مقالات مختارة >مقالات مختارة
كركي: الوضع الصحّي غير مريح والحلّ يبدأ بتشكيل حكومة
كركي: الوضع الصحّي غير مريح والحلّ يبدأ بتشكيل حكومة ‎الثلاثاء 25 05 2021 09:53
كركي: الوضع الصحّي غير مريح والحلّ يبدأ بتشكيل حكومة

ربيع ياسين

أكدّ المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي أن الوضع الصحي في لبنان غير مريح، وإذا استمرّ الوضع على ما هو عليه سنكون أمام أزمة صحيّة كبيرة.

وقال في حوار مع “الأمن”: هناك تقصير من الدولة اللبنانية في ما يتعلق بدفع الإشتراكات المتوجبة عليها، خصوصًا الـ 25 في المئة من قيمة التقديمات الصحيّة، وهذا الأمر يساهم في استمرار عجز الضمان”.
واعتبر أن الحلّ يبدأ بتشكيل حكومة وبمفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي، وإلا سنكون أمام أزمات كبيرة ليس على صعيد القطاع الصحّي فحسب، إنما على صعيد الوطن ككلّ”.

وفي الآتي نص الحوار :

• بدايةً، هل لك أن تُحدثنا عن واقع الضمان الإجتماعي اليوم؟
– أثبت الضمان الإجتماعي أنه من أقوى المؤسسات في البلد، نظرًا إلى حجمه وقدرته على تغطية حوالي مليون و600 ألف مستفيد، وعلى ضخه في الإقتصاد حوالي ألفين وأربع مئة مليار ليرة لبنانية سَنَوِيًّا موزعين على الشكل التالي:
حوالي الألف مليار في الضمان الصحي، وألف مليار في تعويضات نهاية الخدمة، وحوالي أربع مئة مليار في التعويضات العائلية.
بالإضافة إلى دوره الإجتماعي البارز، خصوصًا في هذه المرحلة، هو يساهم بشكل فعّال في تحريك العجلة الإقتصادية.
إذا، الضمان الإجتماعي هو آخر حصن في الدولة اللبنانية، خصوصًا وأنه يمتلك محفظة مالية تُقدّر بأكثر من إثني عشر ألف وخمس مئة مليار ليرة لبنانية توظّف في المصارف عبر سندات الخزينة، وهي تساهم أيضًا في تمويل للدولة اللبنانية وقدرتها على الإستمرار.

• إلى أي مدى سيستطيع الضمان الإجتماعي الإستمرار بدفع التقديمات الصحية للمضمونين؟
– هناك ثلاث فروع في الضمان الإجتماعي، فرع المرض والأمومة، فرع التعويضات العائلية، وفرع تعويضات نهاية الخدمة.
في ما يتعلق بصندوق تعويضات نهاية الخدمة لدينا فائض مالي كبير بهذا الفرع، ولدينا استدامة مالية من خلال الدراسات التي قمنا بها مؤخرًا. هذا يعني أن لا خطر حاليًا ولا مستقبليًا على تعويضات الناس. المشكلة الوحيدة تكمن في تدني القدرة الشرائية لهذه التعويضات نظرًا إلى تغيّر سعر الصرف. والجدير بالذكر أننا حاولنا العمل مع الجهات الدولي وتحديدًا مع البنك الدولي سعيًا لإيجاد طريقة تحفظ القدرة الشرائية لتعويضات نهاية الخدمة، لكننا لم ننجح. كذلك الأمر حاولنا مع حاكم مصرف، ونحن ما زلنا في انتظار أي جديد في هذا الملف.
أما بالنسبة إلى فرع التعويضات العائلية، كان لدينا عجز متراكم منذ سنوات بحوالي ثلاثمائة وستين مليار ليرة في هذا الصندوق، ولكن في السنوات الأربع الأخيرة تحوّل هذا العجز إلى فائض، وبالتالي لم تعد هناك أي مشكلة في ما خصّ التعويضات العائلية، ونحن على طريق الإستدامة الطويلة.
تبقى المشكلة في فرع المرض والأمومة، فصندوق هذا الفرع لا يزال يعاني من عجز متراكم يُقدّر بحوالي الأربعة آلاف مليار.

• ما هي أسباب العجز المتراكم في صندوق المرض والأمومة؟
– هناك تقصير من الدولة اللبنانية في ما يتعلق بدفع الاشتراكات المتوجبة عليها، خصوصًا الـ 25 في المئة من قيمة التقديمات الصحيّة، وهذا الأمر يساهم في استمرار العجز. وَلَابُدّ من الإشارة إلى أن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني قام في العام 2020 بدفع حوالي ثلاثمائة مليار ليرة. نأمل أن تستمر الدولة بدفع متوجباتها كي يستطيع هذا الصندوق الإستمرار وألا نصل إلى مرحلة نكون أمام اختيار الأولويات على حجم الإيرادات التي تصل إلينا من القطاع الخاص، كما هو حاصل في الضمان الإختياري، أو الإتجاه إلى وقف التقديمات الصحيّة لحين استيفاء متوجبات الدولة.

• يُحكى أن هناك مستشفيات تقوم بحجز المريض المضمون كرهينة إلى حين دفع فاتورته الإستشفائية، هل هذا صحيح؟
– منذ بداية العام قمنا باتخاذ إجراءات صارمة ضد أي جهة تقوم بابتزاز المضمونين، كحجز مريض وأي عمل آخر. لقد أوقفنا التعامل منذ بداية الـ 2021 مع ستة مستشفيات. نحن نعلم أننا في وضع اقتصادي صعب، وندرك تمامًا حجم معاناة المستشفيات في هذه الظروف، ولكن هذا الأمر لا تتم معالجته على حساب حجز أي مريض، فطالما أن الضمان لم يُغير حتى الآن تعرفته يجب على المستشفيات والأطباء الالتزام بها.

• هل تعتقد أن تعرفة الضمان الحالية في ظلّ تفلّت الدولار كافية لتغطية نفقات المستشفيات والأطباء؟
– نحن نتفهّم مطالب الأطباء والمستشفيات في ما يتعلق بالتعرفة الحالية، ولهذه الغاية قمنا بزيادة مئتي ألف ليرة لبنانية على الغرف الخاصة بمرضى “كورونا” وأربعمئة ألف ليرة على غرف العناية الفائقة، وأدخلنا أيضًا فحص الـ “كورونا” على الضمان، ونحن اليوم نغطّي كل الأمور المتعلقة بفيروس “كورونا”. وقمنا برفع سعر جلسة غسيل الكلى من مئة وأربع وخمسون ألف إلى مئتين وخمسين ألف ليرة. هذه الزيادات كلفت الضمان حوالي خمس وثلاثين مليار ليرة لبنانية، وقبل تأمين التمويل اللازم لا نستطيع رفع أي التعرفة القديمة.

• هل لبنان مقبل على كارثة صحّية إذا استمر الوضع على ما هو عليه اليوم؟
– الوضع الصحّي في لبنان غير مريح، وإذا استمرّ الوضع على ما هو عليه سنكون أمام أزمة صحّية كبيرة خصوصًا إذا تمّ رفع الدعم عن الأدوية والمستلزمات الطبية، وفي ظلّ تفلت الدولار.

• ما هو مصير الضمان الإجتماعي في حال تمّ رفع الدعم عن الدواء وتكاليف الإستشفاء؟
– سنكون أمام كارثة حقيقية ليس في الضمان الإجتماعي فحسب، إنما في المؤسسات الحكومية الضامنة أيضًا، لأن الإنفاق سيزداد وهذه الزيادة بحاجة إلى التمويل، والتمويل غير موجود أساسًا. فإن رُفع الدعم دون وجود أي تمويل سيكون على المواطن تحملّ التكلفة، وهذا الأمر سيعقّد الأمور أكثر على حياة المواطنين.

• برأيك ما هي الحلول لتفادي هذه الكارثة؟
– الحلّ يبدأ بتشكيل حكومة سريعًا، وأن تقوم هذه الحكومة بمفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي كي نبدأ تنفيذ الإصلاحات اللازمة، للحصول على التمويل، وإلا سنكون أمام أزمات كبيرة ليس على صعيد القطاع الصحّي فحسب، إنما على صعيد الوطن ككلّ. لذلك، نحن اليوم بحاجة إلى صدمة إيجابية.

• هلّ من كلمة أخيرة؟
– مؤسسة الضمان الإجتماعي كانت ولا تزال تسعى إلى ترسيخ واستمرارية الأمن الإجتماعي في البلد. ورغم الأجواء السوداوية التي تعصف بنا لا يزال الأمل موجودًا. في هذا السياق أطلقت وزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال لميا يمّين التشاور في مسودة نظام تأمين ضد البطالة، تعاونا به مع وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية.

يهدف هذا المشروع إلى توفير رواتب على المدى القصير وتغطية صحية، لذلك نأمل أن يُبصر النور قريبًا، لأن إقراره سيساعد المواطنين الذين فقدوا وظائفهم على تحمّل الأعباء الإستشفائية والإجتماعية الصعبة التي نمرّ بها.

المصدر : الأمن