيخ جراح، وباب العمود وغيرها من المناطق. لن يتركوا العمود الفلسطيني يسقط. لن يتركوا الهيكل يسقط بسقوط أعمدته!!
يبقى ثمة سؤال: الإرهابيون يهتفون ويدعون في شوارع القدس "الموت للعرب" !! نعم "الموت للعرب لا للفلسطينيين". هل سمع العرب ذلك؟؟ إذا كان بعضهم قد ترك الفلسطينيين، هل يسمع دعوات العنصرية والحقد والكراهية ضد العرب أي ضدهم؟؟ وهل لصدى اصوات ومواقف أبناء شعب الجبارين دفاعاً عن العرب ومقدساتهم مكـــان وأثــــر في الحضن العربي؟؟
*وزير ونائب سابق