بأقلامهم >بأقلامهم
معجزة بدولار واحد!
معجزة بدولار واحد! ‎الاثنين 28 06 2021 10:07 القاضي م جمال الحلو
معجزة بدولار واحد!


هذه القصّة الواقعيّة رواها لي أحد الأصدقاء القدامى وهو طبيب جرّاح من آل الزعنّي الكرام. 

كانت هناك ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻓﻘﻴﺮﺓ ﻣﺆﻟّﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﻡّ ﻭﺃﺏ، ﻭﻭﻟﺪ ﻭﺑﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮﻳﻦ. وفي أحد الأيّام ﻣﺮﺽَ ﺍﻟﺼﺒﻲُّ ﻣﺮضًا ﺷﺪﻳﺪًا، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺤﻮﺹ ﺍﻟﻤﺨﺒﺮﻳّﺔ  ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ ﺍﻟﻄّﺒﻴّﺔ ﺗﺒﻴّﻦ ﺃﻧّﻪ ﻳُﻌﺎﻧﻲ ﻭﺭمًا ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻪ.

ﺗﺤﺪّﺙ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺞ ﺛﻢّ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﺨﺒﺮ ﺃﻡَّ ﺍﻟﺼﺒﻲّ ﺃﻥّ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺣﺮﺟﺔ، ﻭﻻ ﺑﺪّ ﻣﻦ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴّﺔ ﺑﺎﻫﻈﺔ ﺍﻟﺘّﻜﺎﻟﻴﻒ، كما ﺃﻥّ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ﻟﻦ ﻳﻨﺠﻮ بدون "ﻣﻌﺠﺰﺓ".

ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺗﺴﺘﺮﻕ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺪﻳﻬﺎ، ﻓﺄﺳﺮﻋﺖْ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ، ﻭﻓﺘﺤﺖْ ﺣﺼّﺎﻟﺘﻬﺎ ﻟﺘﺠﺪَ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻭﻻﺭًا ﻭﺍﺣﺪًا ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺍﻟﺪّﻭﻻﺭ ﻭﺗﻮﺟّﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﺻﻴﺪﻟﻴّﺔ، ﻭﻭﻗﻔﺖْ ﺗﻨﺘﻈﺮُ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﻍ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻲّ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﺭﺟﻞ. ﻭﻟﻤّﺎ ﻃﺎﻝ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﺑﻐﻀﺐ، ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻠﺼﻴﺪليّ: ﺃﻋﻄﻨﻲ ﻣﻌﺠﺰﺓ.

ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻲّ: ﺃﻻ ﺗﺮﻳﻦ ﺃﻧّﻲ ﻣﺸﻐﻮﻝ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺃﺭه ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻴﻦ؟ ﺛﻢّ ﺃﺭﺩﻑ ﻗﺎئلًا : ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻚِ ﺃﻧّﻲ ﺃﺑﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ؟

ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺷﻘﻴﻖ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻲّ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ : ﺣﺪّﺛﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪينها.

ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺑﺒﺮاﺀﺓ: ﻻ ﺃﻋﺮﻑ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻲ ﻷﻣّﻲ ﺇﻥّ ﺃﺧﻲ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﻛﻲ ﻻ ﻳﻤﻮﺕ! ﻓﻬﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪّﻭﻻﺭ؟

ﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ مبتسمًا وﺑﺼﻮﺕ ﺩﺍﻓﻰﺀ: ﺩﻭﻻﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺛﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ. ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻲّ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺃﺧﺎﻙِ ﺃوّلًا.

ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮّﺟﻞ ﻫﻮ "ﻛﺎﺭﻟﺘﻦ ﺁﺭﻣﻴﺴﺘﺮﻭﻧﻎ " ﺟﺮّﺍﺡ ﺍﻷﻋﺼﺎﺏ ﺍﻟﺸّﻬﻴﺮ، ﻓﺬﻫﺐ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻭﻗﺎﺑﻞ ﺃﺑﻮﻳﻬﺎ ﻭﺭﺍﺟﻊ ﺍﻟﻔﺤﻮﺹ ﺍﻟﻤﺨﺒﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ ﺛﻢّ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ : ﺃﻧﺎ ﺳﺄُﺟﺮﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴّﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﻔﺎﻱ.

ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﻠﺼﺒﻲّ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻘﺎﺽَ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﺘﻪ ﺇﻳّﺎه ﺍﻟﺒﻨﺖ. ﺛﻢّ ﻋﻠّﻖ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻋﻴﺎﺩﺗﻪ ﻭﻛﺘﺐ ﺗﺤﺘﻪ: ﻫﺬﺍ

ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﺛﻤﻦ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰﻧﺎ ﻛﺒﺸﺮ.

ﻻ ﺗﺠﻌﻞ إﺣﺴﺎﺳﻚ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﺎﻟﺸﻤﻌﺔ التي تضيء من حولك ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﺍﺟﻌﻠﻪ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ التي تضيء العالم ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ. 

المصدر : جنوبيات