بأقلامهم >بأقلامهم
قــواعد وســواعد
قــواعد وســواعد ‎الثلاثاء 11 05 2021 07:23 غازي العريضي*
قــواعد وســواعد

غازي العريضي*

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة افتراضية منذ ايام برئاسة وزير خارجية الصين وانغ يي شارك فيها وزير خارجية أميركا انطوني بلينكن، تحت عنوان: "صون السلام والأمن الدوليين: دعم تعددية الأطراف والنظام الدولي المتمحور حول الأمم المتحدة". فقال: "أعرف أن بعض أفعالنا في السنوات القليلة الماضية قوّضت النظام القائم على القواعد وقاد آخرين الى التساؤل عما إذا كنا لا نزال نلتزمه. أدعوكم – أعضاء مجلس الأمن – الى الحكم على التزامنا من خلال أفعالنا. لقد عادت الولايات المتحدة بالفعل الى الانخراط بقوة في المؤسسات المتعددة الأطراف. انضممنا مؤخراً الى اتفاقية المناخ والتزمنا مجدداً منظمة الصحة العالمية، ونسعى الى الانضمام مجدداً الى مجلس حقوق الانسان. ونعمل من اجل العودة الى الامتثال المتبادل الى خطة العمل المشترك الشاملة وتعزيز الاتفاق النووي مع ايران. سنواصل الرد بقوة عندما نرى الدول تقوّض النظام الدولي أو تنتهك القواعد التي اتفقنا جميعاً عليها وتعرقل محاولات محاسبة الذين ينتهكون القانون الدولي" وأكد: "إن السلطات القضائية المحلية لا تمنح أي دولة شيكاً على بياض لاستعباد شعبها أو تعذيبه أو إخفائه أو تطهيره عرقياً أو انتهاك حقوق الانسان بأي طريقة أخرى !!" 

كلام جميل. ممتاز. ومهم في هذه المرحلة بالذات تحديداً. واضح أنه كان موجهاً الى الصين وروسيا، وقد ردّ وزيري الدولتين المشاركين وانغ يي وسيرغي لافروف عليه. ونحن لسنا هنا للدخول على خط السجال بينهما وبين الوزير بلينكن. ولا نريد في الوقت ذاته محاسبة الإدارة الأميركية الحالية على ما اقترفته الإدارة السابقة من خطايا. لكن، أمام ما يجري في فلسطين هل تكتفي فقط هذه الإدارة الأميركية بالتحذير من خطر إجلاء الفلسطينيين من منازلهم ؟؟ 

هل ما تقوم به اسرائيل يقوّض قواعد الأمم المتحدة والقوانين الدولية أم لا ؟؟ وهل سياسة التطهير العرقي والعنصرية التي تمارسها دولة الإرهاب ضد الفلسطينيين تنسجم مع طروحات الوزير بلينكن أم يجب أن تحاسب عليها اسرائيل ؟؟ 

وهل " القضاء الاسرائيلي " محق في تسخير ذاته والتصرف على اساس أن لديه شيكاً على بياض لاستصدار القرارات المخالفة لكل الشرائع الإنسانية والقانونية والأخلاقية ؟؟ 

هل ما تقوم به اسرائيل من إجراءات وقرارات وخطوات أحادية الجانب لتغيير معالم القدس كل القدس وتهويدها تندرج في إطار احترام قواعد الأمم المتحدة ؟؟ 

هل ما تقوم به اسرائيل اليوم في حي الشيخ جراّح، والمسجد الأقصى، وشوارع وأحياء القدس، وفي الضفة الغربية، وفي التوسّع وإضافة المزيد من المستوطنات، وحماية العنصريين الداعين الى قتل العرب، وطردهم من منازلهم واعتقالهم وتعذيبهم في السجون وممارسة كل أشكال التطهير العرقي يحترم حقوق الانسان ؟؟ 

بماذا سترد الإدارة الأميركية على كل ذلك ؟؟ لماذا الخفر والحياء في انتقاد اسرائيل أو الاكتفاء بابداء القلق من ممارساتها هذه ويقابل ذلك التكرار الدائم بالالتزام الأميركي بابقاء اسرائيل دولة متفوقة استراتيجياً على كل دول المنطقة ؟؟

من يردع اسرائيل ؟؟ من يحاسبها ؟؟ هل القواعد التي أعلن الوزير بلينكن التمسك بها والعمل على أساسها لمحاسبة ومعاقبة من ينتهكها تنطبق عليها أيضاً ؟؟ أم أن اسرائيل فعلاً تحمل شيكاً على بياض أو تتصرف على هذا الأساس لأنها لا تشعر بأي ضغط حقيقي عليها أو اي إدانة أو قرار يلجم إرهابها ويحمي الشعب الفلسطيني وحقوقه وبالتالي ما رمى اليه الوزير الأميركي كان موجهاً فقط الى روسيا والصين في إطار صراع إدارته معهما ؟؟

بالتأكيد نطرح هذه الأسئلة لأننا نؤيد الوزير فيما دعا إليه لمحاسبة إدارته على الأفعال ومدى التزامها بما قاله !! أمام ما يجري لا نرى هذا الالتزام بالأفعال حقيقة قائمة. ماذا تريد الإدارة الأميركية أن تراه في فلسطين في سبت النور، وعيد الفصح، وليالي القدر في رمضان المبارك أكثر مما رأته ورآه ويراه كل العالم من ممارسات إرهابية تنفذها قوات الاحتلال الاسرائيلي في باحات المسجد الأقصى اليوم ؟؟

فما هي كلمة أميركا للشعب الفلسطيني ؟؟ ما هو التزامها ؟؟ هل تقول له بموقفها الضعيف أمام اسرائيل واستقواء الأخيرة بالتزامات أميركا نحوها، هذا هو قدرك ؟؟

في كل الحالات اسرائيل دولة الإرهاب المنظم. اسرائيل لا تقيم اعتباراً لحقوق الانسان والقوانين والقرارات الدولية، ولا تقرّ بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني الذي يعرف هذه الحقيقة ويتصرف على اساس تمسكه ب قواعد الأمم المتحدة وب سواعد أبنائه وإرادتهم في مواجهة اسرائيل المدعومة من أميركا الى أن تؤكد إدارة بلينكن عكس ذلك. وبين قواعد اسرائيل الإرهابية وقواعد الأمم المتحدة مسافات ضوئية. أما الثابت فهو سواعد الفلسطينيين المرفوعة، والتي لم تكسر ولن تكسر. بل كسرت جبروت الاسرائيلي وهذا مشهد القدس اليوم أمامنا !!

 

*وزير ونائب سابق

 

المصدر : جنوبيات