بأقلامهم >بأقلامهم
عرب الداخل وحكومة "إسرائيل"
غازي العريضي*
تتسارع الأحداث والتطورات داخل دولة الاغتصاب والإرهاب اسرائيل. فشل في وجه الهبّة الفلسطينية المقدسية، تخبّط في الخيارات والقرارات الأمنية والعسكرية، والأمور ذاهبة الى تصعيد. سقوط عشرات القتلى في حادثة التدافع وفتح تحقيقات وحديث عن إقصاء مسؤولين. أزمات إضافية في وجه نتانياهو الذي لم يتمكن من تشكيل حكومة حتى الآن، والعدّ العكسي بدأ لإنتهاء المهلة القانونية الممنوحة له لإنجاز مهمته. يوازي ذلك تسابق اسرائيلي غير مسبوق على الأصوات العربية. كل المعسكرات في ظل نتائج الانتخابات الأخيرة لا تملك أغلبيات. وليس ثمة تحالفات أغلبيات حاسمة. وبالتالي الجميع يتطلّع الى العرب، في مقابل حملة عنصرية ضدهم ودعوات الى قتلهم في كل مكان على أرض فلسطين.
رئيس حزب "ميرتس" اليساري نتسان هوروفيتش قال منذ ايام قليلة: "لقد نشأ وضع تاريخي في اسرائيل بأن يكون العرب لسان الميزان والشرط لنجاح أي حكومة. وأنا أقترح عليهم بكل ودية وجدية: لا تفوتوا هذه الفرصة. أعلنوا لرئيس الدولة أنكم تؤيدون هذه الحكومة أو تلك. قرروا أنتم من يكون رئيس حكومة اسرائيل، شخصياً أفضل طبعاً أن يقرّروا ما نؤيده نحن في اليسار وهو إسقاط حكم نتانياهو. الأفضلية عندي أن يترأس نفتالي بنيت اليميني المتطرف رئاسة الحكومة. فهو يوافق اليوم على عدة مطالب مشتركة نحن والعرب. مثل عدم تنفيذ خطة ضم أراض من الضفة الغربية وغور الأردن، ومثل موافقته على التعامل بمساواة مع العرب"!!
ننانياهو ينتظر قرار منصور عباس وقائمته. ويعتبر أن مطالبه مقبولة في حدود تحسين وضع العرب في مجالات التعليم والبنى التحتية. بنيت ذهب أبعد. رغم أنه يفضّل المناوبة في رئاسة الحكومة مع نتانياهو لكن لديه شروط. والأخير لم يعط جوابه بعد. وبنيت لن ينتظره كما قال ويرفض خضوع خصمه لشروط رئيس قائمة الصهيونية الدينية سموتريتش!!
رغم أن العرب منقسمون في الكنيست ومختلفون على مبدأ اجراء الانتخابات النيابية عندهم بعد رفض اسرائيل السماح بذلك في القدس بعد التطورات الأخيرة، ولسبب مبــــدئي أن القدس بالنسبة إليها هي "العاصمة الأبدية اليهودية الموحدة لها"، وبعد قرار رئيس السلطة أبو مازن بتأجيلها، في مقابل موقف أوروبي مؤيد لإجرائها، لم يثمر ضغطاً على اسرائيل لتغيير موقفها كما قال أبو مازن، ودعوات فلسطينية من "حماس" الى فصائل أساسية أخرى لتثبيت الانتخابات وخوض معركة مع اسرائيل تحت عنوانها واستنفار الشعب الفلسطيني في محطة جديدة في ظل الإرباك الاسرائيلي الداخلي.
صحيح أن ليس ثمة بيئة عربية حاضنة لـ"الهبّة" الفلسطينية، ولإجراء الانتخابات في تحد للاسرائيلي، وصحيح أن ثمة التزامات عربية قديمة وجديدة أمام اسرائيل، وأن ثمة مــن العرب مــن يفضّل بقاء نتانياهو لأنهم لا يحتملون رحيله بعد رحيل "الحبيبين" ترامب وكوشنير، ولأنه يحاول عرقلة المفاوضات الأميركية الإيرانية النووية التي واستناداً الى المعلومات والتصريحات الواردة من فيينا حققت تقدماً يؤكد ذهاب أميركا وإيران الى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة. اسرائيل لن تتمكن من عرقلته. تبحث عن ثمن من اميركا من خلال وفد امني عسكري يزور واشنطن لتعزيز قدراتها في مواجهة "المشروع الايراني". لكن الثابت عندها في الداخل هو الوجود الفلسطيني والقرار الفلسطيني، الذي ينتظره المتسابقون على رئاسة الحكومة الاسرائيلية.
الحد الأدنى من التفاهم الفلسطيني – الفلسطيني في موضوع تشكيل حكومة العدو يعزّز حضوراً، يحقق أهدافاً، يكرّس ثابتاً: لا يمكن تجاوز الحق الفلسطيني!!
والحد الأدنى من التفاهم الفلسطيني – الفلسطيني على صعيد الانتخابات والخطط والخيارات والقرارات فيما يخص الصراع مع العدو، يوفّر المناخات الملائمة لحماية هذا الحق وتكريسه!!
فلسطين كانت ويجب أن تبقى الأمانة وأكبر من الجميع. لنكن نحن في مستواها!!
هل يجوز ان يقول اسرائيليون ان العرب هم شرط نجاح أي حكومة وهؤلاء لا يوفّرون شروط نجاحهم في الاتفاق وتعزيز موقفهم في وجه الآخرين ؟؟
*وزير ونائب سابق