عام >عام
سيّد مقاوم بعد 15 عاماً على رحيله
الأربعاء 27 07 2016 12:42معن بشّور
قبل عام 1982، عام الغزو الصهيوني للبنان، كان اسم النائب السابق، والمربي الكبير، والشاعر والأديب السيّد جعفر شرف الدين (الذي ودّعناه في مثل هذا اليوم قبل 15 عاماً)، مرتبطاً باسم والده المرجع الإسلامي الكبير سماحة السيد عبد الحسين شرف الدين الذي دعا عام 1920 (عام ولادة السيد جعفر)، إلى مؤتمر وادي الحجير (الذي بات معروفاً بأنه مقبرة دبابات العدو الصهيوني في حرب تموز 2006 على يد المقاومة)، حيث أعلن المجتمعون رفضهم للانتداب الفرنسي ورغبتهم بالوحدة بين لبنان وسوريا...
ثم بات اسم السيد جعفر شرف الدين (أبو محمد) في الخمسينيات والستينيات مرتبطاً بالكلية الجعفرية في صور التي تخرّج منها الاف الشباب الوطني والقومي (من بعثيين وقوميين عرب وشيوعيين)، وخرجت من باحاتها المسيرات والمظاهرات المندّدة بسياسة الأحلاف (حلف بغداد) والمشاريع الاستعمارية (مشروع إيزنهاور)، والتي كانت قاعدة من قواعد استقبال الاخوة الفلسطينية بعد نكبة عام 1948،واحدى نقاط الارتكاز للانتفاضة الوطنية الكبرى عام 1958، والتي توجهت منها قوافل السيارات والباصات وعلى رأسها السيد جعفر إلى دمشق للترحيب بالخالد الذكر جمال عبد الناصر بعد قيام الوحدة السورية – المصرية في شباط 1958، إلى أن انتخب أهل صور جعفر شرف الدين نائباً عن منطقتهم عام 1960، ولثلاث دورات انتخابية متتالية...
بعد غزو 1982، واحتلال أراض واسعة من لبنان وصولاً إلى احتلال العاصمة بيروت، وقيام المجاهد الاستشهادي احمد قصير (رحمه الله) بتفجير مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور وقتل أكثر من150 عسكريا صهيونيا في 11/11/1982، وتصاعد عمليات المقاومة الوطنية والإسلامية بدءاً من العاصمة وصولاً إلى كل المناطق المحتلة، بات السيد جعفر، وهو ابن الثانية والستين من عمره يومها، واحداً من أبرز وجوه العمل السياسي والثقافي المقاوم، فصدح صوته في المنابر الثقافية والوطنية، وعلا رأيه في المنتديات واللقاءات والتجمعات والمهرجانات الوطنية بدءاً من المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، وصولاً إلى قاعة جمال عبد الناصر في جامعة بيروت العربية، مروراً بدار الندورة والحركة الثقافية في انطلياس، متصديا بشجاعة مميّزة، لا للاحتلال الإسرائيلي فحسب، بل أيضاً لمنطق التخاذل والاستسلام والانقسام الذي بات البعض يروج له وصولاً إلى اتفاق العار والإذعان المعروف ب 17 أيار...
في زمن ألحرب والانقسام كان السيد جعفر السباق في التجاوب مع كل مشروع يسعى لتجسيد الوحدة بين اللبنانيين فكان شريكا في إطلاق "دار الندوة" وفي تسميتها،ومؤسسها في برنامج "شباب لبنان الواحد"، وامينا في مجلس أمناء المنتدى القومي العربي منذ تأسيسه عام 1992
و حين كرّمه المنتدى في عرينه العاملي، "الجعفرية"، كانت عينا السيد الجليل طافحتين بالدموع وهو يستمع إلى كلمات لقادة وشخصيات آتين من كل لبنان يذكّرون بعطائه الإنساني والتربوي والثقافي والنضالي الذي لم يتوقف يوماً واحداً، معلنا" أن لا شيىء يعوض عليه كل سنوات نضاله وعطائه إلاّ أن يرى الجنوب كله محرراً."
وهكذا كان، فبعد عام ونيّف على التحرير في أيار/مايو 2000، ترجل الفارس العاملي عن صهوة جواده، ليلتحق بمن سبقه من الشهداء من أجداده آل البيت، إلى تلامذته أبناء جبل عامل الذي بات مقبرة للغزاة.
لك الرحمة يا سيّد... كنت رجل المقاومة والعروبة والوحدة الوطنية والعربية والإسلامية.