بأقلامهم >بأقلامهم
"ويمدهم في طغيانهم يعمهون"
معن بشور
لم يكن لتجمع العشرات من أعضاء الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمّة، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وجمعية شبيبة الهدى، واللجان والروابط الشعبية، في مدافن شهداء فلسطين، قبل صلاة العيد، مجرد استمرار في تقليد وطني وقومي وأخلاقي اطلقناه قبل 45 عاماً، بقدر ما كان هذا العام وقفة انتصار لشهداء المواجهة البطولية على أرض فلسطين، والتي انطلقت من الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح لتشمل كل شبر من أرض فلسطين التاريخية، ولتتحول إلى مواجهة عسكرية طالت فيها صواريخ المقاومة من غزّة عمق الكيان الصهيوني لتوجعه في االصميم، كما هزّته في وجوده انتفاضة الداخل الفلسطيني (داخل الخط الأخضر) ، حين اكتشف المحتل أن ثلاثة أرباع القرن ،وما رافقها من مخططات أسئلة وتشويه الهوية، لم تستطع أن تنتزع من هؤلاء الفلسطينيين الأبطال عروبتهم وانتماءهم الوطني وارتباطهم بالقضية الأم.
هذا التجمع السنوي الحاشد في مدافن الشهداء في بيروت وطرابلس وسائر المناطق لم يكن فعل وفاء للشهداء الفلسطينيين واللبنانيين والعرب والأمميين الذين تضمهم هذه المدافن فحسب، بل كان كذلك فعل وفاء لشهداء الأمّة كلها من المحيط إلى الخليج، بل لشهداء الإنسانية جمعاء، فالمعركة ضد الظلم والاستغلال والاستعمار بكل أشكاله هي معركة واحدة، والانتصار في جبهة من جبهات تلك المعركة هو انتصار لكل الجبهات..
لقد عشنا ،مع ساعات الصباح الاولى ، لحظات مليئة بالمعاني والذكريات، وبصور أحباء استشهدوا على مدى سنوات وعقود، فيما رفاقهم ينتظرون "وما بدلوا تبديلا"، بل لحظات مليئة بالاستبشار بأن "أُم القضايا" العادلة في أمّتنا والعالم، قضية فلسطين، والتي ربطت أجيال من المناضلين عمرها بها، تحقق اليوم انتصارات باهرة معمّدة بدماء الشهداء، وتكرس في مواجهة العدو الغاشم والباغي والغبي الآية الكريمة: "ويمدّهم في طغيانهم يعمهون" صدق الله العظيم..
نعم كلما ازداد الطغاة طغيانا ازدادوا عمى، وكلما ازدادت غطرستهم وتوحشهم ازدادوا ضعفاً وعجزاً وعزلة.
وكل عام وأنتم بخير..وشهداؤنا في أعلى عليين...