لبنانيات >أخبار لبنانية
مواقف في الذكرى الثانية والثلاثين لاستشهاد المفتي حسن خالد
المفتي دريان: مبادئه السامية حافز لمواصلة السير على طريق الوحدة
مواقف في الذكرى الثانية والثلاثين لاستشهاد المفتي حسن خالد ‎الاثنين 17 05 2021 15:34
مواقف في الذكرى الثانية والثلاثين لاستشهاد المفتي حسن خالد

جنوبيات

أحيت دار الفتوى والمسلمون واللبنانيون أمس، الذكرى الثانية الثلاثين لاستشهاد مفتي الجمهورية الأسبق السيخ حسن خالد رحمه الله الذي قضى شهيدا بتفجير موكبه قرب دار الفتوى في منطقة عائشة بكار في 16 أيار من العام 1989. 

المفتي دريان

*وفي هذا الإطار، زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من العلماء، ضريح المفتي الشهيد حسن خالد في منطقة الأوزاعي في ذكرى استشهاده، وقرأ الفاتحة عن روحه.

وقال المفتي دريان في بيان له: «ليس المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، يرحمه الله، شخصا لا يذكر إلا في مناسبة وذكرى استشهاده. إنه بإيمانه وبترجمته هذا الإيمان اتخذ مواقف أخلاقية ووطنية، جعلته حيا لا يموت. ذلك أنه استشهد في سبيل الله، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون،  إنه حي فينا بمواقفه الإسلامية والوطنية، وهي المواقف الثوابت لدار الفتوى ذودا عن الإسلام شرعة ومنهاجا، ودفاعا عن الوطن الذي ارتضيناه وطنا نهائيا لنا جميعا. لذلك، لم تكن صدفة أن تصدر عن دار الفتوى الثوابت الإسلامية الوطنية الجامعة التي تربط بين وحدة المسلمين والوحدة الوطنية، وحدة المسلمين على قاعدة الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة، ووحدة اللبنانيين على قاعدة المواطنة والعيش المشترك. إنها مدرسة المفتي الشهيد التي عمل عليها ومن أجلها وعكست إيمان مسلمي لبنان وثقافتهم سواء، ومن حيث تمسكهم بدينهم الذي ارتضاه الله لهم، أو تمسكهم بوطنهم رسالة الوحدة الوطنية والعيش الواحد. ولعله بسبب تمسكه يرحمه الله بهذه الثوابت وبسبب نضاله القوي من أجلها، كان هدفا للعدوان الغادر الذي قصف حياته وهو في عز عطائه العلمي والفكري الديني والوطني».

أضاف: «استذكارنا للمبادئ السامية التي استشهد عليها ومن أجلها المفتي الشهيد يشكل حافزا لنا جميعا لمواصلة السير على طريق الوحدة: الوحدة الإسلامية - الإسلامية، والوحدة المسيحية - الإسلامية».

وختم: «حمل المفتي الشهيد هذه المبادئ السامية إلى ما وراء الحدود وحتى إلى ما وراء البحار، حيث كان موضع احترام وتقدير لمواقفه الإنسانية السامية. رحم الله شهيدنا الغالي وأجزل له الثواب، وتغمده بواسع رحمته». 

سعد خالد 

وألقى نجل المفتي خالد سعد الدين كلمة قال فيها: «في الذكرى الثانية والثلاثين لاغتيال المفتي الشهيد على يد الغدر والإجرام والإثم والعدوان صاحب الكلمة الحرة والموقف الجريء الإسلامي والوطني والعربي بامتياز، رجلا من رجال العلم والدين والأخلاق وقائدا إسلاميا ووطنيا وعربيا نفتقد دوره الكبير في هذه الأيام النحسات، دافع عن قضايا الأمة وحمل هموم الوطن والناس بكل تفان وإخلاص، وحمل قضايا الوطن وتعقيداته في أحلك الظروف، فسبر أغوار القضية اللبنانية بكل مفاصلها وتشعباتها فكانت دار الفتوى بقيادته مرجعية لا يستهان بها ولا يمكن تجاوزها، حمل مشروع الإصلاح السياسي ودافع عنه بكل عزم وقوة وناضل من أجل إلغاء الطائفية السياسية لأنه كان يؤمن بأن الطائفية السياسية والساسة الطائفيون كلاهما ينتفع بالآخر ويتغذى عليه وكل ذلك على حساب لبنان وسلامته وازدهاره، وواجه من أجل ذلك أصحاب الأمر الواقع من ميليشيات وأحزاب وإدارات مدنية حولت حياة اللبنانيين الى جحيم، ولهذا فقد ترك غيابه فراغا كبيرا على ساحتنا الإسلامية والوطنية. نقف أمامكم لنحيي هذه الذكرى إلا أنه لا بد أن نستذكر ونشكر، فمن لا يشكر الناس وأصحاب الفضل لا يشكر الله».

أضاف: «لقد كان المفتي الشهيد يؤمن بأن لا خلاص للبنان إلا بدعم ورعاية عربية له، فهم ظهير لبنان واللبنانيين لذلك لم يترك فرصة إلا واغتنمها للقاء بهم والتشاور معهم في كل المجالات واخص بالذكر المملكة العربية السعودية، ولا أقول هذا الكلام لان سعادة السفير المكرم والصديق وليد البخاري موجود بيننا، إنني أقوله من باب الاعتراف بالفضل نيابة عن المخلصين اللبنانيين. لقد كان لمملكة الخير الفضل الكبير في رعاية لبنان واللبنانيين في السراء والضراء، حيث كانت لا تألو جهدا في زرع الوفاق بين جميع اللبنانيين وكانت تشجع على الوفاق وتدعو الى الاعتدال وتقدم المساعدات لجميع اللبنانيين، من دون استثناء وبغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم كما كان لها الفضل الكبير في رعاية جميع قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكان الفضل الأكبر لها إبان اغتيال المفتي الشهيد وخلال انعقاد القمة العربية في المغرب، والتي ناشد المفتي الشهيد ان يكون على جدول أعمالها القضية اللبنانية قبل استشهاده بساعات قليلة، فكان اجتماع القادة اللبنانيين في مدينة الطائف الذي نتج منه اتفاق الطائف الذي أعاد لبنان الى دوره العربي والدولي، إلا ان هذا الاتفاق لم تنفذ بنوده بالكامل والتي حالت دون عودة انتظام القانون».

وختم خالد: «نشكركم جميعا والشكر والامتنان الكبيران الى سعادة سفير مملكة الخير الصديق وليد البخاري على مشاركته ورعايته ووقوفه معنا في هذه الذكرى الأليمة والغالية، والشكر موصول الى نائب بيروت الصديق فؤاد مخزومي الحاضر معنا دائما، ونعاهدكم ان نبقى على العهد متمسكين بنهج المفتي الخالد وعلى الأمانة بكل إخلاص والسير على خطاه الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا». 


عساف

 *وقال رئيس المركز الإسلامي-عائشة بكار المهندس علي نور الدين عساف  مفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ حسن خالد ومواقفه الوطنية والجريئة.

ويقول المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد قامة وطنية كبيرة رفضت وواجهت كل أنواع الظلم والهيمنة ضد جميع اللبنانيين.  انه الزعيم البطل الذي دافع ليس فقط عن حقوق المسلمين بل عن حقوق وكرامة كل اللبنانيين، والذي شكّل مع العلماء الشهيد الشيخ احمد عساف  والشهيد الشيخ صبحي الصالح مفخرة لأجيالنا القادمة الذين سيتعلمون منهم الوفاء والتضحية وسيقتدون بهم لاستمرار عطاء هذا الوطن. تغمدا لله المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته مع النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا».

فانوس 

{ واعتبر رئيس المركز الثَّقافيِّ الإسلاميِّ الدكتور وجيه فانوس في بيان له أن المفتي المفتي الشَّهيد الشَّيخ حسن خالِد «انطلقَ من موقعه مفتياً للجمهوريَّة اللُّبنانيَّة، إلى أن يكون واحداً من أكثر رجالات المرحلة فاعليَّة وتأثيراً، كانت البلاد تعيش، في  سبعينات القرن العشرين، أزمات اقتتال أهليٍّ؛ لعبت فيه قوى الخارج، على كثيرٍ من مصالح ناس الدَّاخل. كاد الوطن، حينذاك، أن يتحوَل إلى ركام؛ وصار كثير من ناسه إلى تمزُّق سياسيٍّ ووهن اقتصاديٍّ وهجرات خارجيَّة وداخليَّة، ناهيك بخسران الوطن لكثيرٍ من أبنائه، ضحايا تفجيرات غاشمة واغتيالات غشيمة، وتهديم كثير من قراه ومناطقه. كانت النفوس قلقة، والأحوال مضطربة، وناسُ السِّياسة على شِقاق قاتل فيما بينهم، والجرح نزفٌ لا يعرف لذاته اندمالاً، ولعلَّ كثيرين جدَّاً، ممَّن كانوا يُعتبرون مِن أهلِّ الحلِّ والعَقْد، في شؤون تقرير المصير وترجيح الاختيارات، كان كل واحدٍ منهم يُغِّني على ليلاه.

نهض المفتي خالد، رافعاً راية القيادة الوطنيَّة، وسط هذه المعمعة. لم تكن قيادته، مجرَّد قيادة تقليديَّة لأهل السُّنَّة، أو حتَّى لمجموع  المسلمين في لبنان؛ بل كانت قيادة تتطلَّع إلى أمور لبنان بكليَّته، بمسلميه ومسيحييه، بمن فيه من أهل «اليمين»، ومن هم من ناس»اليسار»؛ بمن يميلون إلى هذه الدَّولة الشقيقة أو إلى يشتاقون إلى تعاطفٍ من تلك الدَّولة الصَّديقة».

أضاف: «وقفَ، «الشَّيخ حسن»، وهكذا هو الاسم المحبَّبُ له عند النَّاس؛ ليسمع الكل؛ وليسمعهُ كل من كانوايسعون وراء هذا «الكل»؛ وقف ليقول لكل هؤلاء «أن كفى؛ خراباً وتخريباً وقتلاً ودماراً». 

جمع «الشَّيخ حسن»، أهل السِّياسة المسلمين في «دار الفتوى»؛ وانطلق بهم، لقاءً إسلاميَّاً، يسعى إلىوحدة الوطن وسلامته وضرورة خلاص ناسه من أتون ما هم فيه من قتل واقتتال، من بهو «دار الفتوى»، أطلق «الشَّيخ حسن»، النِّداء تلو النِّداء؛ خاطب ضمائر كلِّ اللُّبنانيين، فالتفُّواحوله، وصدحوا بندائه؛ فكانت تلك الصَّلاة الكبرى، صلاةُ «عيد الفِطر» في «الملعب البلديِّ» من منطقةِ»الطَّريق الجديدة» من مدينة «بيروت»، عاصمة لبنان، في شهر آب 1983. وقف «الشَّيخ حَسَن»، مفتيالجمهوريَّة اللبنانيَّة، ابن بيروت، إماماً لجميعِ مسلمي لبنان، على تعدُّد طوائفهم وتنوُّع مذاهبهم؛ وكلُّهمردَّدوا، في تلكَ الصَّلاةِ، من ورائه، أن «آمين»؛ للعمل في سبيل استعادة وحدة لبنان وحضوره وثقافته،ليس بهم وحدهم، بل مع كل شركاء الوطن. 

هكذا كانت «دار الفتوى»، بقيادة «الشَّيخ حَسَن»، ومن خلال «اللِّقاء الإسلامي»، والتفاف الجميع حولهذه القيادة؛ منبراً عالي الصوت، صافي النِّيَّة، واضح الأهداف، وطنيِّ الرُّؤى، يُطلق سنة 1983، منبهو «الدار»، ما عُرف بـ»الثَّوابت العشر»؛ وما صار أساساً راسخاً لوجود لبنان ومجالات تحقيق التَّلاحمالوطنيِّ بين ناسه، ومنطلق رؤاه إلى محيطه العربيِّ والإسلاميّ والعالميِّ.

سماحة المفتي الشهيد الشَّيخ حسن خالد، لأنَّه قائد مخلص فذٌّ، ولأنه تمكَّن من أن يكون جامعاً وليسمفرِّقاً، ولأنَّه عرف كيف يمكن أن ينقذ لبنان من براثن ما كان يفترسه، ولأنَّه صادق في قيادته، ولأنه وفيٌّ في التزاماته، ولأن الوطن كان في أمسِّ الحاجة إليهِ، فقد كان لـ»الشَّيخ حَسَن»، أن يلقى وجه ربِّه، يوم الثُّلاثاء، الواقع 16 أيار سنة 1989، شهيداً».