بأقلامهم >بأقلامهم
لن يكون لبنان عصفورية للمجانين
لن يكون لبنان عصفورية للمجانين ‎الخميس 1 07 2021 11:39 المحامي حسن مطر
لن يكون لبنان عصفورية للمجانين


سوف أختم في هذا المقال كتاباتي عن واقع الحال السائد منذ انتفاضة اللبنانيين المجيدة بتاريخ تشرين 2019. قد كتب كثيرون عن قبائح الطبقة الحاكمة وسوآتها التي لا تُعدّ ولا تحصى وما أوقعته بالوطن موقعا ودورا وطبيعة وبيئة ساحلا وجبلا، بحرا وأنهارا، إنسانا وحضارة. لقد بات النظام في السنوات الأخيرة أشبه بعصفورية هوجاء بتصرفاتها وإداراتها وطالت الكثير من مؤسسات الدولة وحلّ الخراب والدمار محل أي إصلاح أو تغيير أو بناء وإنماء وراحت دول كبرى ورؤساؤها يحذرون من اضمحلال لبنان وزواله بعد ان أبدت وقادتها اهتماما عاليا وغير مسبوق دون أن تلقى آذانا صاغية وعقولا ناضجة، من طبقة مسؤولين لبنانيين راحت تتصرف وفق مصالحها الخاصة وعجزت بكل أطرافها عن تشكيل حكومة نتيجة ادّعاءات ذميمة وشعارات مضللة، فابتدعت هذه الطبقة صيغا وأعراف ومواثيق لا تمتّ الى الحقيقة بصلة وهي في مجموعها وحقيقتها انقلابات متعمدة بحق الوطن والمواطن، بحق الدستور الواضح في مواده ونصوصه وأهدافه وغاياته، وجرى تفسيره على غير حقيقته في موضوع تأليف الحكومات.

لقد بات لبنان الوطن يا لصوص الهيكل عصفورية هوجاء وأثبتم انكم أصغر من أن تحكمون وطنا وتديرون مؤسسات فما بالكم بغلمانكم وزبانيكم ومن جئتم بهم من بعض السكرتارية نساء ورجالا لتأمين مصالحكم ونزواتكم وبدون أي اعتبار للناس للمواطنين وللوطن الجريح البائس بكم والمنهار من فجوركم وسرقاتكم.

فشلتم في كل أعمالكم ومزاعمكم وصراخكم بان الحكم للأقوى في طائفته وهم في الحقيقة مليشيا الطائفة. ادعيتم العمل لحقوق الطوائف فخربتم الطوائف وأهلها. ابتدعتم ديمقراطية التوافق وأنتم متصارعون فيما بينكم على المكاسب والمناصب والمحاصصة. ابتدعتم القوة الحزب القوي والرئيس القوي ولبنان لم يرَ عهودا وسلطة اسوأ وأقبح وأقذر مما يعيشه اليوم منذ ان أعلنت دولة لبنان الكبير، حكام فاشلون بكل المقاييس وبشهادة رؤساء دول عظمى ومؤسسات دولية عريقة، وصار لبنان الذي تغنّى به العرب وكثير من بلاد العالم موطن المخدرات بأصنافها ونقطة التهريب وتجمع المرتزقة من دول عدة.

منكم يا أصحاب السلطة والتسلط من فَقدَ عقله وراح يخبط خبط عشواء ومنكم من أخذته العزّة بالاثم فأنزل بالشعب الطيب جرائم غير مسبوقة ومنكم من أصيب بفلتان الأعصاب وعمى الأعين على قاعدة: أنا أعمى ما بشوف أنا ضارب الرؤوس، ومنكم من أراد أن يكون حجاج العراق يرى رؤوسا أينعت وحان قطافها ويتناسى رؤوس حاشيته.

هذه العصفورية القائمة قد لامست كل أحزاب لبنان وكثير من قياداتها ومحازبيها وهم جميعا سواء بالفشل الخطير والممرات الإلزامية التي ابتدعها وصولا للسلطة والتسلط وقهر الشعب وإذلال وافقاره وتجويعة وتفجير مرفئه ومنشآته.

الشعب اللبناني يصرخ، ماذا فعلتم بلبنان الوطن والشعب والقيم والحضارة. توالت عليكم النصائح من العالم المتقدم رفضتوها والتحذيرات بالانهيار المالي والاقتصادي والمؤسسات لكن لا حياة لمن تنادي. لذلك كله أقول للبنانيين ولنفسي كفى كتابة عن الأسباب والمسببات والحيثيات لننتقل للكيفيات ولكل ما يساهم في إعادة بناء لبنان من جديد وليذهبوا هم وأفعاله وما فعلوه بالبلاد والعباد إلى مزبلة التاريخ.

أيها اللبنانيون عليكم وحدكم تقع مسؤولية تحرير وطنكم ممن أوصل البلاد والعباد الى هذه الكوارث المتلاحقة والمآسي المتكررة لينهض منكم المفكرون والمثقفون وأساتذة وطلاب الجامعات والصحفيون، وزوّدوا وطنكم بالعلم النافع والرأي الصائب ببرامج العمل والنهوض والابداع الوطني والانساني وأطلقوا طاقات وابداعات شعبكم وعودوا به الى سابق عهده المزدهر في الخمسينات والستينات ومنتصف السبعينات من القرن الماضي والذي هو العصر الذهبي ولبنان يا قطعة سما أنتم أيها اللبنانيون أصحاب المصلحة الحقيقية بإعادة بناء الوطن وحمايته وتعزيز حريته وتحرره وسيادته واستقلاله وتصحيح مساره مع اخوانه العرب وأصدقائه من شعوب ودول العالم.

شعب لبنان هو مادة النهوض الوطني والإصلاح والبناء والعمران. لن يكون لبنان جهنم وبئس المصير ربما هذا لبنانهم والإناء ينضح بما هو فيه. لبناننا هو وطن النجوم، والأخضر الحلو ووطن الرسالة والمجد والخلود لا وطن العصفورية الهوجاء، وطن البقاء الى أن يرث الله تعالى الأرض وما عليها ولن يكون وطن الزوال والاضمحلال والغلمان.

ان حب الوطن من الإيمان وشعب لبنان يعشق وطنه ولا يرضى بديلا عنه أبدا أبدا.

المصدر : اللواء